دوره فى ميدان التحرير كان مختلفا، وقف وسط المتظاهرين فى جمعة «عودة الشرعية»، لم يهتف ولم يرفع علماً، بل كان يرش المياه على رؤوس المتظاهرين ليحميهم من ضربة شمس، وهو يقول: «يللا احمى نفسك.. وخد 3 فوايد من كوبّاية الميّه.. ضد الخوف.. ضد الصلع.. وبتطوّل الشعر.. ما تقولش لمية النيل لا.. دى شبه مية زمزم». هو محمد إبراهيم، مواطن بسيط قرر أن ينزل إلى ميدان التحرير ب«جردل» ليخفف حرارة الشمس على المتظاهرين: «مفيش فرق بين ملتحى وغيره.. كله بياخد دُش الميه بتاعى». محمد لا ينتمى إلى أى حزب سياسى أو تيار دينى ولكنه يقوم بهذه المهمة لوجه الله. ورغم أنه جاء خصيصاً من المنصورة إلى التحرير، فإنه لم يجد حرجاً فى أن تقتصر مهمته على رش المياه على المتظاهرين دون المشاركة فى أى اعتصامات: «كله سياسة سياسة.. لازم يبقى فيه شوية دعابة علشان الناس ما تزهقش». يمارس محمد مهمته بخفة دم، حتى إنه عندما يقابل متظاهراً يرفض مياهه يضحك ويقول له: «حد يرفض مية النيل؟ وطى دماغك وخُد الدش». محمد الذى رسم البسمة على وجوه المتظاهرين فى التحرير وخفف عنهم وطأة حرارة الشمس، يعمل «قشرجى» موبيليا حر فى المنصورة، ولم يكتف بذلك، بل قرر أن يستكمل دراسته حيث يدرس فى كلية التجارة جامعة القاهرة: «أنا فى سنة أولى بكلية التجارة، باجى أحضر المحاضرات وبعدين أنزل التحرير أشارك بخدمة الناس فى الميدان وبعدين اروّح». قطار المنصورة هو نهاية رحلة محمد فى القاهرة، حيث يحرص على العودة سريعاً إلى أولاده الثلاثة بالمنصورة: «أنا آه بادرس تجارة وباشتغل فى الموبيليا وباحب التحرير ومشهور فيه بدُش الميه بتاعى لكنى ماقدرش أبات فى التحرير، علشان ولادى مش بيناموا من غيرى».