بالمصنعية| سعر الذهب اليوم الأربعاء 24-4-2024 في مصر للبيع والشراء    عاجل - يسكمل اقتحامه غرب جنين.. قوات الاحتلال داخل بلدة سيلة الظهر وقرية الفندقومية    البنتاجون: بدء البناء في ميناء مؤقت لإيصال المساعدات لغزة قريبا    نجم الأهلي السابق: هذا اللاعب هو الأفضل لقيادة الهجوم بدلًا من موديست    مشاهدة صلاح اليوم.. موعد مباراة ليفربول وإيفرتون في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    الأرصاد الجوية تحذر.. القاهرة تكسر حاجز 40 درجة مئوية في الظل    تكساس إنسترومنتس تتجاوز توقعات وول ستريت في الربع الأول    موازنة النواب: تخصيص اعتمادات لتعيين 80 ألف معلم و30 ألفا بالقطاع الطبي    ارتفاع جديد.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الأربعاء 24 إبريل 2024 بالبورصة والأسواق    مفاجأة صادمة.. تفاصيل العرض النهائي من الأهلي لتجديد عقد علي معلول    البنتاجون: هجومان استهدفا القوات الأمريكية في سوريا والعراق    اليوم، فتح متحف السكة الحديد مجانا للجمهور احتفالا بذكرى تحرير سيناء    بعد وصفه بالزعيم الصغير .. من هم أحفاد عادل إمام؟ (تفاصيل)    قناة «CBC» تطلق برنامج «سيرة ومسيرة» الخميس المقبل    خطر تحت أقدامنا    رئيس البنك الأهلي: «الكيمياء مع اللاعبين السر وراء مغادرة حلمي طولان»    نتائج مباريات ربع نهائي بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية PSA 2024    أيمن يونس: «زيزو» هو الزمالك.. وأنا من أقنعت شيكابالا بالتجديد    التموين: تراجع سعر طن الأرز 20% وطن الدقيق 6 آلاف جنيه (فيديو)    إصابة العروس ووفاة صديقتها.. زفة عروسين تتحول لجنازة في كفر الشيخ    مصطفى الفقي: كثيرون ظلموا جمال عبد الناصر في معالجة القضية الفلسطينية    بالخطوات .. تعرف على كيفية الاستعلام عن تأشيرة السعودية برقم الجواز 2024    مصطفى الفقي: الصراع العربي الإسرائيلي استهلك العسكرية والدبلوماسية المصرية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الأربعاء 24/4/2024 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    بقيادة عمرو سلامة.. المتحدة تطلق أكبر تجارب أداء لاكتشاف الوجوه الجديدة (تفاصيل)    من أمام مكتب (UN) بالمعادي.. اعتقال 16 ناشطا طالبوا بحماية نساء فلسطين والسودان    نشرة التوك شو| انخفاض جديد فى أسعار السلع الفترة المقبلة.. وهذا آخر موعد لمبادرة سيارات المصريين بالخارج    الارتفاع يسيطر.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 24 إبريل 2024 بالمصانع والأسواق    تونس.. قرار بإطلاق اسم غزة على جامع بكل ولاية    فريد زهران: دعوة الرئيس للحوار الوطني ساهمت في حدوث انفراجة بالعمل السياسي    موعد مباراة مانشستر يونايتد وشيفيلد في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    بالأسماء.. محافظ كفر الشيخ يصدر حركة تنقلات بين رؤساء القرى في بيلا    تعيين أحمد بدرة مساعدًا لرئيس حزب العدل لتنمية الصعيد    أداة جديدة للذكاء الاصطناعي تحول الصور والمقاطع الصوتية إلى وجه ناطق    القبض على المتهمين بإشعال منزل بأسيوط بعد شائعة بناءه كنيسة دون ترخيص    غلق شارع يوسف عباس بمدينة نصر وطرق بديلة هامة.. تفاصيل    3 أشهر .. غلق طريق المحاجر لتنفيذ محور طلعت حرب