سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الوطن" تنشر حيثيات حكم "الاستئناف": وجوب عودة عبد المجيد محمود إلى منصبه كان من المتعين استفتاء الشعب على قرار عزل النائب العام بدلا من أن تنفرد به السلطة التنفيذية
أكدت دائرة دعاوى رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة، في حيثيات حكمها الذي أصدرته مؤخرا بإلغاء القرار الجمهوري رقم 386 لسنة 2012 بتعيين المستشار طلعت عبدالله بمنصب النائب العام واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار، أن أهم الآثار المترتبة على الحكم هي عودة المستشار عبدالمجيد محمود إلى عمله كنائب عام. وأشارت المحكمة، في حيثيات حكمها الصادر برئاسة المستشار سناء سيد خليل، وعضوية المستشارين محمد إبراهيم شقير ومحسن محمد الباز، إلى أنه طبقا للقانون، فإن النائب العام بموجب الحصانة القضائية المقررة له قانونا ولرجال القضاء والنيابة العامة، يستمر بمنصبه إلى أن يتقاعد ببلوغه السن القانونية، ولا يجوز نقله للعمل بالقضاء أثناء مدة خدمته إلا بناء على طلبه. وذكرت أن المستشار عبدالمجيد محمود شغل منصب النائب العام منذ عام 2006، ولم يقدم طلبا بإبداء رغبته في العودة للعمل بالقضاء حتى صدور القرار الجمهوري بتعيين المستشار طلعت عبدالله نائبا عاما بدلا منه، حيث استند القرار الجمهوري إلى الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 21 نوفمبر الماضي، بشأن طريق تعيين النائب العام وتحديد مدة ولايته. وأوضحت المحكمة أن هذا النص، بما تضمنه من مساس مباشر وفوري باستقلال السلطة القضائية وحصانتها المقررة بموجب الوثائق الدستورية المعمول بها، وبحصانة منصب النائب العام المقررة بموجب قانون السلطة القضائية الساري، كان من المتعين أن يتم استفتاء الشعب عليه، ليرقى إلى المرتبة المقررة للنصوص الدستورية التي تتمتع بالحماية الدستورية، كقاعدة تسمو على القانون وتوجب التزام المشرع بها، لا أن تنفرد السلطة التنفيذية، التي هو في الأصل محصن منها، بإصداره وتنفيذه بشكل مباشر وفوري مع تحصينه. وأكدت أن هذا النص القانوني، بتعيين نائب عام جديد، لا يمكن الاعتداد به كنص قانوني، إذ لم يتم أخذ رأي مجلس القضاء الأعلى بشأنه عملا بنص المادة 77 مكرر 2 من قانون السلطة القضائية، الذي ما يزال ساريا طبقا لنص للمادة 222 من الدستور الجديد، ومن ثم فإنه مفتقد لتكييفه القانوني كنص دستوري أو قانوني، ولا ينال من ذلك ورود هذا النص بصياغة مغايرة بالدستور الجديد. وقالت المحكمة إن قرار تعيين النائب العام الجديد صدر مستظلا بالقرار الجمهوري الصادر بالإعلان الدستوري غير المستفتى عليه، ولم يتم بعد صدور الدستور الجديد إعمال مقتضى أحكامه، طبقا للإجراءات التي نص عليها في هذا الشأن. وأشارت إلى أن النص بالدستور الجديد على الإبقاء على الآثار الناشئة عن الإعلانات الدستورية السابق صدورها، التي ألغيت بموجب الدستور، ينسحب فقط على نحو ما انتهت إليه المحكمة بقضائها المتقدم على تلك الآثار التي صادفت صحيح الدستور والقانون، ولم تنالها ثمة طعون قضائية يقضى فيها لعوار دستوري شابها، أو لبطلان قانوني لحق وقت صدورها. وقالت إنه من غير الجائز أن يكون هذا النص مستهدفا إضفاء المشروعية على ما يخالف الدستور ذاته، أو الإبقاء على آثار نصوص تم إلغاؤها قبل العمل الدستوري الجديد، لما شابها من مخالفات للمبادئ فوق الدستورية باستقلال القضاء والقضاة وعدم قابليتهم للعزل، وما اشتملت عليه من مساس باستقلال القضاء وحصانته. وذكرت أنه في مقدمة المبادئ فوق الدستورية المستقر عليها حقوق الإنسان وحرياته الأساسية المعترف بها دوليا بكافة الوثائق الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، التي من أهمها الحق في التقاضي وحظر تحصين أي عمل أو قرار من الطعن عليها أمام سلطة قضائية تتمتع بالحصانة والاستقلال الكامل، التي تؤدي دورها بالفصل في المنازعات وصولا إلى الترضية القضائية العادلة التي تستقر بها المجتمعات وتصان من خلالها الحقوق والحريات. وأشارت المحكمة إلى أن مصر وقعت على العديد من الالتزامات الدولية والإقليمية المنضمة إليها والمعنية بحقوق الإنسان وحرياته، إلى جانب أن الوثائق الدستورية المصرية المتعاقبة، بما فيها الدستور الجديد، تنص صراحة على تلك المبادئ (المتعلقة باستقلال القضاء والقضاة وعدم قابليتهم للعزل) ومنح الحصانة المقررة للنصوص الدستورية، وذلك بغية إعلاء دولة القانون وإرساء مبادئ الحكم الرشيد وقيم العدل والحرية والديمقراطية. وأكدت وجود الصفة والمصلحة للمستشار عبدالمجيد محمود في إقامة دعواه، باعتبار أنه شغل منصب النائب العام وقت صدور القرار الجمهوري المتضمن طريقة تعيين النائب العام، وأن هذا القرار لم يصدر في ظل سريان الدستور الجديد أو نفاذا لأحكامه، فضلا عن أن القرارات الصادرة بالإعلانين الدستوريين محل المنازعة أيا كان وجه الرأي فيها لم يتم استفتاء الشعب عليها، ومن ثم لا ترقى النصوص الواردة فيها والمتعلقة بالنزاع الماثل خلال فترة سريانها لمرتبة النصوص الدستورية، التي تحتل المرتبة الأولى على المدارج التشريعية وتتمتع بحصانتها. وأوضحت المحكمة أن استقلال القضاء من المبادئ الأساسية التي تنهض بمقتضاها منظومة حقوق الإنسان، ويستقيم في ظلها نصا وعملا وتطبيقا مبدأ الفصل بين السلطات الوطنية بالدولة الحديثة، الذي تقوم عليه بشكل حتمي وكامل أنظمة الحكم الديمقراطية ودولة سيادة القانون والحكم الرشيد، ومن ثم أصبح مبدأ عدم قابلية القضاة للعزل من الأركان الأساسية لمبدأ استقلال القضاء واستقلال القضاة في عملهم، وهو الأمر الذي نص عليه قانون السلطة القضائية وتعديلاته المتعاقبة. وانتهت إلى أنها استجابت لطلبات المستشار عبدالمجيد محمود بإلغاء قرار تعيين النائب العام الجديد المستشار طلعت عبدالله، واعتباره كأن لم يكن، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها عودة المستشار عبدالمجيد محمود لعمله كنائب عام.