بضع خطوات تفصلهم عن أقرب لجنة انتخابية، بعضهم فضل البقاء حبيساً فى سيارته لم يدخلوا إلى اللجان، استسلموا لقطرات العرق التى أغرقت وجوههم إثر حرارة الشمس التى وصلت إلى 39 درجة، الكل فضل طابور البنزين والسولار أمام المحطات على طابور الانتخابات، وبرروا التفضيل ب«طابور البنزين آخرته معروفة، لكن طابور الانتخابات مالوش آخر». من داخل كابينة سيارته «الربع نقل» يطل «ناصر جمال» -الرجل الأربعينى- لم يمنعه وجود بضع سيارات أمامه فى طابور السولار من رسم ابتسامة عريضة استحوذت على وجهه، حاملاً شعار «السولار أولاً» ثم «الانتخابات ثانياً»، ناصر -الذى يستغل سيارته كمواصلة داخلية- يقول: «من صباحية ربنا مفطرتش وده كله عشان أحجز دورى فى الطابور.. عملت لنفسى نظام، يوم شغل واليوم اللى بعده أمون العربية.. الواحد مش عارف يعمل إيه بس.. لا عارفين نشتغل ولا نعيش.. ده حتى النوم خاصم عينين الواحد بسبب البلطجية والحرامية». ضياء محمد لم يشفع له كونه من سكان 6 أكتوبر فى الذهاب إلى اللجان الانتخابية، حيث قرر منذ فجر ليلة الانتخاب أن يستغل فرصة تكالب المواطنين على طوابير الانتخابات، بأن يذهب لتموين سيارته بالسولار، لكنه فوجئ بأن كثيرين غيره فكروا مثله، ضياء له نظرية مصرية خالصة فى ظاهرة الطابور: «المعروف إن الطابور بياخد من عمرك من 4 إلى 5 ساعات يومياً.. ممكن الواحد يقف عشان رغيف عيش.. وممكن عشان الانتخابات لكن الأهم بالنسبة ليا هو السولار». السياسة أنواع ولكنها بالنسبة ل«على محمد» ليست سوى بضعة لترات من «السولار» ينجح فى اقتناصها من تلك «الطورومبة» المتهالكة الكائنة بمحطة الوقود: «العربية دى هى قوت عيالى.. وأظن إن أولادى أولى بكل قرش بتعب بيه وكل وقت أنا فاضى فيه.. يعنى أضيع كام ساعة فى طابور السولار ولا أروح الانتخابات اللى نتيجتها مطبوخة». تستقبل محطة الوقود المجاورة لأحد الميادين الرئيسية بمنطقة 6 أكتوبر نوعين من الطوابير، أحدهما مخصص للسولار، والآخر للبنزين ال«90»، ورغم اصطفاف «فؤاد عبدالفتاح» -الرجل الستينى- بطابور بنزين «90» الذى لم يشهد ازدحاماً، فإنه لن يدلى بصوته: «انتخابات إيه.. أنا اديت صوتى لحمدين صباحى فى الجولة الأولى لأنى كنت مقتنع بيه.. لكن دلوقتى الاتنين الموجودين مينفعوش.. فحرام عليا صوتى يروح هدر». «محمد طماوى» شاب صغير مشكلته مع الانتخابات إنه لم يبلغ بعد السن القانونية التى تتيح له الإدلاء بصوته، ولكن والده -على حد قوله- استغل ذلك فى أن أرسله لطابور «السولار» حتى يتاح لرب الأسرة الإدلاء بصوته فى الانتخابات: «أنا واقف بقالى أكتر من 4 ساعات عشان أفول العربية.. ووالله العظيم لو كنت طلعت بطاقة كنت رحت انتخبت واترحمت من الطابور».