جاءت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى، إلى العاصمة البرتغالية«لشبونة»، والتى استمر 48 ساعة، ومعها عدة كواليس ونتائج ترصدها «الوطن».وحظى الرئيس باستقبال حافل، كونه أول رئيس يأتى إلى البرتغال بعد تنصيب الرئيس «مارسيلو ريبيلو دي سوزا» فى مارس 2016، ومنحه وسام الأمير «أنريكية»، والذى يُعد أرفع وسام برتغالى، ومنح الرئيس لنظيره البرتغالى، قلادة النيل.وجاءت المباحثات الثنائية، لتزيد من التحالف المصرى البرتغالى فى المحافل الدولية، والذى ظهر فى دعم مصر لمرشح البرتغال «انطونيو جوتيرس» لمنصب سكرتير عام الأممالمتحدة، فى الوقت الذى تدعم فيه البرتغال مصر فى الاتحاد الأوروبى. وعلى المستوى السياسي، اتفق «السيسى» و«دى سوزا» على التنسيق والتشاور المكثف بينهما في إطار الأجهزة المختلفة للأمم المتحدة والمحافل الاقليمية والدولية الأخري مثل الاتحاد من أجل المتوسط، مع التعاون مع دول الاتحاد الأوروبي فى مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية وتدفق اللاجئين.وكان موضوع حقوق الانسان والأوضاع الداخلية، حاضر فى جلسة المباحثات الثنائية، وجاء الرد من الرئيس بحرص الدولة على ترسيخ قيم الديمقراطية وسيادة القانون، بالإضافة إلى تحقيق التوازن بين إعلاء حقوق الإنسان والحريات وتدعيم الامن والاستقرار، فضلاً عن توفير الخدمات الأساسية للمواطنين كالصحة والتعليم والإسكان، واقتصاديا، اتفق الرئيسان على عقد اللجنة المشتركة بين البلدين، وإمكانية إنشاء مجلس أعمال مشترك، كما تم استكمال التعاون الاقتصادى خلال لقاء الرئيس ومجتمع الاعمال البرتغالى، بتأكيد الرئيس على ضرورة العمل على زيادة التبادل التجاري بين البلدين الذي لم يتعد 200 مليون يورو، حيث لا يتناسب مع الإمكانات الكبيرة التي يتمتع بها البلدان، أو ما يربطهما من علاقات سياسية متميزة. وفى ختام اليوم الأول للزيارة الرسمية للرئيس، حرص نظيره البرتغالى، على دعوة "جوتيرس" لحضور مأدبة العشاء التى أقامها على شرف الرئيس، إضافة إلى العديد من السياسيين والمثقفين والشخصيات العامة البرتغالية، وجاءت رسائل الرئيس البرتغالى فى كلمته فى العشاء واضحة، لتؤكد على خصوصية العلاقات التى تربط بين البرتغال والشعوب العربية بالنظر إلى القرب الجغرافي، وهو ما يجعل العالم العربي يشكل جزءً من تاريخ وثقافة ولغة البرتغال، اضافة إلى تأكيده على محورية دور مصر فى الشرق الأوسط وتأثير أمنها واستقرارها بشكل مباشر على أمن واستقرار أوروبا، اما رسائل "السيسى" فكانت معبرة عن مدى الصداقة بين البلدين، والتى تقاس بمدى دعمها المتبادل أثناء المنعطفات الكبرى، ودور البرتغال في توضيح الصورة الحقيقية للتطورات في مصر لشركائها الأوروبيين وتأكيد أهمية دعم مصر بقوة في هذا المرحلة التاريخية، بالنظر إلى الارتباط الوثيق بين أمن واستقرار مصر، وأمن واستقرار القارة الأوروبية. وفى اليوم الثانى والاخير لزيارته، كان "السيسى" على موعد لالقاء محاضرة امام الدارسين بالاكاديمية العسكرية البرتغالية فى لشبونة، وجاء ترتيب هذه المحاضرة خلال الزيارة فى اطار حرص الجانب البرتغالى على التعرف على الرؤية المصرية فى مكافحة الإرهاب، والاستماع إلى الرئيس السيسى، والذى كان منذ عامين ونصف، وزيرا للدفاع. ووقف وزير الدفاع البرتغالى، ورئيس الأكاديمية، امام بابها، ليستقبلان "السيسى"، بحضور كبار قادة الجيش البرتغالي وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد