في الوقت الذي تلاحق فيه مراكب البحرية الإسرائيلية صيادي قطاع غزة مانعة إياهم من الوصول إلى مسافة تتعدى 6 أميال بحرية، وتطلق رشاشاتها "زخات" من الرصاص صوبهم، فتقتلهم وتعتقلهم، ينعم الإسرائيليون بأكل السمك "الغزيّ" المُلطّخ بدماء صياديه. يكشف مدير الهيئة الفلسطينية للمطاعم والفنادق بغزة، صلاح أبو حصيرة، أن غزة تصدّر ما بين 3 و4 أطنان من "أجود" أنواع السمك "يومياً" إلى مصر وإسرائيل. ويضيف أبو حصيرة أن قطاع غزة "يصدّر الأسماك إلى مصر وإسرائيل منذ أربع سنوات تقريباً، أي بعد أن فرضت إسرائيل الحصار البحري والبري والجوي على القطاع في صيف 2007". ويوضح أن "عملية تصدير الأسماك إلى الجانب الإسرائيلي تتم عبر الأنفاق الأرضية الحدودية (بين غزة ومصر)، حتى تصل إلى الجانب المصري، ومن ثم تُنقل إلى معبر العوجة – الحدودي بين مصر إسرائيل، ومن ثم إلى الجانب الإسرائيلي". وبحسب أبو حصيرة، فإن "تجار الأسماك في المناطق الجنوبية من قطاع غزة هم المسؤولون عن تصدير الأسماك إلى إسرائيل، حيث يقومون يومياً بشراء الأسماك من حسبة (سوق) السمك غربي مدينة غزة ثم يقومون بتصدير أجودها عبرالأنفاق إلى إسرائيل". وتشهد أسعار الأسماك في غزة ارتفاعًا كبيرًا، وهو ما يعيده مدير الهيئة الفلسطينية للمطاعم والفنادق بغزة إلى "عملية تصدير الأسماك التي تتم برقابة حكومية". ويمضي قائلا إن "أسعار الأسماك مرتفعة بشكل لا يتناسب مع الأفراد ذوي الدخل المحدود أو حتى المتوسط، حتّى بعد زيادة إسرائيل، مؤخراً، المساحة المخصصة لقطاع من الصيد البحري إلى ستة أميال بحرية بدلا من ثلاثة". ويستنكر أبو حصيرة عملية تصدير الأسماك إلى إسرائيل، مطالباً الجهات المختصّة ب"منع التصدير حتّى يستفيد قطاع غزة من أسماكه". ويشير إلى أنه أرسل كتابًا رسميًّا إلى وزارة الزراعة بالحكومة المقالة في غزة يطالب فيه ب"منع" تجار الأسماك من التصدير إلى إسرائيل. غير أن وزارة الزراعة تنفي من جانبها أصلا تصدير غزة لكميات من الأسماك عبر الأنفاق الحدودية إلى إسرائيل. ويقول تحسين السقا، مدير عام التسويق والمعابر بوزارة الزراعة: إن "غزة توقفت عن تصدير البضائع إلى إسرائيل منذ عام 2005". وكانت السلطات الإسرائيلية قد زادت مساحة الصيد البحري في نوفمبر ثاني الماضي من 3 إلى 6 أميال، تنفيذا لاتفاق التهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل بوساطة مصرية، بعد حرب الأيام الثمانية التي شنتها إسرائيل على القطاع. غير أن إسرائيل أعادت تقليص المساحة المخصصة للصيد في مارس الماضي، عقب إطلاق صواريخ من غزة باتجاه جنوبي إسرائيل أثناء زيارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما للضفة الغربية وإسرائيل. ثم أعادت قوات البحرية الإسرائيلية، الشهر الماضي، المساحة المخصصة للصيد إلى ستة أميال بحرية. في مقابل النفي الرسمي، يقول شاهد على عملية تصدير الأسماك وشرائها من الأسواق، وهو تاجر السمك ناجي عبدالله: إن "تصدير الأسماك إلى إسرائيل عبر أنفاق غزة يبدأ منذ الصباح، حيث يذهب التاجر الوحيد المختص بالتصدير إلى سوق الأسماك ويختار الأسماك التي تطلبها إسرائيل خاصة الجمبري والكابوريا، حيث يتمّ تغليفها وشحنها". ومن ثم "تبدأ رحلة الأسماك الغزية إلى إسرائيل، فتنطلق الشاحنة المحملة بالأسماك إلى جنوب القطاع لتصل إلى أنفاقه، ومن ثم إلى الجانب المصري"، بحسب عبدالله. ويضيف "يتم تسليم الشحنة إلى تجار أسماك مصريين، والاتفاق معهم على توصيلها إلى معبر العوجة الحدودي بين مصر وإسرائيل، ليسلموها بدورهم إلى تجار إسرائيليين". ويناقض عبد الله مدير الهيئة الفلسطينية للمطاعم والفنادق بغزة، صلاح أبو حصيرة، بقوله إن "كمية الأسماك التي يتم تصديرها إلى إسرائيل لا تتجاوز الطن الواحد يومياً". ويشير إلى أن "التجار الفلسطينيين لا يتعاملون مباشرةً مع الجانب الإسرائيلي، إنما يتم تسليم شحنات الأسماك إلى تجار مصريين". وبحسب نقيب الصيادين الفلسطينيين نزار عايش فإنه "نتيجة لمنع إسرائيل الصيادين من الإبحار لمسافة تتجاوز الستة أميال بحرية، فإن معدل الصيد لديهم انخفض إلى 2000 طن سنوياً من أصل 4000 طن من الأسماك كانوا يصطادونها سنويا عندما كان يسمح لهم بالإبحار لمسافة 20 ميلا بحريا". ويمثل صيد الأسماك مصدر رزق وحيد لأكثر من 40 ألف فلسطيني في غزة، وفقا لنقابة الصيادين.