شهدت جلسة الكونجرس الأمريكى أمس الأول الجمعة، مفاجأة مدوية عندما طلب ممثل ولاية تكساس النائب الجمهورى «لوى جهمورت» الكلمة ليتحدث نحو ساعة كاملة عن حقيقة ما يجرى فى مصر ويعرض صوراً لفعاليات ثورة 30 يونيو، وهو يقول «هذه الصور تؤكد أن ما حدث فى مصر ليس انقلاباً عسكرياً على النحو الذى حاولت أن تقنعنا به سى إن إن، فملايين المسلمين المعتدلين والمسيحيين فى مصر خرجوا لرفض التطرف وحكم جماعة الإخوان التى تدعمها إدارة باراك أوباما». وعرض «جهمورت» عدداً من اللافتات واللوحات التى رفعها المصريون منها «الشعب تحدث والسيسى استمع» وعلق قائلاً: «المصريون ممتنون للجيش الذى تدخل استجابة للعدد الهائل الذى ثار على مرسى وهو عدد يتضاءل أمامه الرقم الهزيل الذى انتخب هذا الديكتاتور». وعرض عضو الكونجرس لوحات أخرى تحمل سباباً ل «أوباما» لدعمه للإخوان، وقال: «كنا نعتقد أن لدينا رئيساً ذكياً، لكنه تحالف مع المعسكر الخاطئ، المصريون مع الأسف يضربون صوره بالأحذية». وتابع «جهمورت» إن «المصريين غاضبون من قناة سى إن إن وغيرها ممن يصفون ثورتهم بالانقلاب وهؤلاء هم المصريون الحقيقيون الذى يجب أن ندعمهم وليس الإخوان». وهاجم «جهمورت» سلوك إدارة أوباما تجاه مصر بداية من دعم الإخوان وصولاً لوقوف الولاياتالمتحدة، فى موقف متراجع تجاه الثورة المصرية عن مواقف دولية أخرى مثل روسيا والصين. وتعجب النائب الجمهورى من موقف الإدارة الأمريكية الذى دعم جماعة الإخوان منذ البداية، وقال: «لقد سعدت إدارة أوباما وابتهجت بتولى مرسى حكم مصر مع أن خلفية الرجل لا تجعل منه مرشحاً يستحق منا هذا الابتهاج، فالرجل كان دائم الهجوم على أمريكا وإسرائيل، ووصف اليهود بأحفاد القردة والخنازير ورسم صورة مفصلة عن قرارات مرسى منذ توليه السلطة ومنها إعلانه الدستورى الشهير فى نوفمبر 2011 الذى منح نفسه بموجبه سلطات مطلقة وسط صمت إدارة أوباما، وفى الشهر التالى مرر دستوراً أغضب الجميع ما عدا جماعته وحلفاءه المتطرفين، وشهد التصويت عليه انخفاضاً شديداً فى التصويت، وفى عهده حكم على منظمات غير حكومية أمريكية بالسجن لا لجريمة سوى أنهم حاولوا مساعدة المصريين»، وتابع النائب أنه «عندما زاد غضب المصريين واضطر وزير الدفاع الفريق عبدالفتاح السيسى لإنذاره بتدخل الجيش اكتفت إدارة أوباما بنصيحة مرسى بالاستجابة لمطالب شعبه لكن دون جدوى، ثم خرج طوفان من شعب مصر المهذب الرافض للتطرف وحكم الإخوان»، مضيفاً أن الربيع العربى تحول إلى شتاء وكابوس بعد تولى مرسى السلطة فى يونيو 2012، وبعد أن جاء للسلطة بدأ يخلق مشاكل ويتحول إلى ديكتاتور ويخرق الدستور الذى أقره بنفسه. وتهكم النائب الجمهورى على حكومة بلاده التى فشلت رغم إمكاناتها وأجهزتها فى أن تدرك حجم رفض المصريين للإخوان، وقال «المصريون مثل شعب أفغانستان الذى يصرخ: نحن مسلمون ولكننا لا نريد حكومة طالبان، لا