غدًا.. بدء الصمت الانتخابي للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    رئيس الوزراء يستعرض تطورات برنامج الإصلاح الاقتصادي المصرى    ترامب: بدأنا العمل على حل الصراع في السودان بعد طلب ولى العهد السعودى    منتخب مصر فى التصنيف الثالث رسميا بقرعة كأس العالم 2026    اليونان تسعى لإنشاء مراكز خارج الاتحاد الأوروبي لإعادة ترحيل المهاجرين    القائمة الكاملة لجوائز حفل الأفضل في إفريقيا لعام 2025 «سيطرة مغربية»    منتخب مصر فى التصنيف الثالث بقرعة كأس العالم 2026 رسميا    القبض على المتهمين بسحل أب دافع عن ابنته بالبحيرة    نجوم الفن يتوافدون على العرض الخاص لفيلم ولنا في الحب خيال.. فيديو    أسامة كمال عن حوار مجدي يعقوب ومحمد صلاح: لقاء السحاب ومباراة فى التواضع    اليونيسيف" تعين فنانا سوريّا شهيرًا أول سفير لها في دمشق    صحة مطروح: الكشف على 1005 حالات في اليوم الثالث للقافلة اللجنة الطبية العليا للاستغاثات بمجلس الوزراء    أبناء محمد صبري ينضمون لفرق الناشئين بنادي الزمالك    دار أرجوحة تفوز بجائزة عبد العزيز المنصور لأفضل ناشر عربى    قليوب والقناطر تنتفض وسط حشد غير مسبوق في المؤتمر الانتخابي للمهندس محمود مرسي.. فيديو    رئيس الرقابة الصحية يزور المنيا لمناقشة استعداداتها لانطلاق المرحلة الثانية من التأمين الصحي الشامل    الأرصاد الجوية: ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة وشبورة مائية على بعض الطرق خلال الأيام المقبلة    أسعار الأسهم الأكثر ارتفاعًا وانخفاضًا بالبورصة المصرية قبل ختام تعاملات الأسبوع    اسراء عويس تتوج بذهبية العاب القوى بالتضامن الإسلامي    حسام عاشور يسرد كواليس عودته إلى الأهلي ومكالمة الخطيب    منتخب الرجال لكرة السلة 3X3 يهزم إيران ويحصد ذهبية دورة ألعاب التضامن الإسلامي    هكذا دعمت بسمة بوسيل تامر حسني بعد تعرضه لوعكة شديدة    نجوم وصناع السينما يحتفلون بالعرض الأول ل«بنات الباشا» فى «القاهرة السينمائى»    عبدالوهاب شوقي: لم يشغلني سبب منع «آخر المعجزات» وكنت واثقا من عرضه بالقاهرة السينمائي    رئيس مجلس القضاء الأعلى يزور شيخ الأزهر الشريف    ماس كهربائي يتسبب في حريق حظيرة ماشية بأطفيح    السكة الحديد: استكمال مسامير التثبيت المفقودة قضبان السكة بالفلنكات الخشبية في شبرا الخيمة وإحكام ربطها بشكل كامل    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    الدكتور مصطفى ثابت يقدم خالص العزاء للنائب محمد شبانة عضو مجلس نقابة الصحفين    السعودية وأمريكا تتفقان على بناء وتطوير بنى تحتية متقدمة للذكاء الاصطناعي    خبراء الطب يحذرون من التشخيص الخاطيء ل«الانسداد الرئوي»    هل دخل الشقق المؤجرة الذي ينفق في المنزل عليه زكاة؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ كفر الشيخ يناقش جهود مبادرة «صحح مفاهيمك» مع وكيل الأوقاف الجديد    رئيس جهاز مستقبل مصر ووزير التعليم يواصلان جهود تطوير التعليم الفنى    جنازة المخرج خالد شبانة عقب صلاة العشاء بالمريوطية والدفن بمقابر العائلة بطريق الواحات    من يعود إلى المنزل بهذه الجوائز.. كاف