حالة من السكون الروحى تتمكن منه، فيحلق فى السماء بعيداً تاركاً وراءه الدنيا وهمومها، يشعر بأنه نجم كبير وحوله تدور الكواكب، بعيد هو عن الأرض، قريب من خالقها، يرتدى تنورته الملونة ويظل يدور ويدور حتى يظن الرائى أنه لن يتوقف أبداً، طوال فترة لفيفه لا يرى بشراً حوله، ولا يسمع إلا مديحاً فى الرسول الكريم وفى صحابته والأولياء الصالحين، دنياه كلها فى الدوران، دنيا لا يشاركه فيها أحد، يرفع يده اليمنى إلى أعلى ويده اليسرى إلى أسفل، فيبدو كأنه يريد أن يعقد صلة ما بين السماء والأرض، تارة يشعر بأنه «الشمس» ذاتها والكواكب تدور من حوله فى صمت، وتارة أخرى ينتابه شعور بأنه طائف خاشع حول الكعبة يبتهل مرضاة لله ومغفرته، وفى الحالتين يكون دورانه عكس عقارب الساعة، ليبدو وكأن لفيفه فى اتجاه دوران حركة الكون. صوفيّة هى حركته الدائرية تلك، لها فلسفتها ودلالتها الروحية التى تذهب بك إلى أن الحركة فى الكون تبدأ من نقطة وتنتهى عند ذات النقطة، بل إنه ومع تسارع الموسيقى من حوله يزيد من سرعة دورانه ثم يبدأ فى خلع تنوراته الواحدة تلو الأخرى، إلى أن يصل إلى الأخيرة فيقوم بطيها على شكل مولود، إشارة إلى ميلاد العالم وبداية الخليقة.