لماذا لايطبق قانون الغدر؟ ولماذا إجراء تعديلات وإعادة تسميته بقانون العزل السياسى؟ ولماذا تكون النيابة العامة هى صاحبة الحق فى إقامة الدعوى؟ قبل الإجابة المباشرة، نقطة مهمة تحتاج إلى توضيح واتفاق تبرز فى سؤال: هل ماحدث فى 25 يناير كان ثورة للإطاحة بنظام أم حركة للإطاحة بالرئيس وعصابته؟ وهل ماحدث كان لصالح الغالبية العظمى من الشعب الهمش أم حركة لصالح فئة معينة تعيد تمكينها بشرعية جديدة بديلة عن شرعية الحزب الوطنى المنحل؟ إن كانت ثورة فقوانين الثورة واضحة وشرعيتها الثورية تمكنها من التغيير الجذرى، أما إذا كانت حركة فهى تعيد تمكين من يملك المال والعتاد والتنظيم إلى سدة الحكم، وهم قلة، على حساب الغالبية العظمى من الشعب. إذن مانراه هو ليس نتاج ثورة لأنها لم تنجز من قوانين الثورات من شيء، لن تتمكن الثورة من تحقيق مطالب الثوار الذين قاموا بها لصالح الغالبية، ولم تنصف الغالبية التى عانت من التهميش فى كل شيء سوى من حياة الفقر والذل، وأرادوها لتحقيق مطالب قوى جاهزة من الفلول، ومن شارك الفلول سابقا، ولم يستجيبوا لنداءات الشعب بالانسحاب من مشاركة الحزب الوطنى المنحل مسرحية الانتخابات الهزلية، المهم خسر أنصار انتخابات الحزب الوطنى المنحل وعادوا من منتصف الطريق بادعاءات بلطجة الحزب الوطنى وكأن الحزب الوطنى كان ملاكا ايامها.. ضحك على ذقون شابت وذقون لم تنبت لحيتها بعد. وهاهم حاليا يدخلون نفس لعبة الانتخابات البرلمانية بدون ضمانات أمنية، وبنفس طريقة الحزب الوطنى المنحل الذى مازال يحكم من خلف ستار "زيتى" اللون. وأتمنى ألا يحدث ماحدث سابقا وألا تكون الانتخابات حمامات دم فى الشوارع، والتحية واجبة لقوى الشباب الثورى الذى رفض دخول الانتخابات على طريقة الحزب الوطنى المنحل، رفضوا ان يكون ديكورا لعملية هزلية تبيض وجه سلطة هى امتداد للنظام السابق. وماحدث فى انتخابات الجامعات وعودة الفلول بشكل ديمقراطى زائف كما يزعمون هو صورة مصغرة لما سيحدث من انتخابات البرلمان المقبلة، وسيأتى من هو متواطؤ ومتعاون مع نظام مبارك فى الطبعة المعدلة، والعسكر لن يتركوا السلطة، وإن صنعوا سيتركوها لرجالهم. الديمقراطية تأتى عندما تثبت الثورة ركائزها وتحقق مطالبها، وتصل إلى حد المساواة بين المهمشين وقلة محتكرة الثروة والتنظيم (فلول الوطنى وأعوانهم الذين شاركوهم انتخابات ماقبل الثورة). تكافؤ الفرص ضرورى قبل حرية الاختيار، تصنعه قوى ثورية تعمل لصالح الوطن وليس حزبا ايدلوجيا يعمل لصالحه وتقوية دعائمه. وفى عدم تحقيق الثورة الحد الأدنى من مطالبها وغياب تكافؤ الفرص يصير المرشح صاحب النفوذ أكثر تأثيرا على الناخب المعدم الذى لم تحقق له الثورة شيء ورأى فى عهدها انفلات أمنى غير مسبوق (وهو انفلات مقصود للتنفير من الثورة والثوار)، المرشح ذو المال والنفوذ سيكون أكثر تأثرا على الناخب من المرشح الذى يحمل فى يديه الخاويتين شجرة الثورة، وفى قلبه حب الوطن. ثورة أراد أصحاب السلطة أن يصدروها للشعب باعتبارها الوبال الذى حل بالبلاد أفقدتهم الأمن وهتكت أعراضهم وقتلت أبناءهم، ووضعت بغباء شلة حاكمة فى مواجهة الشعب. وسيذكر التاريخ للأسف شيئين بمنتهى السوء وبالغ المرارة للقوات المسلحة المصرية بطريقة فُرضت عليها من قِبل قادتها التفتيش فى المحرمات والكشف عن عذرية بناتنا المصريات لإذلالهن وتصوير ميادين التحرير وكأنها "مواخير" وبيوت دعارة تمارس فيها الرزيلة فعل لايفعله إلا حقير منحط ديوث لايعرف شرف العسكرية ويجب أن يحاكم على الملأ، وإطلاق الرصاص الحى وقتل العديد من متظاهرى ماسبيرو، لم يحدث هذا فى وقت الحكم الرسمى للمخلوع مبارك، لكنه حدث فى امتداد نظام مبارك وعلى أيدى متعهدى تنفيذ سياسته الانتقامية التى لم يبدأها وكان ينتوى القيام بها، وهاهم ينفذونها نيابة عنه بكل حكمة فى إحكام القتل، فى نهاية حكم مبارك أطلقت الشرطة الرصاص الحى على المتظاهرين فثارت ثورة، وفى عهد