يبرز كؤوس الأفضل في حفل الرباط    غرامة 100 ألف للمخالف.. بدء الصمت الانتخابى بانتخابات مجلس النواب ظهر غدا    سكك حديد مصر تسيير الرحلة الثالثة والثلاثين من مشروع العودة الطوعية للأشقاء السودانيين    وجبات ذهبية للأطفال بعد التمرين حفاظا على صحتهم ونشاطهم    رئيس جامعة المنيا يفتتح الملتقى التوظيفي الخامس لكلية السياحة والفنادق    بعد اكتمال المشروع| ماذا تعرف عن الكابل البحري العملاق 2Africa ؟    استعدادا لاستضافة cop24.. البيئة تكثف أنشطة التوعوية بالمحافظات    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    انهيار والدة وخطيبة صاحب ملجأ حيوانات ضحية صديقه أثناء جنازته.. صور    سارة خليفة متورطة في شبكة عائلية لتصنيع وترويج المخدرات    وزير الري يلتقي نائب مدير الوكالة الفرنسية للتنمية    المسلماني: برنامج دولة التلاوة يعزز القوة الناعمة المصرية    رئيس مجلس الشيوخ الإسباني يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي    الإسماعيلي ينفي شائعات طلب فتح القيد الاستثنائي مع الفيفا    أردوغان: صادراتنا السنوية بلغت في أكتوبر 270.2 مليار دولار    الصحة: مصر خالية من الخفافيش المتسببة في فيروس ماربورج    شقيق إبستين: كان لدى جيفري معلومات قذرة عن ترامب    رئيس جهاز الثروة السمكية: صحة المصريين تبدأ من الطبيب البيطرى.. حارس الأمن الغذائي للبلاد    الأهلي يحصل على موافقة أمنية لحضور 30 ألف مشجع في مواجهة شبيبة القبائل    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته بمعرض دبى الدولى للطيران 2025    مقتل 6 عناصر شديدى الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه فى ضربة أمنية    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حول الإسعافات الأولية لتعزيز التوعية المجتمعية    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صدى التدين المغشوش
نشر في المصري اليوم يوم 30 - 09 - 2009

أخذ التدين مكان الدين، وطغى الشكل على حساب الجوهر، وظهر «قادة» جدد للمجتمع استفادوا من سذاجة البعض وجهل البعض الآخر حين تصوروا أنهم بحاجة إلى وسطاء يحدثونهم فى أمور بديهية وكأنها اكتشاف، ويتربحون من بساطتهم ومن سوء المناخ المحيط بهم.
ورغم تلك المظاهر المحبطة لما آل إليه حال المجتمع المصرى، فإن ما كتبناه منذ أسبوعين عن التدين المغشوش أثار جدلاً واسعاً، ولكن المدهش أن معظم التعليقات التى وصلتنى على بريدى الإلكترونى كانت مؤيدة لما كتبت، وهو أمر لم أكن أتوقعه، كما أن القلة التى اختلفت مع المقال واعتبرته مساسا بأحد «ثوابت» الأمة وهو خطاب الدعاة الجدد، كانت لغتها صادمة بعيداً عن الاتفاق والاختلاف، حيث وصلت لدرجة مرعبة من الركاكة والتشتت والجهل الكامل بأبسط الأمور السياسية.
ولعل الأسئلة الساذجة التى نجدها فى بعض الأفلام المصرية التى تبدأ بوعظ القارئ أو تستخف بقدرته على الفهم حين تشرح له مثلاً الفارق بين التدين (نمط التعبير عن الدين فى ظل ظرف سياسى واقتصادى معين)، والدين الذى يمثل قيماً عظيمة وخالدة، وهى طريقة لم ولن أستخدمها، احتراما لعقل القارئ وقدرته على التفكير والتمييز.
