ميثاق الشرف الإعلامى هو: الصدق - الدقة - المصدر المعلوم لا المصدر المجهّل - الجمال لا القبح - السلام لا العنف - العفة فى الصورة والصوت لا الفحش فى الكلمة والصورة - عدم التعرض لما يسىء لأى دين - عدم التعرض لثوابت الوطن - تفعيل التشريعات الإعلامية القانونية التى ترسّخ هذه المبادئ وتحميها بالقانون- أن يعود تدريس مادة التشريعات الإعلامية فى كليات الإعلام إلى أساتذة القانون وليس أساتذة الصحافة؛ حتى يفهم الطلاب المناط بهم أن يكونوا إعلاميى المستقبل أن مخالفات هذه التشريعات من شأنها أن يكون مجالها التالى محاكم الجنح، وربما الجنايات. ما أحوجنا إلى ميثاق الشرف الإعلامى، وما أضيعنا من غيابه، إنه بحق المحك الذى عليه سوف نعرف ونفهم الإعلامى من غير الإعلامى، والمهنى من العبثى، وذا الضمير الحى من ذى الضمير الغائب، إنه الضوء الكاشف لكثير من العورات الإعلامية الفجة والمهازل الثقافية الغثة، عن طريقه وبواسطته سوف نعود مجتمعاً جاداً حقيقياً منطقياً، وليس مجتمعاً عبثياً سفيهاً وهمياً، عندما يعود ويحيا سوف تشرق وجوه صادقة ناصعة، نوافذ مفتوحة على الغد السعيد، وتغيب وجوه كاذبة مخادعة هى حوائط مسمطة على يأس عنيد، سوف نسمع أصواتاً نبراتها إلهام بالحياة، وتسكت أصوات نبراتها زيف وهرج ومرج وباب لموت الأوطان. نعم نريد ميثاق الشرف الإعلامى ونريد تحقيقه واقعاً حياً فى دنيا الإعلام لا نصوصاً مكتوبة ومواد محددة ومرصودة لا تجد سبيلاً إلى الشاشات والميكروفونات، نريد مجتمعاً مصرياً حقيقياً خالصاً نفرزه من بين صخب العولمة الممقوتة، نريده درعاً وسلاحاً بتاراً فى معركة الحضارات الشرسة، نريد أن تعود مصر قادرة على تمصير الوافد والقادم والغازى، نريد أن يشفى الوطن العزيز، الكبير، العريق، من ضعف المناعة الثقافى الذى سكن خلاياه فى العقد الأخير، فميثاق الشرف الإعلامى هو الدواء الناجع لهذا الإيدز الثقافى الذى ألمّ بمجتمعنا. نأمل أن تعكف عليه، وعلى تحديد وسائل تفعيله، ضمائر مصرية خالصة وعروق تسرى فيها دماء مصرية أصيلة لا تقبل مدداً من فصائل أخرى. آه كم أتشوق لذلك الزمن الذى أرى فيه مصر التى عشقت، والمجتمع الذى أحببت، والقيم التى آمنت وانتميت، وأن يعود كل إلى موقعه الحقيقى، وتعود الهامات الثقافية الرفيعة تمثل وطنها الحبيب فى كل حين. كان قرار إغلاق عدد من القنوات، التى سميت تجاوزاً فجاً بالقنوات الدينية، قراراً صائباً فى اعتقادى، لكن عدالته لم تكتمل لأنها اقتصرت على هذه القنوات ولم تمتد إلى أخرى مثل «الفراعين» وما يدور على شاشتها من هوس لهذا العكاشة أو قناة ميلودى أفلام وما كان يحدث فى تنويهاتها الممقوتة من تجاوزات فنية وأخلاقية فجة. لا أظن أن مستقبلاً جاداً وصادقاً من شأنه أن يستوعب هذه النماذج المتدنية بين جنباته الإعلامية والثقافية، إن الحديث عبر الشاشات والميكروفونات عليه مسئولية كبيرة وعميقة، ومن لا يشعر بها، أو لا يكترث بتبعاتها، فينبغى إبعاده فوراً، فالسلم الاجتماعى لا يتهدد عبر التشدد الدينى فقط، أو الخلط العمدى بين السياسة والدين، وإنما أيضاً يهتز كثيراً من الانحدار الأخلاقى والتفريط المتجاوز لكل القيم الدينية والمواثيق الاجتماعية، فالقاعدة تقول لا إفراط ولا تفريط، فها قد اتخذتم مجموعة من الإجراءات الناجعة السديدة نحو الإفراط، فلماذا لا تتخذون مثلها مع التفريط؟ إننا ينبغى أن ننتبه إلى أن التطرف ينشأ دائماً وليداً لتطرف مضاد تطبيقاً للقاعدة الرياضية (كل فعل له رد فعل مساوٍ له فى المقدار ومضاد له فى الاتجاه)، وكل الأفكار المتشددة والمتشنجة عبر التاريخ الإسلامى نشأت فى عصور ومراحل تاريخية عجت بالانحرافات والتجاوزات الأخلاقية والدينية، ومن هنا يأتى المتشددون ليصوروا لأنفسهم أنهم وصاة على تلك المجتمعات وأنهم ينبغى عليهم أن يردوها عنوة إلى ثوابتها الدينية، لكن المجتمعات الجادة، الرشيدة، المحافظة، لا يمكن لأى مهووس أو مدعٍ أن يحاول فرض أفكار أو معتقدات شاذة على أصحابها. إن ميثاق الشرف الإعلامى عنوان مهم ودليل ينبغى أن نستدل به على طريقنا فى المستقبل القريب والبعيد.