يكاد لا يُرى، وسط عشرات الملصقات الدعائية الأخرى للأكاديميات المؤهلة للكليات العسكرية والشرطية ومراكز الدروس الخصوصية، إلا أن هذا الملصق على بساطته ينبش في ماضٍ يتهرب منه الإخوان، كمحاولة اغتيال جمال عبدالناصر التي فشلت بالإسكندرية، واغتيال محمود فهمي النقراشي رئيس وزاراء مصر، واغتيال القاضي الخازندار، الذي كان ينظر قضية تفجيرات سينما مترو، والتي تورط فيها منتمون للإخوان المسلمين. هذا الملصق، يكشف تاريخًا، تُحاول الجماعة أن تشيح بوجهها عنه، لكن تاريخيته تجعله باق وشاهد على زمن مضى قد يعود، كنُدبةٍ في الوجهِ لا تنوي الزوال. على جدران محطة مترو الجيزة، وفي الوقت الذي تتصاعد فيه وتيرة العنف من جانب الإخوان المسلمين، لصق مواطنون مقالاً نُشر بجريدة الأهرام يعود ل18 نوفمبر من عام 1954، أي بعد أقل من شهر من محاولة اغتيال عبدالناصر في حادث المنشية الشهير، حمل عنوان "بيان للمسلمين من جماعة كبار العلماء على رأسهم الشيخ عبدالرحمن تاج"، جاء فيه أن "الإخوان المسلمين حرب على الإسلام أشد من حرب أعدائه"، مشددًا على أن أساليب التآمر والاغتيال والتضليل، خروج على حدود الله. وقال المقال إن جماعة كبار العلماء بالأزهر، أعلنت رأي الإسلام فيما وصفته ب"عصابة الإخوان"، حيث استنكرت في بيان أصدرته أمس 17 نوفمبر 1954 انحراف هذه العصابة عن منهج القرآن في الدعوة، وأوضحت أن الخروج عن هذا المنهج وسلوك سبيل العنف بالإرهاب والتضليل والخداع والتآمر على قتل الأبرياء، وترويع الآمنين واغتيال المجاهدين المخلصين وإعداد العدة لفتنة طائشة لا يعلم مداها إلا الله، وتضمنت أن كل هذه الوسائل التي تسترت بها العصابة للوصول إلى غايتها ومطامعها، الحرب على الإسلام والتي هي أشد من حرب إعدائه عليه، وفي ذلك مشاقة لله ورسوله، وافتراء على الإسلام ونقض لحدود الله. وجاء بالمقال أيضا، مقتطفات من بيان هيئة كبار العلماء، جاء فيه "هذا نداء من جماعة كبار العلماء بالأزهر الشريف نتجه به إلى الشعب المصري، الكريم وإلى سائر المسلمين، وتحت عنوان التستر بالدين". وأضاف أنه قد ابتلي المسلمون في عصورهم المختلفة بمن أخذوا تلك المبادئ على غير وجهها الصحيح أو لعبت بقلوبهم الأهواء فجعلوا منها باسم الدين، وسائل يجذبون بها ثقة الناس فيهم ويتسترون بها للوصول إلى غايتهم ومطامعهم، متابعا "أن التاريخ الإسلامي حافل بأنباء تلك الطوائف التي انبعثت خلاله، مشيرا إلى أنه شذ عن الجماعة نفر حاولوا وتحولوا وسلكوا غير ما رسم القرآن، فكان منهم من تآمر على قتل الأبرياء، وترصد لاغتيال المجاهدين المخلصين.