قرر القضاء الإدارى يوم الأربعاء الماضى وقف نظر دعوى حرمان أعضاء الحزب الوطنى «المنحل» من ممارسة العمل السياسى، ومن المطروح الآن أن تقوم اللجنة المسئولة عن تعديل الدستور المصرى المعطل بصفة مؤقتة، بإلغاء مادة العزل السياسى، ومعنى ذلك ببساطة أن البعض يريد لنا العودة إلى الوراء، إلى ما قبل ثورة 25 يناير، لنمنح الفرصة من جديد لأشخاص كلنا نعرف الدور الذى لعبوه فى إفساد الاقتصاد المصرى، من خلال عمليات السلب والنهب الممنهج لثروات بلادنا، واحتكار السلع والخدمات بصورة تؤدى إلى التحكم فى أسعارها لتتراكم الثروات فى جيوب المحتكرين، وليذهب المواطن بعد ذلك إلى جحيم السحق والعوز، يريد هؤلاء أن يمنحوا الفرصة لأقطاب الحزب الوطنى للترشح فى أى انتخابات تشريعية قادمة، رغم ما سبق وارتكبوه من جرائم تزوير لإرادة وأصوات الناخبين المصريين. إن هذه التعديلات تعنى ببساطة منح خائب الرجاء «جمال مبارك» حق الترشح فى الانتخابات الرئاسية القادمة، خصوصاً وأنه برىء أمام القانون من جرائم قتل المتظاهرين فى 25 يناير، ومن المتوقع أن ينال البراءة أيضاً فى باقى التهم الموجهة إليه، والمتعلقة بالفساد والكسب غير المشروع، وإذا أضفنا إلى ذلك أن رجاله سوف ينالون فرصة العمل السياسى، فلك أن تتوقع أن يكون «جمال مبارك» هو الرئيس القادم لجمهورية مصر العربية، تخيل معى كيف سيحكم علينا التاريخ، وكيف ستنظر إلينا الأجيال المقبلة، وهى ترانا قد قمنا بثورة، كان من ضمن أسبابها رفض التوريث، لنأتى بالوريث حاكماً للبلاد، بعد ثلاث سنوات من قيامها؟ أى مهزلة تلك؟ هل كان يظن البعض أننا تخلصنا من الإخوان و«مرسى» لنعيد الاعتبار لنجل المخلوع «مبارك» وفلول نظامه؟ هل كتب على هذا الشعب أن يقع دائماً بين مطرقة تجار الدين وسندان تجار الدنيا وقليلى الدين؟ وهل يتصور مَن يخططون لذلك أن بإمكانهم النجاح فى تحقيق أهدافهم فى نسف الثورة التى قام بها الشعب فى يناير 2011؟ ليعلم هؤلاء أن أحداً لن يستطيع أن يستغفل هذا الشعب بعد الآن، أو أن يسرق منه ثورته وحلمه فى التغيير والإصلاح، وبناء دولة مدنية حقيقية تتأسس على قيم المواطنة، وليس على قيم الفساد، أو الضحك على عقول الناس بالدين، إن رؤوس الحزب الوطنى المنحل التى أطلت داخل المشهد من جديد سوف تجد فى مواجهتها رؤوس الإخوان والسلفيين، وسوف تتطاحن هذه الرؤوس فيما بينها وتخرج الثورة سالمة غانمة، لأن انتصارها يكاد يكون أمراً حتمياً، وكما ذهب اللصوص الذين سطوا عليها فى موجتها الأولى، فلن يفلح لصوص موجتها الأخيرة فى 30 يونيو فى سرقتها، فالشعب الذى خلع حسنى مبارك فى 18 يوماً، كان من اليسير عليه خلع «مرسى» فى ثلاثة أيام، وسيكون من الأيسر عليه خلع غيره فى 3 ساعات.. ومَن لا يعزله القانون والدستور، يستطيع الشعب عزله.. وسوف تعلمون.