شيّع المئات من أبناء قرية منشأة الحج، بمركز إهناسيا، عصر أمس السبت، جنازة الشاب على سيد عبدالعظيم، الذى لقى حتفه متأثراً بإصابات بالغة نتيجة إصابته خلال محاولة الاغتيال الفاشلة التى تعرض لها وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، الخميس الماضى، ووسط نحيب وبكاء أقاربه وأهالى القرية، تم تشييع الجثمان لمثواه الأخير فى مقابر أسرته بالقرية. أسرته فوجئت بالخبر الذى وقع عليها كالصاعقة بعد أن سمعته عبر وسائل الإعلام المختلفة، وتحدث الحاج سيد عبدالعظيم عبدالوهاب، ناعيا نجله ذا ال30 عاماً، الذى كان يعمل «كهربائى منازل»، بعزبة الهجانة بالقاهرة، وتقيم زوجته وابنه «آدم» ذو العام ونصف العام بالقرية، مؤكدا أن ابنه ليس له أى انتماء سياسى أو حزبى، ولقمة عيشه هى شغله الشاغل، يذهب لعمله صباحا ويعود فى المساء لمسكنه ويتردد على القرية مرتين شهريا، وقال: «لا أطلب مالا من أحد؛ لأنهم مهما أعطونى من مال، فلن يعوضونى عن ابنى فلذة كبدى، لكنى أطالب ولاة أمورنا بألا يتركوا دماء أبنائنا تضيع هدرا». رجب سيد عبدالعظيم، الذى يبلغ من العمر 22 عاما، شقيق «على»، حكى قائلاً: «استيقظت صباح الحادث على تليفون شقيقى الأكبر هشام، الذى يقيم بالقاهرة، ويصرخ فزعا ويقول: أصيب شقيقك.. أخوك مالهوش ذنب.. إحنا طالعين على أكل عيشنا»، فاستقللت دراجة بخارية للسفر إليهما، ومنعنا الأمن من المرور بالشارع الذى وقع فيه الانفجار، وأخبرنا الأهالى أن هناك حادثا إرهابيا وقع منذ ساعات وراح ضحيته الكثير من الأبرياء. وتابع: عندما وصلنا إلى قسم الاستقبال بمستشفى مدينة نصر، أخبرنا «هشام» بأن «على» قد أصيب فى حادث محاولة اغتيال وزير الداخلية خلال مروره من أمام مسكن الوزير متجها لمحل «المكوجى» ليأخذ «عدة الشغل» ليستكمل عمله فى إحدى الشقق القريبة من موقع الحادث، وأنه الآن داخل غرفة العناية المركزة فى محاولة لإنقاذ حياته. وأشار «رجب» إلى أن «إدارة المستشفى منعتهم من رؤية أخيه إلا بعد مرور 6 ساعات، وعندما دخلوا عليه غرفة العناية وجدوه فى حالة غيبوبة تامة، وفى السابعة مساءً أصر مسئولو الأمن بالمستشفى على خروجهم لانتهاء مواعيد الزيارة، وقال: «عدنا صباح السبت أنا ووالدى الذى حضر وأشقائى وأهل قريتنا للاطمئنان عليه لنجده قد فارق الحياة، وفشل أطباء المستشفى فى إنقاذه، بعد محاولات مضنية، إلا أن روحه الطاهرة كانت قد فاضت إلى بارئها». من جهته، أكد الحاج على نبيل، عمدة قرية منشأة الحج، أن «على» ووالده وأشقاءه الأربعة يتمتعون بسمعة وسيرة طيبة فى القرية، وليس لهم أى انتماء سياسى أو حزبى، وهم أسرة بسيطة جدا لا يشغلها فى الحياة سوى تربية الأبناء والبحث عن لقمة العيش الكريمة. بينما قال محمد عبدالله، 29 عاماً، من أبناء القرية المكلومة: «إننا ننعى أخلاق هذا الشاب الذى سافر إلى القاهرة بعد أن ضاقت به سبل الحياة الكريمة فى بلدته، وبعد أن تزوج ورزقه الله نجله، قرر الذهاب إلى هناك ليستأجر شقة فى عزبة الهجانة ليمارس عمله فى كهرباء المنازل؛ حيث استطاع خلال فترة وجيزة أن يكتسب سمعة طيبة بسبب إتقانه العمل وتقواه لربه، ما دفع المئات من المواطنين من أبناء مدينة نصر إلى التعامل معه، ومنهم مشاهير المجتمع، الذين كانوا يحتفظون برقم هاتفه ويتصلون به لإصلاح الأعطال الكهربائية وعمل التوصيلات فى شققهم، ما أكسبه محبة الكثيرين الذين فوجئنا بهم يتصلون بنا ويستفسرون عن صحته، بعد علمهم بنبأ إصابته إثر الحادث الأليم». كما أشار محمود عبدالتواب، من أصدقاء الشهيد، إلى أنه فى صدمة منذ سماعه الخبر الذى وقع عليه وعلى أصدقائه كالصاعقة؛ حيث كان الشهيد يسير فى الشارع متوجها إلى محل المكوجى الذى يعمل به شقيقه، ليحصل على عدة العمل وليبدأ يوما جديدا يحصل فيه رزقه ورزق زوجته ونجله، وليعود إلى قريته. وأشار عدد من جيرانه إلى أن الفقيد كان طيب القلب عطوفا على المحتاجين من أبناء القرية رغم ضآلة دخله الذى كان يتحصل عليه من عمله بالقاهرة، مؤكدين أنه كان أيضا يشارك فى مناسبات أهل القرية، مطالبين المسئولين بالدولة بسرعة التحقيق فى الحادث وتقديم الجناة للمحاكمة؛ لأن هذا فحسب هو ما سيدفع بهم للهدوء، وحتى لا يضيع دمه هدرا، وحتى يشعر أهله أن الدولة لم تتخلّ عنهم أو تقف إلى جوارهم فى مصابهم الأليم، من خلال سرعة صرف التعويض لأسرته المكلومة بفقد واحد من أفضل شباب القرية علما وخلقا ودينا. كان على سيد عبدالعظيم، 30 عاما، كهربائى، قد أصيب أثناء مروره بشارع مصطفى النحاس بمدينة نصر، خلال الاعتداء على موكب وزير الداخلية صباح الخميس، وتم نقله إلى مستشفى التأمين الصحى، وفشلت محاولات أطباء المستشفى لإنقاذه ليلقى مصرعه صباح أمس الأول الجمعة متأثرا بجراحه؛ حيث بدأت الأسرة فى اتخاذ إجراءات استخراج تصريح النائب العام بدفن الجثمان، ليصلى عليه بأحد المساجد بالقاهرة بالقرب من مشرحة زينهم، ليدفن فى مقابر أسرته بالقرية وسط دموع ونحيب أبناء القرية الذين نعوا فيه الأخلاق الكريمة وحسن العشرة.