قال الدكتور نادر نورالدين، خبير البورصات العالمية للحبوب مستشار وزير التموين الأسبق، إن البيانات التى «تبشر» بها حكومة هشام قنديل المصريين بشأن تحقيق قفزة فى إنتاجية القمح هذا العام «كذب وتضليل» للمصريين، على حد قوله، وأنها صدرت اعتمادا على معلومات خاطئة لتصوير «إنجازات وهمية»، متهما «قنديل» ووزراءه ب«الفهلوة». وأشار نورالدين فى حواره مع «الوطن» إلى أن قطاع الخدمات بوزارة الزراعة «يبدع» فى وصول الأسمدة للسوق السوداء، وليس للفلاح، وأن الأخير اقتطع من «لحمه الحى» لينفق على القمح الذى لم يحصل على كفايته من السماد هذا العام.. * كيف ترى تصريحات الدكتور باسم عودة وزير التموين حول تلقيه عروضا من عدة دول لتوريد القمح إلى مصر؟ - «عودة» لا يعلم شيئا عن تجارة القمح العالمية التى تجرى فى بورصة عالمية فى شيكاغو، حيث لا تقوم الحكومات ببيع القمح ولكن ذلك يتم من خلال تجار، وهو الخطأ الذى وقع فيه الرئيس محمد مرسى عندما قرر زيارة روسيا لاستيراد القمح من خلال الحكومة الروسية، التى لا تملك ذلك لأن المسألة بيد التجار. * ولكن هشام قنديل أعلن أن الحكومة نجحت فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح بنسبة تتراوح ما بين 60 و65%؟ - لقد عرض «قنديل» أرقاما خاطئة على المصريين عندما استشهد ببيانات وزارة الزراعة فى الأعوام السابقة وقال إن إنتاج مصر من القمح منذ عامين لم يتجاوز 5.5 مليون طن، وفى العام الماضى قفز الإنتاج إلى 7.5 مليون طن، ثم إلى 9.5 مليون هذا العام، وهى بيانات خاطئة لأن بيانات الوزارة المبالغ فيها ثابتة منذ 5 سنوات وهى 8 ملايين طن. * إذا سلمنا بأنها بيانات حقيقية فهل تكفى هذه الكمية لتحقيق الاكتفاء الذاتى من الخبز المدعم؟ - هى تكفى الخبز المدعم، ولكن احتياجات أى بلد من القمح لا يمكن تقسيمها إلى اكتفاء ذاتى من الرغيف المدعم وآخر من الرغيف الحر، وثالث من «الفينو» والمخبوزات الإفرنجية والحلويات، إلخ، وإنما هى احتياجات كلية تعامل كقيمة واحدة بعيدا عن أمور «الفهلوة» كعادة مسئولى الدول النامية، لأن ما تحتاجه مصر من القمح كمية ثابتة وهى 15 مليون طن. * وهل بيانات الحكومة التى تؤكد أن المنزرع من القمح هذا العام يصل إلى 3.5 مليون فدان صحيحة؟ - هذا الرقم مبالغ فيه بشكل كبير، وفى تقديرى أنه من المستحيل أن تزيد المساحة المنزرعة عن 2.7 مليون فدان، لأن مساحة الزراعات الشتوية فى مصر 6.5 مليون فدان منها 3.5 برسيم بالإضافة إلى 330 ألف فدان مزروعة بنجر السكر و150 ألفا فول و300 ألف شعير وثلاثة أرباع المليون فدان عدس وحمص، فمن أين أتوا بالبيانات التى تقول إن المساحة المنزرعة 3.5 مليون فدان؟ هذا كذب وتضليل للناس. * لكن هناك من يؤكد أن جهود وزارة الزراعة رفعت الإنتاجية إلى مستويات عالية؟ - إن أقصى إنتاجية يمكن أن ينتجها فدان القمح فى مصر لا تزيد عن 15 أردبا، طبقا لتقديرات الخبراء المصريين والعالميين، وفى حال حسابها فى المساحة 2.7 مليون فدان فلن تزيد إنتاجية هذا العام عن 6 ملايين طن كأقصى محصول متوقع من القمح هذا العام. وبقليل من العقل والحكمة أطلب من رئيس الوزراء ووزير الزراعة أن يقسما زراعات القمح والبرسيم والشعير وبنجر السكر والفول والعدس والحمص والفراولة وغيرها على مساحة 6.5 مليون فدان؛ ليعلموا قدر «الوهم» الذى يحاولون إقناع المصريين به، فى الوقت الذى تركوا فيه الفلاح يعانى أثناء الزراعة. * كيف.. وما وجه التقصير الحكومى؟ - الحكومة كانت مقصرة فى اهتمامها بمحصول القمح هذا الموسم، فلا هى قدمت تقاوى عالية الإنتاجية مجانا للمزارعين، ولا هى قدمت الأسمدة فى مواعيدها بالكميات الموصى بها، بل قدمت فقط رُبع ما ينبغى أن يُصرف للفلاح، وكان على الأخير أن يشترى الباقى من السوق السوداء بضعفى الثمن، قدر استطاعته، وبالتالى لم يحصل القمح على كفايته من السماد؛ بل إن الجزء الأكبر من الأسمدة الذى حصل عليه كان قطعا من «لحم الفلاح الحى» بسبب سوء إدارة قطاع الخدمات بوزارة الزراعة، الذى «يبدع» فى وصول الأسمدة للسوق السوداء وليس للفلاح.