جلس فى مكتبه الفخيم بكل أريحية يراقب كليات الجامعة، عبر النوافذ يدقق النظر إلى طلاب الجامعة، هدأت أعصابه بعد أن استقر له المنصب بعد احتجاجات عنيفة شنها ضده طلاب جامعة الأزهر مطالبين بإقصائه. ظن د.أسامة العبد، رئيس جامعة الأزهر، أن ثورة الطلاب قد انطفأت وأن نارهم بردت بمرور الوقت، لكن لم تكن آفة الجامعة النسيان، هبّ الطلاب فى وجهه من جديد يطالبون بتحسين أوضاعهم بعد إصابة عدد منهم بالتسمم، لم يستمعوا إلى نداءات رئيس الجامعة بالانصراف إلى غرفهم المهملة، وإلى مطعمهم المركزى المسمم، متسائلين عن لجان حكماء الأزهر التى شكلها للقضاء على مشكلاتهم منذ عامين، تجددت ثورتهم من جديد بعد إصابة المئات من زملائهم بالتسمم من وجبات المدينة الجامعية، لم يشفع له إحالة المشرفين إلى النيابة العامة للتحقيق معهم، ولم تسهم الإجراءات التى اتخذها فى هدوء الأوضاع، لكن الطلاب تمسكوا بإقالته، رافعين شعار «لا تراجع ولا استسلام». برغم الإجراءات الظاهرية التى اتخذها العبد فإن نزيف الإهمال بالمدن الجامعية لم يتوقف عقب إصابة طالبات جامعة الأزهر بالتسمم أيضاً قبل أيام. ورث العبد تركة ثقيلة من الهموم والمشكلات ضربت الجامعة الإسلامية العريقة التى يزيد عدد طلابها الآن على نصف مليون طالب، ولم يفلح فى وقفه، بل ظهرت فى عهده حالات التحرش والتسمم داخل الجامعة. تمرد عليه الطلاب المغتربون ذوو الأصول الريفية البسيطة، فما وهنوا وما استكانوا فيما أصابهم. تشابهت ظروف رئيس الجامعة مع أحوال الطلاب المغتربين قبل 40 عاماً حين كان طالباً بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بالقاهرة، وتعرض لما يتعرضون له الآن من إهمال ونسيان. ولد د.أسامة محمد محمد حسن العبد فى عام 1949 بقرية كفر سعد بدمياط، لم يعان من شظف العيش حين كان صغيراً مثل معظم أقرانه من طلاب الأزهر، فكان والده عمدة القرية، التحق بالأزهر الشريف منذ صغره وحفظ القرآن الكريم والتحق بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة وحصل على الليسانس عام 1975 بتقدير عام امتياز، فور تخرجه عين وكيلاً للنائب العام حتى عام 1985، وفى تلك الفترة حصل على الماجستير والدكتوراه، وتم تعيينه بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة وواصل حياته بالجامعة أستاذاً للفقه الإسلامى حتى عام 1988، ثم أعير للعمل بالكويت بكلية التربية الأساسية بالهيئة العامة للتعليم، وبعد عودته عُين وكيلاً لكلية الشريعة والقانون، ثم عين نائباً لرئيس جامعة الأزهر للدراسات العليا عام 2010، وفى مارس 2011 تم تعيينه رئيساً للجامعة بقرار من المشير طنطاوى. ويعمل د.العبد أيضاً محامياً بالنقض، وله مؤلفات وكتب علمية تزيد على 30 كتاباً.