علي الرغم من عدم بدء موسم عصر القصب داخل محافظة قنا التي تنتج أكثر من 60% من السكر نتيجة اتساع المساحات المنزرعة بالقصب. إلا أن المشهد هناك يوحي بعكس ذلك .. خاصة في مراكز شمال المحافظة. حيث بدأ المزارعون في حصاد القصب قبل الموعد المحدد بنهاية ديسمبر الجاري. ولكن ليس بهدف التوريد لشركات السكر ولكن لبيعه لعصارات القصب التي تشتري القيراط الواحد بنفس سعر الطن الذي يتم توريده للمصانع ولكن الفارق أن المزارع لا يتحمل أي مصاريف أو أعباء في حالة البيع للعصارات بعكس ما يحدث عند التوريد للشركات حيث يؤكد المزارعون أن النفقات تصل لأكثر من 2000 جنيه للفدان. بينما تتزايد الأرباح عند البيع للعصارات التي يبلغ عددها أكثر من 100 عصارة في أبوتشت ونجع حمادي فقط. الخطوة التي اتخذها المزارعون بمحافظة قنا. تأتي في أعقاب التجاهل التام لوزارتي الزراعة والتموين وشركة السكر. للمطالب الثمانية التي أعلنها المزارعون بقنا وأسوان في سلسلة من الإجتماعات التي عقدت علي مدار الأيام الماضية والتي كان أبرزها رفع سعر توريد الطن وتحمل الشركة لنفقات النقل وإلا فأن رد الفعل سيكون الإمتناع عن التوريد. ومع التزام الجهات الثلاث بالصمت وصم آذانها عن شكاوي المزارعين ومطالبهم كانت النتيجة التي حذرت منها "المساء" في متابعات سابقة وبدأ مزارعو القصب في بيع المحصول للعصارات لتحقيق أرباح تفوق أضعاف ما يتحقق في حالة الإنتظار للتوريد لمصانع السكر. يقول محمد يوسف البقيلي. إن عدد الأفدنة المباعة إلي عصارات القصب في أقل من شهر بمنطقة الإصلاح الزراعي ببخانس وصل إلي أكثر من 70 فدان. حيث يباع القيراط بسعر 500 جنيه ولا يتحمل المزارع أي أعباء أو نفقات فالعمالة ونقل المحصول يكون علي نفقة المشتري. وهذا يحقق لنا ربحا يفوق ما نحصل عليه من مصانع السكر التي حددت سعر الطن هذا العام 500 جنيه فقط رغم ما نتحمله من نفقات باهظة بداية من أسعار الأسمدة وأعمال الكسر وتشغيل عمالة يومية إلي جانب تحمل نفقات النقل علي حسابنا وفي النهاية تجد الأوزان التي يقدرها المصنع لا تتلاءم مع حجم حمولة المقطورة فقد تكون المقطورة محملة بأكثر من 15 طنًا وتجد المصنع يقدرها بثماني أطنان تزيد أو تنقص قليلا بحجة وجود شوائب وهذا يلحق بنا خسائر فادحة. أما أحمد منصور. مزارع. فقال قمت ببيع محصولي للعصارة بواقع 12 ألف جنيها للفدان سأقوم بسداد 2000 جنيه منها غرامة للإصلاح الزراعي لقيامي بحصاد المحصول ولكنها أفضل من تسول عربات الشركة أو نقلها علي حسابي والبحث عن عمالة وفي النهاية نبيع الطن للمصنع ب 500 جنيه. والصافي بعد خصم النفقات من أسعار سماد ومياه وسولار وعمالة ربما لا يتجاوز 1000 جنيه ولكن بعد البيع للعصارة أصبح الصافي 10 آلاف جنيه. وقال ممدوح برعي. إن تعسف الجهات المعنية ممثلة في وزارتي التموين والزراعة وشركات السكر في عدم التفاوض مع المزارعين ونقابتها لبحث المطالب التي تقدمنا بها من قبل والتي أبرزها رفع سعر التوريد إلي 800 جنيه سوف يؤدي إلي قيام عدد كبير من المزارعين لبيع المحصول للعصارات التي تنتشر في محافظة قنا ولن تجد الشركة قصب الخلفة الثالثة ولا الرابعة لبيعها للعصارات وخاصة بعد إعادة تشغيل