"يوديك البحر ويجيبك عطشان" ينطبق هذا المثل الشعبي بجدارة على حالة كل من محمد حازم صلاح أبو اسماعيل، ومرتضى منصور، فكلاهما "يمشي المراكب على الرمل" في الأحوال العادية، ولكن حين يتعلق الأمر بهما، تصبح المهارة والإلمام بالتخصص سلاح في اليد .."يا واخد قوتي يا ناوي على موتي"، هل تباع المياه في حارة السقايين؟ كلا الرجلين مشهود له بالكفاءة والبراعة في مجاله، و هما بطلي اثنين من أكبر المعارك القانونية في تاريخ مصر، كل الأطراف تتبارى في إثبات كفاءتها ودرايتها ومهارتها خلالها، محمد حازم صلاح أبو إسماعيل محمد عبد الرحيم رجل قانون مصري ومتحدث في الفكر الإسلامي والشؤون السياسية، له دراسات دستورية وقانونية، وأبحاث تخصصية في علوم التربية والإدارة والاقتصاد على مدى 25 سنة، فضلاً عن العلوم الشرعية، وهو عضو مجلس نقابة المحامين المصرية ضمن «لجنة الشريعة» الممثلة للإخوان المسلمين في النقابة، ومرشح سابق لانتخابات مجلس الشعب، ومستبعد حالي من انتخابات رئاسة الجمهورية. قضيته مع انتخابات الرئاسة، تتماس تماما مع مجال تخصصه، فهو يعمل محام بالنقض، وصاحب مكتب محاماة بوسط القاهرة، له مرافعات في قضايا شهيرة منها المحاكمات العسكرية للإخوان المسلمين فضلا عن تخصصه في قضايا النقض بصفة خاصة، وله مؤلف قانوني في أصول الدفاع في القضايا وطعون دستورية متعددة قضي بها، أي أن ما جرى يدخل في صميم عمله، وقد أتقن الرد إلى حد كبير، ورغم أن لجنة انتخابات الرئاسة استبعدته ضمن 10 مرشحين، ورفضت طعنه، لم ييأس عكس باقي المرشحين المستبعدين، وأخذ يفند الأمر على طريقته، أما قرار اللجنة باستبعاده، فقد وصفه بأنه يصادم الحكم القضائى الذي قضى بأحقيته، و يخرق أساسيات الدولة والبنيان الدستورى بشكل رهيب، حتي السفيرة المصرية وفاء بسيم التى وقعت الأوراق المرسلة إلى لجنة الإنتخابات، قال إنها جزء من حملة ترشيح عمر سليمان للرئاسة و إحدى الموقعات على بيان مطالبته بالترشح . أبو اسماعيل الذي سبق و نجح في تغيير إثنين من مباديء محكمة النقض نتيجة لمرافعاته البارعة، والذي يشارك أيضا في المحاكم العرفية بين المواطنين، يتحدث ويخوض المعركة بقوة، وقد أكد بثقة أنه سيحصل على حكم قضائى يثبت أن لجنة الإنتخابات تدعى على المستندات التى تزعمها بشأنه، و أنها بهذا الزعم تكون قد أرتكبت تزويرا و إدعائا باطلا أدى إلى قرار الإستبعاد الباطل، وأنه سوف يلاحقهم فردا فردا بهذا الحكم دون سواه . أشهر من نار على علم، يمكن القول أن مرتضى منصور المحامي الأشهر الذي عرفته مصر خلال القرن الأخير نظرا إلى كثرة القضايا التي أقامها، وإثارته للجدل في الإعلام، اشتهر بالسيديهات التي يمسكها على خصومه، وبالمستندات التي لا يتحدث إلا وهي في يده، تخرج في كلية الحقوق، و عين بالقضاء ، هو وكيل مؤسسي حزب مصر الحرة، وقد ترشّح لانتخابات الرئاسة المصرية 2012 عن حزب مصر القومي، تخصص في الصدام مع كبار مسئولي الدولة، وقف عام 1971 في وجه سيد مرعي أمين عام اللجنة المركزية يقول: إزاى الأفنديه كبار القاده في بلدنا يفكرّوا في تحضير الأرواح وسؤالها عن التوقيت المناسب للحرب!" فتم سجنه شهرا، لم يستجب خلال عمله في النيابة إلى الضغوط التي تعرض لها في بعض القضايا للإفراج عن المسجونين، حين رأى فيلم "الأفوكاتو " أصدر وقتها حكما صادما بحبس كل من رأفت الميهى ويوسف شاهين سنة مع الشغل وكفالة عشرة آلاف جنيه لإيقاف التنفيذ، مضيفا إليهم عادل إمام، ولا ينسى الجمهور المعركة الساخنة بينه وبين أحمد شوبير في واقعة السي دي الشهير. "الخوف نص الشطارة" مثل لا يعمل به مرتضى منصور، وقد تابع الجميع مؤخرا تفاصيل هروبه من أمر الضبط والإحضار الذي كانت وزارة الداخلية تسعى لتنفيذه، عقب حصار استمر لأكثر من 7 أيام عادت قوات الأمن بخفي حنين، يا مولاي كما خلقتني، قد يتصور البعض أن تلك المطارادت كانت لتورطه في مشكلة إضافية، وأن وقوف الأمن وحصاره لبيت المذكور لن يذهب سدى، لكن ما لا يعلمه البعض أن إلمام الرجل بالقانون جعله يهرب من أمر الضبط والإحضار دون أن يترتب على ذلك أي عقوبات، بل وخرج على القنوات يتحدث عن موقفه ويدافع عن نفسه ما أعطى للمشاهدين إيحاء بأنه الرجل الخارق الذي يقف فوق القانون، تحاصر قوات الأمن بيته من جهة، ويشاهد التلفزيون ويجري المداخلات من جهة أخرى. على طريقة خالف تعرف طالب دفاع مرتضى منصور برد هيئة المحكمة برئاسة المستشار حسن عبد الله، في بداية الجلسة السادسة لمحاكمة موقعة الجمل المتهم فيها مرتضي بالتحريض، ما دفع رجب هلال حميدة إلى الانخراط في نوبة بكاء شديد داخل القفص، وقال: "أتمسك بهذه المحكمة"، كما رفض معظم المتهمين طلب دفاع مرتضى منصور، الذي غاب عن الجلسة بينما حضر كل المتهمين. تعليقا على الحالة القانونية الفريدة التي يعشها كلا من مرتضى وأبو اسماعيل، قال المستشار عمرو جمعة، نائب رئيس مجلس الدولة: فيما يتعلق بانتخابات الرئاسة، فاللجنة هي المسئولة عن التعامل مع أبو اسماعيل، وبالإمكان تطبيق عقوبة التوقيع على إقرار غير صحيح، فقد وقع على أوراق رسمية تفيد بان والدته مصرية، وقد أعلنت اللجنة أنها حاصلة علي جنسية امريكية، وعليه يمكن للجنة ان تحيل المسألة للنيابة. وتابع: أما فيما يتعلق بمرتضى منصور، فلا يترتب على هروبه الحالي شيء، لأن الأوراق تقول أن جهة الشرطة هي التي عجزت عن ضبطه وإحضاره، وقد تناهى إلى معلومات غير مؤكدة تفيد بأن زوج ابنته –وهو قاض- عرض على الشرطة الدخول إلى شقته وتفتيشها، وبإمكان مرتضى منصور أن يقول ببساطة أنه لم يكن هاربا، ولا يعرف عن أمر الضبط شيء، المشكلة هنا مشكلة الشرطة وليست مشكلته.