فى لشبونة وعدد من الشخصيات العامة البرتغالية، وامتلئت القاعة على اخرها، ليقوم رئيس الاكاديمية بالترحيب بالرئيس، والتأكيد على موقع مصر الصعب والذى يفرض الكثير من التحديات التى تشارك فيها البرتغال مصر. وأطلق الرئيس فى كلمته 5 رسائل مهمة، الأولى هى إعرابه عن قلقه إزاء ما يتسم به النهج الدولي للتعامل مع ظاهرة الإرهاب والتطرف من قصور، جعلت الآلام والأضرار الناتجة عنهما تتسع لتصل إلى مختلف دول ومناطق العالم دون أن تلتزم حدوداً أو تحدها عوائق جغرافية.أما الرسالة الثانية، فكانت تأكيده أن ما انطبق على المنظمات الإرهابية التي نشطت في الدول الغربية وأوروبا في مراحل سابقة، ينطبق بدوره على المنظمات التي تتخذ من الدين الإسلامي ستاراً زائفاً لأعمالها، فرغم تنوع أسمائها وتوزيع الأدوار الظاهري بين أجنحتها، فلا يوجد فارق جوهري في الأفكار التي يؤمنون بها، حيث تتخذ من ذات المرجعيات الفكرية المتطرفة منهجاً لعملها، وإطاراً لنظرتها إلى مجتمعاتها والعالم، وكذا لخطابها ورسائلها الإعلامية القائمة على الإقصاء والعداء ونبذ الآخر وتكفير المجتمع، وهى جميعها مفاهيم مشوهة تتنافى مع روح الدين الإسلامي الحنيف ورسالته الحضارية السمحة التي تنبذ الانعزال والتطرف والعنف. وجاءت الرسالة الثالث، لتوضح الدور المصرى، فى التصدى لاستخدام العناصر الإرهابية للدعاوي والأسانيد الدينية غير الصحيحة عبر مؤسسات مصر الدينية، وعلى رأسها الأزهر، مع أن تكون مواجهتها للإرهاب والتطرف في إطار سيادة القانون واحترام المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ولعلمها أن هذه المعركة الشرسة، ليس فقط دفاعاً فقط عن نفسها، وإنما صونا للاستقرار الإقليمي وحمايةً لمقدرات شعوب المنطقة بأسرها. أما الرسالة الرابعة، فكانت دعوات "السيسى" إلى التوصل لتوافق دولي حول اتخاذ التدابير اللازمة والجادة لتجريم ومنع التحريض على الكراهية والعنف في المواقع الالكترونية ووسائل الاتصالات الحديثة، ومنع تزويد المنظمات الإرهابية بالمال والسلاح، ومواصلة جهود التوصل إلى تسويات سياسية للأزمات والنزاعات المسلحة القائمة بالنظر إلى ما توفره تلك الأزمات من بيئة خصبة لانتشار التنظيمات الإرهابية وتحركها بحرية ونشر فكرها المتطرف.وحرص الرئيس فى رسالته الخامس، أن تكون اثناء الرد على 3 اسئلة تم توجيهها له حول دور مصر فى مكافحة الهجرة غير الشرعية وزيادة تدفق اللاجئين والوضع فى ليبيا، حيث وصف الرئيس، الشعب المصرى بالبطل، لحرصه على أمن واستقرار بلاده، فضلاً عن تفهمه للتحديات التى تتعرض لها مصر، ولاسيما على الصعيد الاقتصادي مما تطلب اتخاذ اجراءات اقتصادية ضرورية.وجاءت زيارة الرئيس إلى البرلمان البرتغالى، لتزيد من تواصل الرئيس مع كافة مؤسسات الدولة البرتغالية، مع اعلان رئيس البرلمان عن تشكيل مجموعة صداقة مع مصر. وقبل أن يستقل الرئيس طائرته متوجهها إلى غينيا الاستوائية، للمشاركة فى القمة الافريقية العربية، زار مقر شركة اوجما للصناعات الجوية فى لشبونة، والتى تعد واحدة من أهم الشركات على المستوى الدولى فى مجال صناعة هياكل الطيران وصيانتها، فضلا عن قيامها ببحوث فى علوم الطيران، ليتفقد عدد من هناجر الشركة واستمع الى شرح لعمليات الصيانة التى تقوم بها الشركة للطائرات المدنية والعسكرية التى تنتجها الشركات المختلفة، وهو ما يمهد للتعاون فى مجال الطيران بين مصر والبرتغال، سواء على مستوى الطيران المدنى أو على المستوى العسكرى.