كل العصارات المغلقة لارتفاع ثمن كيلو العسل الذي وصل إلي سعر يتراوح ما بين 8 - 10 جنيهات حسب جودته. ويقول محمد الطيب أبوالحمد. من كبار المزارعين. إن الزيادة الجديدة في سعر طن القصب كأنها لم تكن خاصة مع زيادة حجم التكلفة فهناك العديد من الأفدنة يتعرض محصولها للرقود نتيجة هبوب الرياح أثناء عملية الري فنجد معاناة في الكسر. ولهذا نضطر لتشغيل عمال وأصبح أجر الواحد منهم يتجاوز 70 جنيها في اليوم بالإضافة إلي أجر عمال الشحن وسائق الجرار الذي ينقل المحصول للمصنع وأجر "الجيمال " التي تنقل القصب من الأرض إلي مكان الجرار خاصة في الأراضي التي لا يوجد لها طريق للوصول إليها. بالإضافة تكلفة مياه الري ووقود الماكينات ففي الفترة الأخيرة كنا نحصل علي جركن السولار بأضعاف ثمنه ونتمني أن يصل سعر الطن إلي 100 جنيه حتي يستطيع الفدان أن يغطي تكلفته. ووصف سراج محمد أحمد. مزارع. الزيادة المقررة بالمنعدمة بعد ارتفاع التكاليف سواء المتعلقة بالعمالة أو غير ذلك. كما أننا نعاني أشد المعاناة من الأوزان حيث تجد أن مقطورة القصب لا يستطيع الجرار السير بها من ثقل حمولتها ونتوقع أن تزن 15 طنًا إلا أننا نفاجأ أن وزنها يتراوح ما بين 5 - 8 أطنان ولا يتعدي ذلك بأي حال من الأحوال. وكأن الزيادة التي تقرها الحكومة باليد اليمني تسلبها المصانع باليد اليسري. مطالبا بضرورة أن يكون هناك مندوب عن المزارعين لمراقبة الأوزان داخل المصانع لضمان عدم التلاعب بها. ويشكو علي العليقي. مزارع. من زيادة كمية الشوائب لدي توريدهم للمحصول إلي مصنع السكر فهذه الشوائب لا تخضع لأي حسابات دقيقة وإنما لأهواء القائمين علي تقدير الشوائب. فنسبة الشوائب تختلف من حمولة إلي أخري وبفارق كبير. فتجد حمولة وصلت الشوائب بها إلي 300 كيلو وفي أخري بلغت 250 كيلو بينما كشفت حمولة ثالثة عن وصولها إلي 280 كيلو فقط وهذه الشوائب عالية جدا ومبالغ فيها. مطالبا بضرورة وجود مندوب عن مزارعي كل منطقة لحضور عملية الوزن التي تتم في غياب تام للمزارعين. ويتم إرسال "البون" الخاص بالوزن مع سائق الجرار الذي نقل المحصول وتقدمنا بشكاوي عديدة إلي إدارة المصنع لتضررنا من عملية الوزن ولم يستجب لنا أحد. وقال حسن حزين. إن مصانع السكر لا تلتزم بتوفير وسائل لنقل محصول القصب إليها بعد سرقة خطوط الديكوفيل الخاصة بالقطارات التي كانت تنقل المحصول مما يجعل المزارع فريسة لأصحاب الجرارات الزراعية الذين يغالون في سعر نقل الطن إلي المصنع كل عام ويفرض السائق علي المزارع شروطه الخاصة. مؤكدا علي ضرورة أن تتحمل المصانع تكلفة نقل محصول القصب طبقاً للتعاقد المبرم بين المصنع والمزارعين وفي حالة عدم وجود خطوط ديكوفيل يتم تحمل المصنع لنصف تكلفة النقل. ويقول أحمد نظير حفني. مزارع. إن المزارعين في نقادة يعانون أشد المعاناة في نقل المحصول من نقادة غرب النيل إلي قوص شرق النيل نتيجة عدم وجود كوبري يربط بين البلدين وإنما يتم النقل من خلال العبارة النهرية وفقا لكارتة لكل مزارع ولحين أن يأتي الدور علي " الكارتة " قد يظل القصب داخل الحقول أو محملا علي الجرارات لعدة أيام يفقد خلالها الكثير من الوزن. ولابد من إيجاد حل عاجل بإنشاء