"السكوت علامة الرضا " هكذا استقر عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر على أن السكوت عن التحرش أمر سيدفع المسألة للتفاقم وعليه قرروا اتخاذ عدة مواقف واضحة ورادعة، بعضها كان على أرض الواقع، تحديدا في شارع المهراني بالضاهر، حيث تم التحرش بنانسي الخطيب، في عز الظهر ولم يحرك أحد من الموجودين في الشارع وقتها ساكنا، وحين حاولت الفتاة أن تدافع عن نفسها تعرضت لضرب مبرح من المتحرش حتى أصيبت بارتجاج في المخ، وحين ذهبت لتحرير محضر بالواقعة شهد الجميع أنهم لا يعرفونه. خمسة من أصدقاء نانسي لم يرتضوا أن يتم تسجيل الواقعة ضد مجهول، فذهبوا إلى الشارع، أمام محل الأدوات الصحية الذي جرى التحرش أمامه، كتبوا على الجدران "الشارع لنانسي مش للتحرش الجنسي" ثم رسموا دائرة كبيرة على الأرض توسطتها عبارة: "احذري منطقة تحرش جنسي"، ورغم غضب الأهالي وضربهم الشباب وإحداث إصابات ب "جين" إحدى المشاركات في كتابة الجرافيتي، لكنهم لم ييأسوا، وقرروا العثور على المتحرش بطريقتهم، عبر إطلاق صفحة على موقع الفيس بوك تدعو إلى الذهاب يوميا إلى الموقع ذاته، والكتابة على الجدران حتى يستجيب الأهالي ويسلمون المتحرش أو يرشدون إليه. الوسائل الشعبية أصبحت البديل العملي لمواجهة ظاهرة التحرش، ورغم أن الجهود مشتتة، والمحاولات متناثرة، لكن دائرة الرفض والمقاومة تتسع، "تجريس" المتحرش والمنطقة التي تشهد الحادث أصبح مطروحا بقوة، كذلك التحايل على القانون، عبر إيجاد أسلحة لا تشكل حيازتها جريمة، تبدأ بإبرة الكانفا، ولا تنتهي بمسمار عشرة وهو ما تم شرحه بالتفصيل عبر فيديو أعده مجهول يشرح للفتيات كيفية الدفاع عن أنفسهن. البوح الحر وتناقل التجارب والخبرات، واحدة من أبرز وأحدث الوسائل في هذا الصدد، شيرين ثابت، الطالبة بكلية الفنون الجميلة تجرأت وكتبت "نوت" عن أوصاف المتحرش، وحال المتحرش بهن، في مقال طويل بعنوان "موقع إباحي" انتشر بسرعة البرق عبر الإنترنت، وبعد قراءته أصبح معروفا لمن لا يعرف أن التحرش في الشارع و الجامعة والفيسبوك و تويتر و التليفون و الموبايل، وأن سن المتحرش يبدأ من 12 سنة لاعلي، وأنه من العادي جداً أن يضرب المتحرّش الفتاة على مؤخرتها في وسط الشارع متخذاً في ذلك تامر حسني قدوة ثم يضحك و يجري..! وإذا شتمته الفتاة أو سبته لامها الناس وقالوا عنها"مش متربية"، ولا فارق في التحرش بين سافرة أو محجبة أو منقبة، الكل فريسة،و التحرش الجنسي وصل لمرحلة تتحرش فيها البنات بالأولاد. تامر عبد العزيز شاب آخر قرر الاعتراف ردا على شيرين وقال: "نعم أنا متحرش، وقررت أبطل" وبدأ بدوره يدون معلوماته عن التحرش لمن لا يعلمها منها أن مجرد السكوت عن التحرش واكتفاء البعض بالمشاهدة، هو تحرش في حد ذاته، وأن اختلاس النظر أو تعمد إطالته لفتاة يعتبر تحرش. تامر أراد أن يؤكد أن التحرش ليس كلمة أو احتكاك أو عنف، التحرش قد يكون بالعين. حلول التحرش المؤقتة على تويتر وفيس بوك لا تنتهي، للبنات يمكن استخدام الإسبراي الأحمر، كوسيلة لتمييز المتحرش، دبوس، كاتر، مقص، مفاتيح، زجاجة عطر، محلول فلفل مع الميه أو الخل في بخاخة. نفسية المتحرش أصبحت محل دراسة ونقاش، فهو كما خلص كثيرون عبر تعليقاتهم جبناء، سيخيفهم أن تدب الفتاة بقدمها في الأرض، وتمشي بتحد وثقة، فالمتحرش كالكلب يجري خلف الخائفين فقط. النصايح لا تنتهي والكل يساهم، والمقاومة لا تتوقف عند حدود المعلومات فثمة موقع "هاراس ماب" الذي يقدم خريطة للتحرش الجنسي، وأكثر الأماكن التي تتعرض فيها الفتيات للتحرش، أيضا موقع: اتكلمي الذي تجد عليه مئات الحكايات عن التحرش وعن الكيفية التي تصرفت بها الفتيات في هذه المواقف.