بين المحاليل والأدوية، ووسط الأطباء والممرضين الذين لا تتوقف حركتهم طوال الوقت، تعج صالة استقبال مستشفى 57357" بالكثير من الأطفال مرضى السرطان، فضلًا عن الموجودين بغرفهم، بجوار ذويهم الذين فتك بداخلهم الحزن عن الألم أضعافًا مضاعفة، وتركت الدموع آثارها بشدة على وجوههم، في انتظار موعد الجرعات العلاجية لتنقذ أولادهم مما يعانونه من ألم، إلا أنه هذه المرة وجدوا شاب وفتاة يرتدون زي "سانتا كلوز"، ويحملون حقائب مليئة بالهدايا والحلوى، يدلفون من باب المشفى، لتتبدل ملامح الحزن إلى سعادة وفرح وحماس شديدين على جميع المتواجدين. بفستان أحمر قصير ذو أحرف بيضاء وقبعة "بابا نويل" الشهيرة، وحقيبة مليئة بالهدايا والحلوى البسيطة، دخلت "نيرة هاني" إلى مستشفى سرطان الأطفال، في أول زيارة لها في حياتها، لتحمل معها أيضًا مشاعر الخوف والقلق والترقب، إلا أنها بعد أقل من 10 دقائق، سرعان ما تبدلت حالتها إلى الحماس والسعادة بردود الأفعال الجميلة التي وجدتها، لتخرج من المستشفى بقوة وفرحة داخلية لم تشعر بها من قبل، استمدتها من ضحكات الأطفال وذويهم، الذين غمرتهم سعادة واضحة. "ببساطة.. كنا عاوزين نفرحهم بطريقة مختلفة في رأس السنة ونشجعهم علشان ياخدوا الأودية، بس اكتشفنا أن أهاليهم كانوا محتاجين ده أكتر"، بهذه الكلمات البسيطة شرحت نيرة هاني، التي ارتدت ملابس "سانتا كلوز" بمستشفى سرطان الأطفال، وتجولت من قبل في شوارع حي الزمالك لتوزيع الهدايا البسيطة لتهنئة المواطنين بالعام الجديد، سبب زيارتها مع المصور الفوتوغرافي المعروف "جهاد سعد"، والتحول الذي شهدته ذلك اليوم، قائلة: "فوجئت بإقبال وسعادة كبيرة من الأطفال وذويهم، وشعرت بحاجتهم جميعًا للبهجة وكسر الروتين". ربما زار مستشفى سرطان الأطفال العديد من الأشخاص الذين يرتدون زي "بابا نويل"، إلا أن نيرة تعتبر هي أول فتاة تذهب إليها مرتدية تلك الشخصية، فمنذ عامين ونصف تركت الفتاة العشرينية عملها بأحد شركات القطاع الخاص لزيادة ضغوط العمل وقررت العيش كما يحلو لها، فبدأت في ممارسة الرياضة وتعلم التصوير، وجمع الملابس المختلف للشخصيات الشهيرة التي أصبحت تمتلئ بها خزانتها، لذلك لم تجد صعوبة في البحث عن فستان "سانتا كلوز" فور اقتراح "جهاد سعد" عليها ذلك، الشهر الماضي، لعمل جلسة تصوير بالزمالك للاحتفال مع السكان برأس السنة، وتوزيع هدايا بسيطة بمجهوداتهم الخاصة، وتتفاجأ بعدها بردود فعل مشجعة للغاية، دفعتها لتكرار الأمر مرة أخرى في مستشفى الأطفال. فكرتا الزيارة كانوا للمصور الفوتوغرافي "جهاد سعد"، صاحب صفحة "روبابيكيا" عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، الذي يسعى طوال الوقت لكسر الروتين المجتمعي، وإضفاء السعادة والبهجة على أفراد الشعب لحاجتهم الشديدة لذلك مؤخرًا، فضلًا عن اهتمامه بدور المرأة وتسليط الضوء عليها وإظهارها بشكل مختلف، على حد قوله، مضيفًا أنه قرر زيارة مستشفى "57، وأبو الريش"، لاستقبال رأس العام الجديد، وإضفاء الفرحة على الأطفال المتواجدين بها: "علشان هما محتاجين ده أكتر من أي حد"، وهو ما دفعه للحصول على موافقة إدارة المستشفى، وتسجيل جلسة التصوير باسم "ارسم ضحة وقلب على الشبابيك". وقال جهاد، الذي احترف التصوير منذ 6 أعوام وصاحب العديد من الجلسات الشهيرة ك"زواج القاصرات، وألبسي فستاك، والزواج المبكر"، إنه فور دخوله صالة استقبال مستشفى سرطان الأطفال بصحبة "نيرة" و"إبراهيم" الذين ارتديا زي "سانتا كلوز"، ركض اتجاههم الأطفال بسعادة غامرة والتصوير معهم، وهو ما تطلب أن يحصل على موافقة ذويهم أيضًا مراعاة لحالاتهم النفسية، حيث رفض بعض الأهالي ذلك، كما حرص الأطفال أيضًا على اختيار هداياهم بنفسهم التي تنوعت بين "قبعة بابا نويل، والإكسسوارات، والميداليات، وهدايا الكريسماس، وجوابات". الاستعداد لتلك الزيارة تطلب معاملة مختلفة وحساسة للغاية من قبل "جهاد"، لرغبته الحقيقية في إسعاد الأطفال، وهو ما جعله يمضي فترة طويلة ذلك اليوم، لم تمكنه من زيارة مستشفى "أبوالريش" أيضًا، مؤكدًا أهمية التبرع للمستشفى ماديًا ومعنويًا بتوفير الأشخاص بعض الوقت لزيارة وإسعاد الأطفال مرضى السرطان واللعب معهم، وهو ما دفعه للتفكير في تكرار الزيارة مرة أخرى فيما بعد.