فى كل عام يأتى «شم النسيم» أحد أقدم أعياد المصريين، تختلط ذكراه بكثير من الفتاوى والأحكام والنصائح، فوزارة الصحة تدعو المواطنين لتوخى الحذر وتنصحهم بالابتعاد عن «الرنجة والفسيخ»، بينما يؤكد شيوخ الفضائيات عدم جواز الاحتفال بالعيد الفرعونى إضافة إلى «تحريم» بيع «طعام العيد»، حسب تعبيرهم. بلحية كثة يغلب عليها لون الحناء، وجلباب يصل بالكاد إلى ما تحت الركبة، يقف أمام بوابة محله، الذى يحمل لافتة «شمس الإسلام للبقالة»، تصطف أمام المحل صناديق خشبية تحمل أسماكا مدخنة، فاليوم عيد: «لم أكترث بفتاوى الشيوخ رغم أنى تلميذهم» قالها محمد مالك صاحب محل البقالة، كل عام يسأل الرجل شيوخه عن حكم بيع الرنجة والفسيخ فيؤكدون أنه «حرام»، غير أنه يلتمس العذر لنفسه كون «الرنجة بتكسب كتير والشغل ملوش دين» كما يؤكد الرجل الخمسينى. «أنا مش متأكد من حرمانية بيعها، دى سلعة، ولو حرام المفروض الرئيس يمنعها» قالها الشيخ محمد، الذى يؤكد أن فتاوى د.ياسر برهامى، والشيخ أبوإسحاق الحوينى «تحتمل الخطأ والصواب»، «مالك» الذى يعتز بكونه أحد السلفيين يستمع لجميع فتاوى الشيوخ وينفذها بدقة إلا أن مثل هذه الفتاوى «لا يطمئن لها قلبى» على حد تعبيره، ويؤكد السلفى أن شم النسيم «عادة فرعونية وملهاش علاقة بالمسيحيين»، مشيراً إلى أن القدماء المصريين «كانوا بياكلوا السمك المملح والمدخن، أنا مابيعوش ليه»، يناشد الرجل مشايخ السلفية أن يقوموا بالتأكد من صحة الفتاوى «اللى ليها علاقة بأرزاق الناس لأن ربنا ميرضاش يتقطع رزق حد». وقال: «لو كان الشيخ ياسر عنده محل بقالة كان باع رنجة فى شم النسيم»، ورغم أن الشيخ محمد لم ينفذ فتوى تحريم بيع الرنجة والفسيخ، فإنه رفض التصوير، ومبرره هذه المرة دينى: «أصل التصوير حرام».