رجل أربعينى يحمل صندوقاً زجاجياً ويقف فى إشارات القاهرة الباردة شتاءً، الملتهبة صيفاً، وينادى فريسكا.. الفريسكا.. حين تسمعه أول مرة تندهش وتنظر حولك وتتساءل أين أنا؟ وهل تحول مترو التحرير إلى ترام الأنفوشى؟وهل حل كورنيش النيل محل شط الهوى «شط إسكندرية». اسمه جابر، والاسم يختصر «سكندرانيته». ابتسامة الرضا التى تملأ وجهه تعبر عن رضاه عن هذا الشقاء الذى يكابده. «إسكندرية فى الشتا فاضية، مفيش شغل، قلت المصراوية بيحبوا «الفريسكا» أجيبها لهم، لحد عندهم». هكذا رأى عم جابر الذى أصر على أن أتذوق «الفريسكا» قبل أى سؤال، مؤكداً أنها من صنع إيديه «نظيفة والله». ترك أولاده الثلاثة مع أهله فى الإسكندرية، وجاء يحرقه الشوق إليهم. يقول: «أعمل إيه، وحشونى جداً لكن أكل العيش». عم جابر يبيع الفريسكا فى القاهرة منذ هذا الشتاء فقط، لكن هناك حوالى 13 من زملائه بائعى الفريسكا يجوبون شوارع القاهرة شتاءً منذ ثلاث سنوات. من كورنيش النيل إلى التحرير، ثم الدقى وشارع جامعة الدول العربية. وفى النهاية يدخل إلى مترو الأنفاق ليستريح قليلاً، ويعرض بضاعته على ركاب المترو متنقلاً من عربة إلى أخرى، مؤكداً أن «الرزق يحب الخفية« و«اسعى يا عبد وأنا أسعى معاك» هى الحكمة التى يؤمن بها وخصوصاً بعد فقده لرأس ماله بعد الثورة وضاع منه المحل الذى كان يعتمد عليه فى الشتاء لكنه ناوى يفتح محل فى مصر يكون مقراً دائماً لبيع الفريسكا والحواوشى الإسكندرانى. عم جابر أصبح حالياً «فلكلور شعبى» يطلب فى الحفلات الخاصة، كجزء من برنامجها. يقول: «أنا وزمايلى بننطلب فى الحفلات بتاعة الكبار، بنبقى فلكلور، نلف على الترابيزات بالفريسكا والعرقسوس والسودانى. وأهى بتُرزق.. ربنا ما بينساش حد».