هو عنوان مقتبس من إحدى روايات الأستاذ إحسان عبدالقدوس أحد أهم أساتذة الصحافة والأدب فى مصر، وأقصد من هذا الاقتباس توضيح المساواة بيننا كمواطنين فى الحقوق والواجبات وإن اختلفت مناهجنا فى التفكير ووظائفنا فى الحياة. لو استحضرنا جميعا هذا المعنى وطبقناه تجاوزنا كثيرا من الأزمات بدل أن نقع فيها ثم تستخدم بعد ذلك وعلى نطاق واسع لتقسيم المجتمع طولاً وعرضاً. وكان الخلاف على قرار رئيس الجمهورية بعودة البرلمان أوضح مثال لهذا الأمر. ولو علمنا أنه قرار يمكن أن يوصف بالصواب أو بالخطأ وأنه قرار إدارى يمكن الطعن عليه أمام القضاء لوفرنا ساعات طوال للمناقشات الخلافية على صفحات الجرائد أو شاشات التلفزة ولأرحنا جماهير الشعب من الحيرة والارتباك، وقد كنت ببلدتى أحضر زفاف ابنة أخى وأقبل على المهنئون من كل اتجاه ولكل واحد منهم سؤال أو تعليق أو نصيحة أو اعتراض ونادراً ما وجه لى أحدهم كلمة التهنئة الواجبة لمثل هذه المناسبة إذ طغى الطوفان السياسى على ما عداه، ناهيك عن الرنين المستمر للهاتف المحمول ليحمل عبر الأثير نفس الاضطراب الذى أوقعت فيه الفضائيات وأنهار الصحف شعبنا الكريم. وهناك حقيقة يجب أن نتذكرها فى هذا المجال وهى أن شعبنا المصرى يريد الاستقرار بكل معانيه ومنه فى هذه الآونة الاستقرار النفسى الذى اهتز بشدة، لكن تجارب الثورات -ومنها ماحدث فى أوروبا الشرقية- تعلمنا أن الاستقرار السياسى بعد الثورات يحدث فى فترة تستغرق نحو خمس سنوات وهذا ما أتوقع أنه سيحدث عندنا فى ظل هذا التجاذب الشديد بين مؤسسة الرئاسة والمجلس العسكرى الذى يرفض أن يخرج من المشهد السياسى وكذلك بين الفرقاء، أو قل الشركاء من بنى الوطن الذين تحكم تصرفاتهم أيديولوجيات خاصة تنسيهم أحياناً أو كثيراً المصلحة العامة للوطن، هذا فضلاً عن ضغوط إقليمية وعالمية تريد أن تؤثر أو قل يكون لها نصيب فى رسم خريطة مصر المستقبل. وإذا استدعينا الوضع الاقتصادى لعلمنا أن إصلاحه يحتاج إلى إجراءات عميقة وقرارات حاسمة ووعى شعبى يجعلنا نصبر على ألم التحولات العميقة لكن الأمل يبدو فى الأفق بعد هذا الألم، وقد صبرنا طويلا فى الماضى على آلام سياسية واقتصادية دون أن تلوح أى بارقة أمل. أقول ذلك من باب الواقعية المتأملة فى تجارب كل من ماليزيا وتركيا والبرازيل بل وإيران وقد أخذت كل تجربة مداها فى الإجراءات والسنوات حتى أصبحت ماليزيا واحدة من النمور الآسيوية الصاعدة واحتلت تركيا مقعداً بين الدول العشرين الأولى فى الاقتصاد العالمى واستطاع دى سيلفا رئيس البرازيل أن ينتشل بلاده من تحت خط الفقر ليصعد بها وتصبح نموذجاً اقتصادياً فذاً فى أمريكا الجنوبية واستطاعت إيران أن يكون لها قرارها المستقل رغم العقوبات الغربية المفروضة عليها. صحيح أن هذه البلاد -عدا إيران- لم تشهد ثورات شعبية مثل مصر لكنها خاضت جحور التحدى الاقتصادى حتى وصلت إلى بر الأمان.. فهل نستطيع نحن المصريين أن نعيش هذه الواقعية وأن نتعاون معاً عملاً وقولاً؟! أقول بكل الأمل متوكلاً على الله.. نعم وسوف يردد كل واحد منا قول الأستاذ إحسان: يا عزيزى كلنا مصريون.