منعطف ثوري جديد تمر به مصر خلال الفترة الحالية، تقف فيها المؤسسة الرئاسية في مواجهة المؤسسة العسكرية وجهًا لوجه، تتباين فيها توقعات الشعب المصري، ما بين آمال التخلص من الحكم الإخواني وبين المخاوف من عودة الجيش للمعترك السياسي، لكن خطاب الرئيس محمد مرسي أمس، زاد الأغلبية تمسكًا بالتدخل العسكري "للحماية وليس الحكم". وفي محاولة لقراءة وضع المؤسسة العسكرية ومصير القوى المدنية بعد سيناريو "ما بعد الرحيل"؛ بخاصة مع اقتراب انتهاء المهلة التي وضعتها القيادة العامة للقوات المسلحة للرئيس محمد مرسي واستمرار الغضب الشعبي الذي يجتاح الميادين منذ 30 يونيو، تحدثت "الوطن" مع الدكتور عماد عبد اللطيف، أستاذ البلاغة وتحليل الخطاب السياسي، لقراءة المشهد من خلال خطابي المؤسستين "الرئاسة والقوات المسلحة". - ما تخيلك لسيناريو "ما بعد رحيل الدكتور مرسي" عن الحكم؟ في ظني أن الطريقة التي سيتعامل بها الجيش مع الإخوان والإسلاميين في الساعات التالية، التي ستعقب إزاحة الدكتور مرسي، سوف تحدد شكل النظام السياسي في مصر في السنوات المقبلة؛ وهناك سيناريوهان محتملان؛ السيناريو الأول هو أن يتبنى الجيش سياسة احتوائية أو أن يلجأ لمواجهات داخل الأطر القانونية، محافظًا على الحريات العامة بما فيها حرية التعبير"، وفي هذه الحالة سنكون - غالبًا - أمام نظام ديمقراطي مدني، يقوم على مؤسسات منتخبة والسلطة العليا فيه للشعب. أما السيناريو الثاني فهو أن تتبنى المؤسسة العسكرية سياسة إقصائية أو تلجأ للإجراءات الاستثنائية، مثل الاعتقالات العشوائية والتنكيل وتقييد الحريات في التعبير عن الرأي للمعارضين بمن فيهم الإسلاميين؛ وفي هذه الحالة سنكون - غالبًا - أمام نظام عسكري غير ديمقراطي، سوف تتعزز صلاحياته السلطوية بفعل المواجهات التي عادة ما تؤدي إليها سياسات التنكيل. - وما مستقبل القوى المدنية الثورية في ظل السيناريوهين؟ في ظل السيناريو الأول، سوف تُمسك القوى السياسية المدنية بزمام السلطة بعد فترة انتقالية معقولة، وسوف تجد صيغة ما للتعايش بين جميع القوى والتيارات السياسية بمن فيهم الإسلاميين، تحت مظلة دستور مدني جديد، أما في ظل السيناريو الثاني فإن القوى المدنية والشبابية والسياسية المعارضة التي كانت فاعلة في الثورة المصرية؛ سيتم - غالبًا - إما إقصاؤها أو تهميشها أو التخلص منها أو إدماجها في النظام العسكري، وكما أن تخلي الإخوان عن تحالفهم مع قوى الثورة فيما بعد يناير 2011 كان سببًا مباشرًا في فشلهم وإزاحتهم؛ فإن تخلي قوى الثورة عن الإخوان في حال تعرضهم للتنكيل أو الإقصاء أو الإجراءات الاستثنائية؛ سوف يكون سببًا مباشرًا في إجهاض حلم تأسيس دولة مدنية ديمقراطية. وأي السيناريوهين أكثر احتمالًا في رأيك؟ في الحقيقة أنا متفائل، وبالنظر إلى البيان الأول للجيش، فإن الجيش سوف يتبنى السيناريو الأول ويتبع سياسة احتوائية، قائمة على الالتزام بالقانون، وأدعو الله أن يتبنى الجيش هذا الخيار الأفضل، حتى نتجنب سنوات أخرى من عدم الاستقرار، أو نتجرع تجربة إخفاق سياسي جديدة.