انتقد علاء عبدالمنعم، النائب الأسبق بمجلس الشعب، مقترح لجنة تعديل الدستور بإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة بالنظام الفردى فقط، مشيراً إلى أن ذلك سيفرغ المشهد السياسى من مضمونه. وقال فى حوار ل«الوطن»: إن النظام الفردى، هو محصلة لعودة نفوذ المال والسلطة والبلطجة، وهو ما نسميه ب«عودة زواج السلطة والمال»، مضيفاً: «لقد أخطأت اللجنة الفنية لتعديل الدستور فى الأخذ بالنظام الفردى، لأنها ستعيد به تفريغ المشهد السياسى من مضمونه، فضلاً عن أنه يتعارض مع فكرة الأخذ بالنظام الرئاسى البرلمانى الذى يترتب عليه تشكيل الحكومة من الأغلبية، وبمقتضاه يجب إجراء الانتخابات بنظام القائمة سواء كانت مغلقة أو نسبية. * ما رأيك فى الأخذ بنظام الفردى خلال الانتخابات المقبلة؟ - بالطبع أرفضه.. وهذه المرحلة تستوجب خوض الانتخابات بنظام القوائم، فلقد أخطأت اللجنة الفنية لتعديل الدستور فى الأخذ بالنظام الفردى، لأنها ستعيد به تفريغ المشهد السياسى من مضمونه، فضلاً عن أنه يتعارض مع فكرة الأخذ بالنظام الرئاسى البرلمانى الذى يترتب عليه تشكيل الحكومة من الأغلبية، وبمقتضاه يجب إجراء الانتخابات بنظام القائمة سواء كانت مغلقة أو نسبية. * لكن التجارب النيابية التى خاضتها مصر بنظام القوائم أثبتت فشلها؟ - المشكلة ليست فى النظام، لكن فى التطبيق، وهذا يتطلب منا مراجعة القوانين التى أجريت الانتخابات بموجبها سواء فى الثمانينات أو فى برلمان 2011 لتفادى هذه الثغرات، ومن أهمها التوزيع الجغرافى. * ما الإيجابيات التى ستخدم المرحلة الانتقالية، إذا ما أجريت الانتخابات البرلمانية بنظام القوائم؟ - أمور عديدة، أهمها أن الدوائر الانتخابية بالنظام الفردى دائماً ما تكون صغيرة، ما يسهل السيطرة عليها سواء بالمال السياسى أو البلطجة، هذا من ناحية، أما إجراء الانتخابات بنظام القوائم فهنا الأمر يختلف كلياً، لأن الناخب لا يتعامل مع شخص المرشح كما الحال فى النظام الفردى، لكنه يتعامل بموجب القائمة التى تضم العديد من الشخصيات والتيارات السياسية، الأمر الذى يفرز فى نهاية الأمر برلماناً سياسياً منتخباً على أساس ديمقراطى. * لكنك خضت الانتخابات بالنظام الفردى ونجحت فى إثراء الحياة البرلمانية، رغم هيمنة الحزب الوطنى المنحل على مقدرات الأمور آنذاك؟ - حقائق الأمور تؤكد أن الحال والمزاج السياسى فى مصر وقتها، لم يكن بنفس درجة الحراك الذى تشهده البلاد الآن، فضلاً عن أن الحزب الوطنى وحكومته كانت هى المسيطرة على مقدرات الأمور، ومع هذا طالب النواب المستقلون مراراً وتكراراً بضرورة إجراء الانتخابات البرلمانية بنظام القوائم لضمان التمثيل العادل لكل فئات الشعب، لكن أحداً لم يستجب لذلك، الأمر الذى دفع بالبلاد إلى الهاوية، أما ونحن الآن نعيش مرحلة انتقالية نسعى فيها لبناء الدولة بشكل ديمقراطى، فإن إجراء الانتخابات البرلمانية بالنظام الفردى سيعود بنا إلى ممارسات عالم المال والبلطجة أسوة بما كان يحدث فى عهد الحزب الوطنى، أو ما نسميه ب«عودة زواج السلطة والمال». * هل تتوقع أن تحدث المادة الخاصة بإجراء الانتخابات البرلمانية بالنظام الفردى أزمة داخل لجنة الخمسين لتعديل الدستور؟ - الأحزاب والقوى السياسية رفضت هذا المقترح، وأتوقع أن تشهد المناقشات التى ستتم داخل لجنة الخمسين المكلفة بتعديل دستور 2012 الاتفاق على نظام أوفق للبلاد لإجراء الانتخابات البرلمانية، فضلاً عن ذلك فإن اللجنة لم تراع فى حسبانها أنها أبقت على النظام الرئاسى البرلمانى والذى بموجبه يجب على البرلمان تشكيل الحكومة من أغلبية الأعضاء، ما يعنى صعوبة إجراء الانتخابات بالنظام الفردى، اللهم إلا إذا قرر حزب سياسى ما ضم عدد من النواب لعضويته ليكسب بذلك الأغلبية، وهذا فى حد ذاته كارثة لأنها ستعيد ممارسات الحزب الوطنى الخاطئة. * لكن الأحزاب السياسية التى تطالب بإجراء الانتخابات البرلمانية القادمة بنظام القوائم تفتقر إلى القواعد الشعبية فى الشارع؟ - هذا صحيح.. لكنه دافع قوى أمامهم على ضرورة التحرك وبناء قواعد شعبية حقيقية داخل الشارع المصرى لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة، وأتصور أن الوقت كان لديهم لمراجعة عملهم، خصوصاً بعد حصادهم لعدد قليل من المقاعد البرلمانية فى برلمان 2011، ليس هذا فحسب هو كل شىء، ولكن يتعين على الأحزاب السياسية الكرتونية الاندماج فى كيان واحد، وجذب قواعد من الشباب الواعى والدفع بهم لخوض الانتخابات. * ألا يقلقك عودة التيار الإسلامى للمشهد بشكل أكثر توحشاً إذا جرى الأخذ بنظام القوائم فى الانتخابات البرلمانية القادمة؟ - من يقرأ الخريطة السياسية جيداً سيكتشف أن إجراء الانتخابات بالنظام الفردى سيساعد على ظهور هذا التيار مرة أخرى، ومع هذا أرى أنه لا بد أن يشارك الجميع فى المشهد السياسى دون إقصاء. * لكن المجتمع المصرى ما زال مؤمناً بفكرة النائب الخدمى؟ - هذه إحدى أهم كوارث نظام «مبارك»، لأنها حولت النائب البرلمانى من سياسى لديه أدوات الرقابة والتشريع ومساءلة الحكومة، إلى نائب للخدمات، وفى مفهومنا البسيط نطلق عليه «نائب الشنطة»، وهو الذى يحمل أوراقاً إلى كل الوزارات بغرض قضاء حاجته، دون النظر إلى دوره فى الحياة النيابية. * هل تتوقع أن يؤمن الشارع المصرى بأهمية إجراء الانتخابات البرلمانية القادمة بنظام القوائم؟ - الحراك المجتمعى الذى نعيشه يؤكد شيئاً واحداً فقط، هو أننا لا بد أن نسير فى طريق الديمقراطية، ويجب على الدولة والأحزاب السياسية المشاركة فى بناء وعى أبناء هذا الوطن.