تصاعدت أزمة قانون السلطة القضائية، بين القضاة والسلطة التشريعية، عقب إعلان مجلس الشورى تحديد 25 مايو الجارى لمناقشة القانون، وتوحدت جميع الهيئات والأندية القضائية فى مقاطعة مؤتمر العدالة اعتراضاً على استمرار «الشورى» فى مناقشة قانون السلطة القضائية. وقرر مجلس القضاء الأعلى خلال اجتماعه الطارئ، أمس، برئاسة المستشار محمد ممتاز متولى تعليق الأعمال التحضيرية لمؤتمر العدالة الثانى لحين وضوح الرؤية بشأن ما هو معروض بمجلس الشورى، كما قرر نادى القضاة برئاسة المستشار أحمد الزند مقاطعة المؤتمر وعدم المشاركة فى فعالياته حال انعقاده بأى صورة من الصور. وقال مجلس القضاء فى بيان له أمس، إنه لما كان إعلان مجلس الشورى مناقشة القانون، يتعارض مع مقتضيات انعقاد مؤتمر العدالة الثانى، فقد قرر المجلس بعد الاتصال والتشاور مع رؤساء الهيئات القضائية (المحكمة الدستورية العليا، مجلس الدولة، هيئة قضايا الدولة، هيئة النيابة الإدارية)، تعليق الأعمال التحضيرية لمؤتمر العدالة الثانى، مشيراً إلى أنه سوف يدرس كافة ما قد يرد إليه من بدائل للخروج من هذه الأزمة. فى سياق متصل، قرر نادى القضاة عقب اجتماع طارئ له مساء أمس الأول، المقاطعة التامة لمؤتمر العدالة الثانى، مناشداً مجلس القضاء الأعلى أن ينتصر للقضاء وأن يكون عند مسئولياته فى الذود عن القضاة والوقوف معهم فى خندق واحد وأن يُعلن على الفور عدم المشاركة فى هذا المؤتمر. كما ناشد النادى فى بيانه وزارة العدل أن تنزِل على إرادة القضاة وأن تلبى رغبتهم وتمتنع عن المشاركة فى أعمال المؤتمر وأن تعلن عن ذلك بوضوح. وأكد النادى أن كل من يعصف بإرادة القضاة ويخرج عن إجماعهم ويشارك فى هذا المؤتمر يُسأل عن مشاركته بصفة شخصية أياً كان موقعه. وأعلن أن مجلس الإدارة لم يفوض أحداً مهما كانت صفته فى تمثيلهم فى هذا المؤتمر، وأن كل من يعمل على خلاف ذلك يكون خارجاً عن إجماعهم مبدداً لوحدتهم. ووصف النادى قانون السلطة القضائية المعروض بمجلس الشورى ب«المشبوه»، وقال إن قضاة مصر مطمئنون ومن خلفهم شعب مصر إلى أنه لن يرى النور، وأن الثقة تملأ نفوسهم فى أعضاء مجلس الشورى الشرفاء مستقلين وحزبيين الذين لن يسمحوا لأنفسهم بأن يكونوا أداة فى يد من يتسلط على السلطة القضائية لتصفية حساباته معها أو يمس بقدسيتها. وأوضح النادى أنه بعد بدء الجهات المختصة الإعداد لمؤتمر العدالة الثانى الذى دعت إليه مؤسسة الرئاسة، وما واكب تلك الدعوة من تصريحات دلت على أن مشروعات القوانين المقدمة لمجلس الشورى من بعض الأحزاب لتعديل قانون السلطة القضائية قد غُض الطرف عنها، وأنها لن تطرح للمناقشة مرة ثانية، الأمر الذى لاقى ترحيباً من قضاة مصر دعاهم إلى معاودة التفكير للمشاركة فى أعمال المؤتمر وفق الضوابط التى أفصحوا عنها فى بياناتهم الرسمية المتعاقبة، لكن فاجأ مجلس الشورى الجميع بمعاودة طرح مشروع القانون المشبوه مرة أخرى وحدد جلسة 25 مايو المقبل لعرضه على المجلس، على غير ما قُطع من عهود وأُعطى من وعود. وشدد النادى على أنه لن يتوقف القضاة عن بذل كل الجهد المشروع لدرء هذا العدوان ليبقى قضاء مصر الشامخ حصناً منيعاً يحمى ظهور كل المصريين من العسف والجور، مختتما بيانه بالآية الكريمة: «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ». كما قرر نادى قضاة الشرقية برئاسة المستشار إيهاب سرحان، عدم المشاركة فى مؤتمر العدالة الثانى، مؤكداً أن استمرار «الشورى» فى مناقشة قانون السلطة القضائية يفرغ مؤتمر العدالة من مضمونه. وقال المستشار أحمد الزند، رئيس نادى قضاة مصر، إن نادى القضاة وكل أندية القضاة بالأقاليم، اتخذوا قراراً نهائياً لا رجعة فيه بمقاطعة مؤتمر العدالة، الذى دعت إليه مؤسسة الرئاسة لحل الأزمة مع القضاة، وذلك بسبب ما سماه «تغول السلطة التشريعية على السلطة القضائية». وأضاف «الزند» فى تصريحات للصحفيين، عقب اجتماع النادى، أن قرار مجلس الشورى مناقشة قانون السلطة القضائية مرة أخرى «مفاجئ»، خاصة بعد تطمينات الرئاسة وجهات أخرى بأن القانون لن يناقش حالياً، مؤكداً أن نادى القضاة قرر فعلياً تدويل أزمة الاعتداء على السلطة القضائية والانتهاكات التى يتعرض لها القضاء المصرى فى الآونة الأخيرة من السلطتين التنفيذية والتشريعية، ومحاولات هدم استقلال القضاء. وكشف عن أن هناك مفاجآت ستعلن الأسبوع المقبل بشأن تدويل قضية الاعتداء على السلطة القضائية، وسيكون التدويل أمام الاتحاد العالمى للقضاة والمحكمة الأوروبية، والمجلس العالمى لحقوق القضاة والمحامين. من جانبه، قال المستشار عبدالله فتحى وكيل أول نادى القضاة، إن مجلس الشورى تجاوز وعود الرئيس محمد مرسى للقضاة، وحدد جلسة 25 مايو الجارى، لمناقشة مشروع قانون السلطة القضائية، بعد استعجال نواب جماعة الإخوان المسلمين، الأمر الذى يوجه ضربة استباقية لمؤتمر العدالة. وقال «فتحى» يبدو أنه تحاك لنا مؤامرة، ولن نشارك فى هذا العبث، معتبراً أن ما فعله «الشورى» تفريغ لمضمون مؤتمر العدالة، الذى دعا له رئيس الجمهورية. فى سياق متصل، أكدت لجنة شباب القضاة والنيابة العامة كذب ما ادعاه أحد نواب مجلس الشورى من أن شباب القضاة يؤيدون تخفيض سن التقاعد حتى ينالوا فرصهم الضائعة فى الترقى. ووصفت تلك المزاعم بأنها من نسج خيال قائلها ووسيلة رخيصة للتفرقة بين شباب القضاة وشيوخهم، مؤكدة أن شباب القضاة على يقين من أن الغرض من خفض السن هو تعيين قضاة جدد تابعين لجماعة الإخوان المسلمين بهدف السيطرة على القضاء لا إصلاحه. وأعلنت أن أى مساس بشيوخ القضاة سيواجه بكل حسم وحزم، وأن شباب القضاة مستعدون للتخلى عن ولاية القضاء من أجل شيوخهم الأجلاء.