كوبري يربط قوص بنقادة للقضاء علي المشكلة خاصة وأن المصنع لا يتحمل معنا أي مصاريف للنقل. بالإضافة إلي تعرض المحصول للسرقة أثناء توقف الجرارات في انتظار دورها للمرور بالعبارة النهرية. من جانبه أكد اللواء مختار فكار رئيس النقابة المستقلة لمزارعي القصب بقنا ل " المساء " أن المزارعين فقدوا الأمل في استجابة الحكومة لمطالبهم فاتجهوا لبيع المحصول للعصارات لأن هذا يحقق لهم مكاسب كبيرة لعدم تحملهم أي أعباء إضافية لنقل المحصول أو أجور عمالة فضلا عن رغبتهم في استغلال الأرض لزراعة القمح. وهذا ما حذرنا منه طيلة الشهر الماضي من رد فعل المزارعين علي تجاهل الحكومة للمطالب التي تم عرضها في عدة اجتماعات سابقة وبمختلف وسائل الإعلام والتي أكدت علي امتناعهم عن توريد المحصول لشركات السكر. ولكننا نري الحكومة تعيش في واد غير وادي المزارعين فهي التي صنعت الأزمة من البداية ورفضت التفاوض معنا وأغلق مسئولو وزارتي الزراعة والتموين وشركات السكر الأبواب أمامنا. ولا نعلم ما الذي يمكن أن يحدث من المزارعين إذا استمرت حالة التجاهل لحين بدء موسم العصر الجديد للقصب. وأكد أن تحديد سعر الطن ب 500 جنيه لا يتناسب بالمرة مع التكلفة الحقيقية للمحصول التي يتحملها المزارع ولابد من الاستجابة الفورية لمطلب المزارعين برفع السعر ل 800 جنيه حتي تتلاءم مع حجم ما تم إنفاقه في ظل ارتفاع الأسعار. وإن كانت ترفض تحمل نفقات النقل فعليها أن تبادر بإصلاح خطوط الديكوفيل التي تهالكت ولم تعد صالحة للإستخدام منذ أكثر من ثلاث سنوات. وأشار إلي أن إصرار الحكومة علي موقفها بتجاهل مطالب المزارعين سيزيد الأمور تعقيدا خاصة مع تمسك المزارعين بمطالبهم التي تتلخص في زيادة سعر الطن إلي 800 جنيه. وتعديل العقود المبرمة منذ 50 عاما بين المزارعين وشركة السكر. وتحميل المصانع تكاليف النقل. وعودة تبعية مصانع السكر لوزارة الاستثمار بدلا من وزارة التموين التي تتعامل مع مصانع السكر علي أنها مخازن تقوم بسحب أطنان السكر دون توريد المبالغ المستحقة مما يؤدي إلي تأخر صرف مستحقات المزارعين. بالإضافة إلي تحمل شركات السكر فوائد السلف لدي بنك التنمية والإئتمان الزراعي في حالة تأخر السداد عن يوم 30 مايو. و إعادة صرف مستلزمات السماد من بنك التنمية والائتمان الزراعي بدلا من الجمعيات التي تتلاعب في الحصص. ورفع منحة الري من 20 جنيهًا إلي 100 جنيه. أما أحمد أبوالوفا. نقيب الفلاحين بقنا. فقال ل " المساء " إن تجاهل الحكومة لمطالب مزارعي القصب بقنا وأسوان سيؤدي إلي نتائج سلبية علي زراعة المحصول القومي خاصة وأن محافظة قنا تنتج أكثر من 60% من السكر نتيجة رفض الحكومة زيادة سعر التوريد للطن وعدم مراعاة ظروف الفلاحين وارتفاع الأسعار. فهذا سيؤدي إلي تخلي المزارعين عن زراعة القصب في الموسم المقبل. وهذا يضر بالناتج القومي للسكر وأكثر من 25 صناعة أخري تقوم علي مخلفات القصب وكأن هناك من يتربص بالإقتصاد المصري من داخل الحكومة نفسها بالسعي لتدمير زراعة القصب. ولهذا لابد من تدخل فوري لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب لبحث مطالب المزارعين التي يتجاهلها مسئولو الزراعة والتموين وشركات السكر.