هؤلاء الذين يشمتون فى مقتل الضابط محمد أبوشقرة وهو يؤدى واجبه، لمجرد أنهم يكرهون «الداخلية»، أو على خلاف معها، أو يتخيلون أن الثورة والشماتة والعداوة والفجر فى الخصومة مترادفات تجعلهم يفرحون لمقتل ضابط يؤدى عمله فى الميدان وليس فى مكاتب مكيفة أو من خلف «كيبورد» أو وهو يقرأ دعاء ركوب الثورة وامتطاء الشعب الغلبان باسم الدين، كل هؤلاء يجعلوننا نتساءل: هل صرنا حقاً بهذه الدرجة من الوضاعة؟! قبل عدة أسابيع كان أحد أفراد الشرطة يركب «البوكس» وشاء حظه العاثر ولحظته التى حانت وأجله الذى لا يستطيع أن يستقدمه ساعة أو يستأخره أن يمر من محيط «التحرير» و«محمد محمود»، وهكذا، وباسم الثورة والعداء ل«الداخلية»، واعتبار كل أفرادها حفنة من القتلة رمى أحد الثوار (البلاك بلوك - البلطجية - أطفال الشوارع - كلاب السكك) -ولا مانع من اعتبارها مترادفات فى هذه الحالة- زجاجة مولوتوف عليه فأحرقته، وتم نقله للمستشفى، ومات متأثراً بحروقه، دون أن يعرف أحد اسمه، أو تتحدث عنه البرامج والصحف، أو تكرمه «الداخلية»، أو يترحم عليه الرئيس، أو يرسم له أحدهم «جرافيتى». شخص بسيط كل ذنبه أنه يرتدى الميرى ولا أحد يعرفه ولا أحد يملك أن ينصب نفسه حكماً وقاضياً وجلاداً ينفذ فيه حكم الإعدام ومع ذلك لم تحاسب أى جهة أى مسئول عن الحادثة، واعتبروه «واحدا منهم» وبالتالى فموته أحسن!! هل صرنا حقاً بهذه الدرجة من الوضاعة؟! قبل نحو شهرين كان أحد البسطاء عائداً من عمله، ومر مصادفة بجوار فندق سميراميس، فأصيب برصاصة طائشة جرّاء الاشتباكات العبثية التى تدور هناك بين فترة وأخرى، وهكذا.. مات. هذا الشخص كانت له أسرة وله أصدقاء وله أحلام وليس لديه انتماءات سياسية، ولن يذكر أحد اسمه فى كتب التاريخ، ولن يتحدث عنه الإعلام؛ لأنه ليس ناشطاً سياسياً لكنه قتل.. بمنتهى البساطة قتل، وبمنتهى البساطة تعاملنا مع الأمر وكأن روحه التى أُزهقت لا تهم أحداً على الإطلاق. هل صرنا حقاً بهذه الدرجة من الوضاعة؟! آه والله، أعرف وأذكر هؤلاء الذين قُتلوا واستشهدوا ولم يأت أحد بحقهم منذ خالد سعيد وسيد بلال وشهداء الثورة والعباسية وماسبيرو ومحمد محمود وبورسعيد والاتحادية ورفح وغيرها وغيرها من الأحداث التى أراقت دماء الكثيرين ظلماً وزوراً وبهتاناً، وحتى ضباط الشرطة الفاسدون والقتلة الذين لم يحاسبوا أذكرهم بالاسم، لكن هل يكفى كل ذلك لأن يعتبر البعض قتل ضابط أو عسكرى أو مواطن بسيط حدثاً عادياً عند البعض وموضع شماتة عند آخرين حولوا الجميع إلى «إحنا» و«أنتم»، سادة وعبيد، ثوار وبيادة، ليبراليين وإسلاميين، مصريين وإخوان!! قتلاهم فى النار وقتلانا شهداء فى الجنة.. قتلاهم يستحقون القتل، وقتلانا استشهدوا فى سبيل المبدأ.. هل صرنا حقاً بهذه الدرجة من الوضاعة؟!