تنتظر أكبر البنوك العاملة فى السوق المحلية تخفيضاً جديداً لتصنيفها الائتمانى من قبَل وكالة «ستاندرد آند بورز»، وذلك بعد تخفيضها التصنيف الائتمانى لمصر من «-B» إلى «+CCC»، وهى إحدى درجات منطقة الاقتصاد عالى المخاطر، وفقاً لتقييمات مؤسسات التصنيف العالمية. وفيما يرى خبراء ومحللون أن الصورة حول الاقتصاد المصرى أصبحت سيئة جداً فى أذهان الاستثمارات الأجنبية حول العالم، كما أن تخفيضات التصنيف الائتمانى لمصر ومؤسساتها المالية قد يؤثر على قرار صندوق النقد الدولى، إلا أن مسئولين بالبنك المركزى قالوا إن تخفيض جدارة البنوك المصرية أمر طبيعى ومنطقى مترتب على تراجع التصنيف الائتمانى للدولة. وأكد الخبراء والمتخصصون أن الظروف السياسية والأمنية المتردية التى لا تزال تعيشها البلاد حتى الوقت الراهن هى السبب الأساسى فى تراجع التصنيف الائتمانى للديون السيادية لمصر، وهو ما ينعكس على تصنيفات الجدارة الائتمانية بالتبعية على البنوك العاملة فى السوق المحلية، وتحديداً أكبر 5 بنوك تموّل تلك الديون الحكومية. وتعد بنوك «الأهلى المصرى» و«مصر» و«القاهرة» و«التجارى الدولى» و«الإسكندرية» هى الأكثر تأثُّراً بتراجع التصنيف الائتمانى للدولة، وتقع تحت طائلة المراجعة لخفض محتمل فى تصنيفات القوة المالية والودائع لها، من قبَل المؤسسات الدولية. وحذَّر الدكتور هشام إبراهيم الخبير المصرفى، من أن تقود الأحداث الحالية والأزمة السياسية والأمنية، شركات التصنيف الائتمانى لتخفيض الجدارة الائتمانية للبنوك المصرية من جديد وذلك عقب تخفيض الديون السيادية المصرية على خلفية استمرار ارتفاع المخاطر السياسية، لافتاً إلى أن الأوضاع فى مصر لا تزال غير مستقرة فى عيون الأسواق العالمية والمؤسسات الدولية، وهو واضح جداً من مفاوضات صندوق النقد الدولى التى لم تنتهِ بعد أو حتى تقف على نقطة محدّدة لمنح مصر قرضاً بقيمة 4.8 مليار دولار. وأضاف أن تخفيض الجدارة الائتمانية للبنوك سيؤثر سلباً على تعاملاتها مع مؤسسات العالم الخارجى ويرفع من تكلفة عمليات التمويل التى تتم من خلالها، أو القروض التى تريد الحصول عليها، بخلاف أنها ستقلّص قدرة المؤسسات المحلية على طرح سندات أو صكوك فى العالم الخارجى، طالما لا تزال النظرة سلبية إلى الاقتصاد المحلى، مؤكداً أنها رسائل سلبية للمستثمرين الأجانب تجاه السوق المحلية. وقالت وكالة التصنيف الائتمانى «ستاندرد آند بورز» إن مصر تظل تحت ضغوط مالية مرتفعة، وإن المساعدات الدولية، بما فيها قرض صندوق النقد الدولى، صعب الحصول عليها فى الوقت الحالى، وذلك نتيجة لأن السلطات المصرية لم تعرض حتى الآن، سواء على المواطنين المصريين أو مجتمع المانحين الدولى، استراتيجية مستدامة متوسطة الأجل لعلاج مالية البلاد والاحتياجات المالية الخارجية. وأضافت أن القروض الثنائية والودائع تعمل كداعم لمركز احتياطى مصر من النقد الأجنبى الذى هو عند مستويات متدنية حالياً، بما يسمح للبلاد بهامش من الوقت لتقديم مالية عامة أكثر استدامة وتتجنب أزمة فى ميزان المدفوعات. وقال مصدر مسئول بالبنك المركزى ل«الوطن» إن البنوك ليس لها علاقة بتراجع التصنيف الائتمانى للدولة، مؤكداً أن التخفيض المحتمل للجدارة الائتمانية للبنوك المصرية يأتى بعد مراجعة التصنيف السيادى مؤخراً، لافتاً إلى أن خفض التصنيف الائتمانى للبنوك بعد تصنيف ديون الدولة أمر معتاد ومنطقى، حيث تركز المؤسسات العالمية على المخاطر الناتجة عن البنوك ذات النسبة العالية والمتزايدة لتعرُّضها للأوراق المالية الحكومية، وخطر المزيد من التدهور فى البيئة التشغيلية والتأثير المقابل على جودة أصول البنوك ورأس المال، بالإضافة إلى إعادة تقييم قدرة البلاد على دعم البنوك الحكومية المهمة بشكل منتظم. وأشار المصدر إلى أن انخفاض التصنيف الائتمانى للبلاد لا يتعلق بالبنية الأساسية للاقتصاد المحلى، فيما يرجع لأسباب أساسها الأزمة السياسية التى تعيشها البلاد منذ الثورة، وعدم وضوح الرؤية، مؤكداً أن مصر تسير فى خطوات ثابتة نحو توقيع اتفاق الحصول على القرض من صندوق النقد الدولى. من جهته قال محمود منتصر، عضو مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى، إن تخفيض التصنيف الائتمانى للدولة ينعكس على الجدارة الائتمانية للبنوك العاملة فى السوق المصرية، بحسب مؤسسات التصنيف العالمية، مشيراً إلى أن الأوضاع السياسية والأمنية تنعكس على نظرتها إلى ديون الدولة، وبالتبعية جدارة البنوك، خصوصاً أنها تستثمر جزءاً من أموالها فى إصدارات أوراق الدين المحلية مثل السندات والأذون التى تطرحها وزارة المالية عبر البنك المركزى. وأشار إلى أن خفض التصنيف الائتمانى للبنوك المصرية يؤثر على المعاملات المالية مع المؤسسات المالية والمصرفية فى دول العالم الخارجى، ومن بينها اعتمادات وخطابات الضمان للمصدرين أو المستوردين، وتخفيض حجم التمويل ورفع تكلفته، بما يوازى درجات المخاطر التى تواجه السوق المحلية. وقالت «موديز» العالمية فى وقت سابق إن مصر قد تتعرّض لخفض تصنيفها بمقدار درجة أو درجتين، وإن العامل الرئيسى وراء تخفيضها الأخير تصنيف الديون السيادية والبنوك المصرية يتمثل فى عودة البلاد إلى أوضاع عدم الاستقرار السياسى رغم استمرار عملية التحول إلى الحكم المدنى، فيما يتمثل العامل الثانى الداعم للمراجعة لخفض محتمل فى التصنيف فى تعطل مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولى.