مع اقتراب بدء موسم حصد القصب في محافظة قنا، اشتد غضب المزارعين لتجاهل الحكومة مطلبهم برفع سعر طن القصب إلى 1000 جنيه، بعد زيادة مستلزمات الإنتاج خلال الفترات السابقة، معلنين عبر نقابة مزارعي القصب وجمعياتهم على مستوى المحافظة رفض توريد المحصول الجديد إلا بعد الاستجابة لمطلبهم برفع السعر. عبدالرحيم مبارك، أحد مزارعي القصب في دشنا، أكد أن زراعة القصب باتت عبئا على المزارعين بعد زيادة أسعار المحروقات من سولار وزيوت وأسمدة من قبل الحكومة دون توجيه دعم للمزارع"، موضحًا أن أغلب المزارعين لا يمتلكون نفقات تكلفة الإنتاج، ويضطرون لاستدانتها إما من البنوك أو الأشخاص المقربين منهم، واتفق معه صديق همامي، محام مكلف بمباشرة زراعات القصب من قبل والده بقرية "الحلفاية البحري" التابعة لمركز نجع حمادي. وأشار إلى أن الحكومة لا تريد رفع سعر الطن، والدليل على ذلك إجبارها لبعض المصانع على الإعلان عن بدء الموسم في 5 يناير لمماطلة المزارعين، إلا أنها ستفاجئ الفلاح بفتح المصانع لاستقبال محصول القصب في نهاية ديسمبر الجاري، لتضع المزارعين أمام الأمر الواقع، وتجبرهم على التوريد بالسعر القديم أو استيراد السكر من الخارج. وأضاف أن المزارعين اتخذوا قرارا شبه جماعي بعدم التوريد حال عدم إعلان الحكومة رفع سعر طن القصب وإصلاح خطوط "الديكوفيل"، لتخفيف العبء على المزارع في شحن المحصول، وكشف عن أن فدان القصب يكلف المزارع ما بين 24 ألف إلى 36 ألف جنيه حتى توريده للمصنع في حين أن إنتاجية الفدان لا تتجاوز 40 طنًا بقيمة 24 ألفا و800 جنيه وفق السعر الحالي وهو 620 جنيها للطن. وأوضح أن المزارع ليس الوحيد الذي ينتظر رفع الأسعار، فعمال اليومية الذين يحصدون القصب أيضا ينتظرون هذا القرار لزيادة أجرهم اليوم، فهم يشكون من ضعف الأجر الذي لا يكفي تكاليف معيشة يومية، وعندما يطلبون زيادة من المزارع يرفض لعدم وجود ربح بسبب تدني سعر توريد الطن للمصانع، مشيرا إلى أن الأراضي الزراعية ارتفعت أسعارها بعد تعويم الجنيه إلى 300 ألف جنيه، إذا ما أودعها المزارع في أحد البنوك ستعود عليه بفائدة أكبر من مكاسب زراعة القصب، فهناك مواطنون باعوا أرضهم وأودعوا قيمتها في البنك لعدم جدوى الزراعة اقتصاديا. مختار فكار، نقيب مزارعي القصب بمحافظة قنا، قال إن النقابة تحركت في هذا الشأن، وقدمت مذكرة لوزير الزراعة لرفع سعر طن القصب والمحاصيل السكرية، وإن المزارعين في نجع حمادي وغيرهم من المراكز بدأوا بيع محصول القصب إلى عصارات القصب، فكل عام تزداد المساحات التي تستحوذ عليها العصارات التي تنتج العسل الأسود عن العام الماضي، والتي وصلت نسبتها إلى 8% من المساحات المنزرعة، ما أثر على الكميات الموردة للمصانع وتراجع الكميات بنسبة 300 ألف طن في مصانع قنا، حيث تشتري العصارات قيراط القصب ب1200 جنيه دون تحميل المزارع أي تكلفة مثل الحصاد والنقل. يوسف عبدالراضي رئيس جمعية منتجي القصب في قنا، أكد أن أعضاء الجمعية من كبار المزارعين وعمد ومشايخ القرى والنجوع بمراكز المحافظة ناقشوا في اجتماعهم الأخير تأخر الحكومة في تسعير طن القصب للموسم الجديد. وأضاف أن 500 مزارع ممن حضروا الاجتماع قرروا الامتناع عن توريد المحصول هذا العام إلا بعد إعلان الحكومة عن سعر الطن الجديد الذي أجمع عليه المزارعين اليوم 1000 جنيه للطن، وطالب الجمعية والمزارعين بتغيير بنود العقود المبرمة منذ 60 عامًا. كما طالب المصانع برد الطينة التي تذهب فيه "كعروب عود القصب"، لأنها تمثل لهم تربة خصبة، موضحًا أن المصانع تبيع النقلة الواحدة ب700 جنيه، والمزارع لا يمكنه الحصول عليها لتخصيب أرضه. وكشف رئيس الجمعية، عن إعداد مذكرة للمطالبة برفع سعر الطن إلى 850 جنيها لهذا الموسم، وتقديمها إلى رئيس مجلس النواب الذي رفعها بدوره إلى اللجنة الاقتصادية في المجلس للبت في الأمر، دون أن يكون هناك رد. فيما قال شلبي محمد عضو بالجمعية، إن الحكومة ممثلة في وزارتي الزراعة والتموين وشركة السكر تتلاعب بالمزارعين وتراوغهم، لعدم تحديد سعر عادل للمحصول، موضحا أن شركات السكر تتعنت مع المزارعين، وترفض إصلاح جميع خطوط شبكة السكة الحديد التي يطلق عليها خطوط "الديكوفيل" نظرا لتهالكها، الأمر الذي يزيد من تكاليف الإنتاج بإضافة تكلفة الشحن للمصانع. وأوضح بسام أبوعرابي المنسق العام لرابطة مزارعي القصب، أن مستلزمات الإنتاج التي تتحكم الحكومة في أسعارها وتتمثل في الوقود والأسمدة، رفعت أسعارها بنسبة 80%، فيما أكد النائب سيف نصر الدين الصافي عضو مجلس النواب عن دائرة دشنا والوقف، أنه تقدم بطلب إحاطة لرئيس المجلس وتم استدعاء وزير المالية والزراعة والري، واجتمعت مع اللجنة برئاسة النائب هشام الشعيني، وشرح معاناة مزارعي القصب بسبب زيادة أسعار مستلزمات الإنتاج. وتابع: "تحدثت عن المحصول الاستراتيجي المهدد بالقضاء عليه بسبب تعنت الحكومة التي ضيعت من قبل محصول القطن في الصعيد بسبب الإهمال، وطالبت بسعر 1000 جنيه للطن حتى يعيش المزارع حياة كريمة، وفي النهاية رفعت مذكرة حددت فيها سعر الطن ب850 جنيها إلى اللجنة الاقتصادية للموافقة عليها من قبل رئيس مجلس الوزراء في القريب العاجل".