بجلباب صعيدى جلس على سلالم العقار، دبدبات خطوات المتظاهرين دنت منه، لكن قوات الشرطة كانت لهم بالمرصاد، كر وفر، الثوار يقذفون الحجارة، بينما الداخلية تطلق عليهم قنابل الغاز، زكمت أنف «رضا» فبادر بإدخال أسرته إلى العقار، لكن الغاز تسلل إلى صدره بالفعل، فسقط مغشياً عليه، أفاق فوجد مجموعة من المتظاهرين التفوا حوله، داخل العقار الذى يحرسه، يقبضون بأيديهم على زجاجة خلّ أغرقت وجهه: «لما شميت الغاز قررت إنى أساعد أى واحد يتخنق»، ساعات مرت، تحول مدخل العمارة -الذى يبعد 500 متر عن مقر الإخوان- إلى ما يشبه المستشفى الميدانى، فيه يتم إسعاف المختنقين، ومداواة الجروح، دون أى غُصة تتسلل صوب قلبه: «الثوار مش بلطجية». وقت تصاعد حدة الاشتباكات، كان كل ما يشغل «رضا» -الحاصل على بكالوريوس تجارة- أمرين؛ أولهما سيارات السكان حيث سارع بإدخالها إلى الجراج وإغلاقه، وثانيها أسرته المكونة من 4 أطفال فى عمر الزهور وزوجته، لذا جلب القادم من محافظة المنيا «شومته» التى لم تفارق يده، وجلس على سلالم العمارة من أجل الدفاع عن أكل عيشه، لتأتيه المعونة من زوجته «بطانية صوف» لمواجهة البرد القارس فى تلك الليلة الظلماء. أكثر ما يؤثر فى الرجل الثلاثينى هو منظر الدم: «اللى بيحصل ده ميرضيش حتى اليهود نفسهم»، علاوة على التخريب عن غير قصد من قبل المتظاهرين والإخوان على السواء: «المشكلة إن ده مال عام.. وإحنا كشعب اللى بندفع كل ده فى الآخر»، مشدداً على ضرورة محاسبة ال 3 أطراف: «الشرطة والمتظاهرين وبتوع الإخوان»، لكنه يؤمن من خلال رؤيته للحدث بأن «المتظاهرين مش مخربين.. عاوزين يصلحوا حال البلد.. والدليل على ده إنهم متهجموش على العمارات ولا السكان».. الحاصل على المؤهل العالى، والذى تلاطمته الأيام ليعمل «غفيراً»، يؤكد أنه لو أتاه مُلك العالم كله وحدث ما حدث من وقوع إصابات واختناقات بالغاز وقتلى: «هتنازل عن نفسى قبل ما أتنازل عن الكرسى».