والحقيقة، من بين مئات التعليقات التى تلقيتها، جاء بعضها شديد التميز والإتقان، فجاء واحد من د. محسن محمود السيد الذى حصل على دكتوراه فى الصيدلة من الولايات المتحدة ويعمل حالياً فى جدة بالمملكة العربية السعودية، قال:
أؤكد اتفاقى معكم بأن ما يحدث فى مصر الآن ليس صحوة «إسلامية» حقيقية، ولا ما نشهده من «مظاهر» للتدين هو بالحتمية تدين حقيقى. وإن كنت أُفضل أن أطلق عليه «ظاهرة التدين المشوش»، بدلاً من «التدين المغشوش»، فأجهزة الاستقبال لدى «العقل الجمعى» للأمة المصرية أصابها العطب وأصبحت تستقبل أى شىء ولكن بصورة مشوشة وغير نقية. فأنا لست من «مشجعى» ما يسمون أنفسهم زوراً «الدعاة الجدد»، ولا أعرف من أين جاءت هذه «التسمية».. ربما اخترعتها وسائل الإعلام «المقروءة والمسموعة والمرئية» ولاسيما الفضائيات.
فقد عجبت كثيراً لأحد هؤلاء «الدعاة الجدد!!» يعلن عن سباق لتسجيل عشرة ملايين خاتمة للقرآن الكريم! وكأن الغرض من قراءة القرآن هو «الكم» لا «الكيف».. وكأنه دون قصد يصرف الناس عن التدبر والتفكر فى المعانى السامية لكل كلمة فى القرآن الكريم!!
وفى هذا الصدد أذكر رداً لفضيلة العلامة الفيلسوف الشيخ الفاضل محمد الغزالى - رحمه الله - عندما جاءه أحد الشباب يبشره بأنه حفظ القرآن الكريم كاملاً وبالقراءات السبع.. فرد عليه شيخنا قائلاً: حسناً فعلت «لقد زادت أشرطة التسجيل شريطاً جديداً»، ولو تأملنا رد الشيخ لعلمنا مدى عمقه..
ما الفائدة أن يحفظ كل الناس القرآن الكريم، فى ظل جهل معظمهم بمعانيه ومقاصده السامية.. وكأنه يريد أن يقول له: لو كنت تعلمت تفسير القرآن أو أصول الفقه الصحيح أو قواعد العقيدة وعلم النفس والفلسفة أو نبغت فى الطب أو الهندسة أو الفيزياء لكان ذلك أنفع للمسلمين!
أما الأستاذ عماد فعلق ببساطة قائلاً: «كيف يكون عندنا كل هذا الفساد فى كل نواحى حياتنا اليومية - وفى نفس الوقت - نكون الدولة رقم واحد عالمياً فى نسبة التدين؟! لقد اعتاد الناس الكذب كأنهم يشربون الماء.. الله يوفقك». كذلك تواصل معى الأستاذ أحمد عبدالحميد حسين، الصحفى فى موقع إسلام أون لاين، والأستاذ عبدالهادى أبوطالب من قناة «أنا»، والأستاذ سعد سليمان الذى كان ابنه ضحية ضغوط التدين المغشوش والطائفية، فاضطر لأن يهاجر إلى أمريكا، والأستاذ مرقص حنا الذى تردد فى الكتابة لى حتى لا يقال «إنه مسيحى شامت»، وهو لم يكن كذلك، إنما كان شخصا مثقفا مرهف الحس ومفعماً بالوطنية، وآخرون كثر كتبوا بلغة مفهومة بصرف النظر عن الاتفاق والاختلاف.
أما من تبنى خطاب الدعاة الجدد فعلى أن أعترف بأننى اكتشفت وجها آخر تخبئه هذه الحالة وكيف أنها أعمت كثيراً منهم عن تعلم أى شىء آخر غير خطب الدعاة، فكما قلت لإسلام الشاذلى، أحد الذين راسلونى من المعجبين بخطاب الدعاة الجدد، إنه لا يوجد أدنى مشكلة أن يرى فى ظاهرة الدعاة الجدد جوانب إيجابية ولكن إذا أراد أن يصلح أحوال هذا البلد فعليه أن يهتم بالشأن العام، ويعرف أنه لا يوجد شىء اسمه «تنمية قدرات بشرية» فى ظل أوضاع سياسية واجتماعية تحكمها الواسطة والمحسوبية والفساد، فالمطلوب تغيير المنظومة السياسية أولاً، ووضع قواعد قانونية تحكم الحراك المهنى والاجتماعى فى هذا البلد، وبعدها يمكن أن يكون هناك مكان لتنمية القدرات البشرية، أما غير ذلك فهو متاجرة بأحلام الشباب.