تتخلوا عنا وتتركونا لهم، لكن للأسف الإدارة الأمريكية اتخذت قرارات خاطئة كانت لها عواقب وخيمة فى مصر وليبيا وسوريا». وأضاف «لقد كنا سعداء بانتخاب أول رئيس أسود فى تاريخ أمريكا ولكن أمريكا الآن فى عهده تزداد ضعفاً ولم يعد هناك من يخشاها أو يحسب حساباً لردود أفعالها ويعتبرونها نمراً من ورق». وقال النائب الجمهورى: «أشعر بالقلق على مصداقية أمريكا، ماذا يمكن أن نقول لشعوب العالم التى لم تعد تثق فى علاقاتنا بأصدقائنا، إن دبلوماسياً صينياً يقولون لبعض حلفائنا للمنطقة: «ألم تدركوا بعد كيف تتعامل واشنطن مع أصدقائها إنها تتخلى عنهم ببساطة كما تخلت عن مبارك وكما ترغب فى التخلى عن الملك عبدالله فى الأردن لتمكن لجماعات الإسلام الراديكالى المتطرف». وأضاف أن كل شخص شاهد ما حدث فى 30 يونيو بخلاف «سى إن إن» يدرك حجم الرفض والغضب من جانب ملايين المصريين المسلمين المعتدلين مع الأقباط مع القوى الليبرالية والعلمانية التى خرجت فى مظاهرة غير مسبوقة فى العالم والتاريخ، فقد خرج عدد يتراوح بين 20 إلى 30 مليوناً لرفض حكومة الإخوان ومحمد مرسى». وأكمل «جهمورت» قائلاً: المصريون يقولون نحن نحب أمريكا لكن لن نغفر لهم أبداً أنهم ساعدوا فى تولى جماعة الإخوان الحكم. وبعيداً عن قاعة مجلس النواب الأمريكى بأمتار قليلة كان هناك اجتماع دُعى إليه مجلس العلاقات الخارجية الأمريكى لمناقشة الأوضاع فى مصر، بحضور شخصيات أكاديمية ودبلوماسية وعدد من رموز الجالية المصرية، فضلاً عن اللواء محمد عبدالعزيز الملحق العسكرى لمصر فى واشنطن والذى لم يُلقِ كلمة ولكنه حظى بترحاب كبير تقديراً لدور الجيش المصرى فى حماية الشعب من الاقتتال الداخلى والانحياز لمطالب غالبية المصريين بعزل مرسى والدعوة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وقالت المهندسة شيرين النجار عضو هيئة الدفاع عن الحقوق العربية فى الولاياتالمتحدة إن مناقشات الاجتماع تركزت على تحليل أسباب فشل الإخوان فى تجربة حكم مصر وأنهم جنوا حصيلة إبعادهم للقوى السياسية الأخرى وانفرادهم بالسلطة ومحاولات الهيمنة على مؤسسات الدولة. وأضافت أن عدداً من الحضور طرح أفكاراً بشأن جلوس الإخوان على طاولة مفاوضات مع القوى السياسية الأخرى لإعادة دمجهم مرة أخرى فى النسيج السياسى المصرى، فى حين أن البعض الآخر رأى أن الإخوان جماعة دينية منغلقة أثبتت أنها لا تجيد العمل السياسى وأى دور قادم لها فى ظل المشهد المصرى الراهن لن يتجاوز الدور الذى رسمه لها مؤسسها حسن البنا وهو التوعية الدينية. وعما إذا كان الاجتماع تعامل مع ما حدث فى مصر على كونه ثورة أم انقلاباً عسكرياً، قالت «النجار» إن الجميع باستثناء المتحدثين من أبناء الجالية المصرية كان حريصاً على استخدام مصطلح «انتفاضة شعبية دعمها الجيش»، بينما كانت تأكيدات المصريين واضحة بأنها ثورة شعب وليست انقلاباً عسكرياً.