طنطاوى ومجلسه أطلقت القوات المسلحة الرصاص الحى على المتظاهرين فاستيقظت الثورة من غفوتها وانتفضت واستمرت، وكما انتهت بمحاكمة مبارك وعصابته ستنتهى بمحاكمة المشير ومجلسه. وهناك فراق بين المجلس العسكرى والقوات المسلحة، ومن يرى فى نقد المجلس تعريضا به ولايجوز كان علينا ألا نثور على مبارك ونخلعه بنفس المنطق، والتلميذ ليس بأعز من أستاذه وكوكما يقولون بالعامي "موسى مش أعز من ربه". نرى أن البعض النافذ المتنفذ لايريدها ثورة ولايعمل على تحقيق مطالبها ولا إقرار مبدأ تكافؤ الفرص. والانتخابات القادمة لن تأتى بأفضل العناصر ولن تحقق شيئا سوى تحالف صريح مع قوى تعودت على على التحالف بطريقة مستترة، مصدرة صراعا وهميا بينهم وبعضهم للحصول على فتات من بقايا السلطة. كل من لم يسع لتحقيق مطالب الثورة أولا قبل أى شيء هو كافر بالثورة خائن لدم الشهداء ويسعى لتحقيق مصالح خاصة على حساب هذا الوطن. ومن سخريات القدر أن البعض يدعى التعجيل بالانتخابات لتسليم السلطة للمدنيين، وردى بالتعبير المصرى الدارج "إبقى قابلنى.. عشم إبليس فى الجنة" وإن كان لهذا البرلمان أن يعيش إذا ماقدر له أن يولد مشوها ومصحوبا بالدماء.. نعم ولادة مشوهة ومصحوبة بالدماء بلاشك وبثمن غال، وكل المؤشرات تدل على ذلك، إذا ولد فسيكون ألعوبة فى يد السلطة العسكرية وديكورا فى خلفية قاعاتها. كل ما سبق فى خلفية الإجابة على السؤال المركب: لماذا لايُطبق قانون الغدر؟ ولماذا يتم إجراء تعديلات عليه ليصبح قانونا للعزل السياسى؟ ولماذا تكون النيابة العامة هى صاحبة الحق فى إقامة الدعوى؟ ببساطة لأن هذا القانون ينطبق أولا على كثير ممن هم فى الوزارة حاليا وعلى رأسهم د.شرف عضو لجنة السياسات السابق الذى ابتذل نفسه وأهانها عندما أعلن أن استقالته على مكتب المجلس العسكرى "وهذا أمر مُتبع" بالطبع متبع عند الإذلاء أصحاب المصالح، وتصرف د. شرف ينم عن شخصية ضعيفة تسعى بطريقة ناعمة للحفاظ على الكرسى وإرضاء أصحاب السلطة على حساب الشعب، وموقف د.الببلاوى ليس بأفضل منه فى مناورة التلويح بالاستقالة.. طبعا مناورة "بايخه" ورجع فيها لأن السلطة الحاكمة رفضتها، نفس مامضر لايجرؤ وزير أن يستقيل، ومع كامل الاحترام للشخوص يظل المنصب يدار بطريقة العبد المأمور لا الحر صاحب القرار الآمر.. وهذا مابدا من تصرفات مجلس وزراء العسكر الموقر، وينظبق قانون الغدر على وزير الدفاع المشير طنطاوى باعتباره كان وزيرا سياسيا ساهم وشارك فى إفساد الحياة السياسية أيام حكم مبارك. والهدف من تولى النيابة العامة إقامة الدعوى على من تريد السلطة إقامتها ضده واجتثاثها من جذورها لمن يحظى برضا السلطة، نفس ماكان يحدث أيام مبارك بنكهة مرة. الرئيسان هما أول من ينطبق عليها قانون الغدر: المشير طنطاوى رئيس المجلس العسكرى ود. شرف رئيس مجلس الوزراء. وأعضاء المجلس العسكرى بأن المدرعة التى قتلت متظاهرى "ماسبيرو" سرقها واحد من الشعب من الجندى وقادها وداس بها المتظاهرين، وردنا إذا كان الجندى المكلف بحماية حدود الوطن غير قادر على حماية آلته التى يحارب بها فإنه لا يستحق ان يكون جنديا، والقيادة التى تسرق معداتها الحربية لا تستحق ان تقود القوات المسلحة العظيمة، وتكون غير مؤتمنة على سيادة وطن واستقلاله. مما ساقه المجلس العسكرى فى التبرير فى إطلاق نيران أفراد من الجيش على المتظاهرين يدعونا للقول وبكل ادب واحترام شديدين شكرا أيها المجلس.. ارحل ودع لنا قواتنا المسلحة تشكل مجلسها الأعلى بمعرفتها من شبابها، فأنت أثبت أنك مجلس وقيعة بين الجيش والشعب وخصمت من رصيد القوات المسلحة وتعمل على تشويه صورتها داخليات وخارجيا، وغير قادر على حماية معداتك وبالتالى لانثق فى قيادتك لقواتنا إذا مادعى الداعى، أقولها باللغة العسكرية "إنصرف"، لأنك دمرت الثورة وانحزت لأعدائها، وتريد إعادتهم للحكم بطريقة شرعية مستغلا اسم ثورة أنت مازلت تمارس الغدر بها وتقتلها بدم بارد.