وقد أخذت نموذجين من هذه النوعية من الرسائل: الأولى كانت مهذبة من الأستاذ محمد سليمان، وجاءت فى جانب منها لغتها كالتالى: «بالنسبة للمقالة بتاعت حضرتك على (المصرى اليوم) بعنوان التدين المغشوش: أولاً.. كل الحاجات اللى حضرتك قلتها دى.. ملهاش أى علاقة بالناس المتدينين.
يعنى لما تقول إن فيه رشوة، أو أى حاجة من الحاجات دى لازم تجيبلنا دليل إن الناس المتدينة دى هيه اللى منتشر فيها الظاهرة دى وماتكونش حالة فردية لواحد منهم، تكون ظاهرة منتشرة بينهم فعلاً، يعنى أنا عايز أقول من الآخر.. إن المجتمع دلوقتى فيه وحش قوى.. وفيه كويس.. تقريباً مابقاش فيه وسط.. والوحش قوى هو اللى ظهر.. بس مانجيش نقول إن السبب هو المتدينين!».
أما Moody blues  (هذا عنوان بريده الإلكترونى) فهو الوحيد الذى كان صفيقاً بدرجة كبيرة ودافع عن الدعاة الجدد بلغة فيها كثير من النفاق والتزلف المهين وغريبة حتى عن باقى «زملائه»، وعلق على الفقرة الأخيرة من مقالى التى جاء فيها: «إننا شاهدنا تديناً لا هو أنتج ثورة كما فى إيران، ولا حزبا أصبح جزءاً من الحداثة والديمقراطية، كما فى تركيا مع حكم حزب العدالة والتنمية، ولا مشروعاً حضارياً وسياسياً حول بلداً مثل ماليزيا فى عشرين عاماً من التخلف إلى واحد من أهم اقتصاديات العالم، فهنيئاً لنا تديننا المغشوش وغيبوبتنا التى نتمنى لو طالت ألا تتحول إلى موات نهائى».
والحقيقة فإن الفهم السياسى العميق للسيد «مودى بلوز» كان صادما حين قال حرفياً: «لعلك كنت تمزح حين تحدثت عما يسمى الانتصار الدينى (ويقصد حديثى عن الثورة الإسلامية فى إيران) كما حدث فى إيران عندما كتبت هذا الكلام، ولعله يكون بغرض الفرقعة الصحفية، وإلا فلا يوجد عاقل يصف ما حدث فى إيران إلا بالقهر الدينى وممارسة ألوان وحشية من الاستبداد الفكرى وتغييب العقول،
وكذا الأمر نفسه الذى تصفه بالديمقراطية كما حدث فى تركيا، هذا البلد الذى سمح بلفظ اللغة العربية وتغريبها والتنصل منها كما لو كانت عاراً وهى لغة أشرف الخلق عليه الصلاة والسلام، والذى تخلى عن أبسط قواعد الديمقراطية عندما رفض النائبة المحجبة ومنعها من ممارسة حقها الشرعى فى ارتداء الحجاب فى البرلمان، وتطلق سيادتك على هذا نظاماً ديمقراطياً!».
وطبعاً فقد تحدثت عن حزب إسلامى ديمقراطى اسمه العدالة والتنمية يحكم تركيا منذ 6 سنوات وأصبحت تركيا بفضله تصدّر فى شهر ما تصدّره مصر فى سنة، ويناضل من أجل إلغاء القيود المفروضة على ارتداء الحجاب فى الجامعات (باعتباره حرية عقيدة)، وأن تركيا فى عهده باتت أهم لاعب إقليمى فى المنطقة والرسالة البديهية التى فهمها تقريباً كل القراء تقول ببساطة فلنختر فى السياسة أى نموذج إصلاحى أو ثورى، ممانع أو معتدل، ولكن المهم أن نكون جادين ونحقق إنجازاً على الأرض. سيبقى من مظاهر الأمل أن غالبية من علقوا فهموا هذا المعنى (بصرف النظر عن الاختلاف والاتفاق) دون الحاجة «لسلاح التلميذ» مثل «السيد مودى».
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.