بالقاهرة الجديدة    مصرع سائق سقط أسفل عجلات قطار على محطة فرشوط بقنا    العثور على جثة شاب طافية على سطح نهر النيل في قنا    مسئول أمريكي: خطر المجاعة «شديد جدًا» في غزة خصوصًا بشمال القطاع    إعلام عبري: مخاوف من إصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال لمسؤولين بينهم نتنياهو    إعلان مهم من أمريكا بشأن إعادة تمويل الأونروا    لازاريني: 160 مقار ل "الأونروا" بقطاع غزة دُمرت بشكل كامل    الأزهر يجري تعديلات في مواعيد امتحانات صفوف النقل بالمرحلة الثانوية    فريد زهران: الثقافة تحتاج إلى أجواء منفتحة وتتعدد فيها الأفكار والرؤى    ما حكم تحميل كتاب له حقوق ملكية من الانترنت بدون مقابل؟ الأزهر يجيب    ‏هل الطلاق الشفهي يقع.. أزهري يجيب    هل يجوز طلب الرقية الشرعية من الصالحين؟.. الإفتاء تحسم الجدل    حكم تنويع طبقة الصوت والترنيم في قراءة القرآن.. دار الإفتاء ترد    رغم فوائدها.. تناول الخضروات يكون مضرا في هذه الحالات    عصام زكريا: القضية الفلسطينية حضرت بقوة في دراما رمضان عبر مسلسل مليحة    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    قد تشكل تهديدًا للبشرية.. اكتشاف بكتيريا جديدة على متن محطة الفضاء الدولية    طريقة عمل الجبنة القديمة في المنزل.. اعرفي سر الطعم    كم مرة يمكن إعادة استخدام زجاجة المياه البلاستيكية؟.. تساعد على نمو البكتيريا    العين يتأهل لنهائي دوري أبطال آسيا رغم الخسارة من الهلال    مع ارتفاع درجات الحرارة.. دعاء الحر للاستعاذة من جهنم (ردده الآن)    عاجل- هؤلاء ممنوعون من النزول..نصائح هامة لمواجهة موجة الحر الشديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لبنى عبد العزيز: مصر «انطفت»
الفنانة لبنى عبدالعزيز تتحدث ل«الوطن»: عندما يتكلم «مرسى» أشعر بهبوط
نشر في الوطن يوم 28 - 02 - 2013

عادت إلى مصر بعد غياب تجاوز ال30 سنة، رغبة منها فى أن تموت على أرضها التى تربّت فيها، وقضت أجمل أيام عمرها، الفنانة لبنى عبدالعزيز عادت مع ثورة يناير، لتشاهد انتفاضة الشباب، ضد الأوضاع الصعبة، ومعاناتهم، كانت الثورة حلماً لها، تتمنى أن ترى المصريين غير مستكينين، ولا «مطأطئ الرؤوس»، وقد تخلصوا من عقدة «فرعون» وأتباعه.
أكدت «لبنى» فى حوارها، الذى اختصت به «الوطن»، أنها «ناصرية»، ورغم أنها تدرك أخطاء عبدالناصر، الرئيس الراحل، إلا أنها تراه زعيماً بحق، تلهم خطبه الشعب، فى حين أن خطب الرئيس محمد مرسى، تجعلها تشعر ب«الهبوط»، بينما كان «السادات» ذكياً، وسياسياً وجذاباً، إلا أنها لا تعرف «مبارك» عن قرب.. تتمنى لو أنها تزور ميدان التحرير، لكن إخوتها يخشون عليها من فعالياته.
بطلة أفلام «أنا حرة» و«الوسادة الخالية» و«عروس النيل» و«وا إسلاماه»، أكدت أن الألم يعتصر قلبها، لحال مصر، ولدماء شبابها الذين خرجوا للمطالبة بحقوقهم، وبالحرية والحياة الكريمة، والعمل، واصفة من يُفترض بهم أن يضعونا على طريق الصحيح، ب«الوحش من دون رأس».. عن السياسة، والمشهد الراهن، والثورة المصرية، والحاضر والماضى، يدور حديث «الفنانة»، فى الحوار التالى..
* بداية.. كيف ترين المشهد الحالى فى مصر؟
- فى الحقيقة، أنا خائفة على بلدى.
* وما الذى يخيفك؟
- أنا عدت إلى مصر كى أموت على أرضها، وعندما قال مبارك تلك الكلمة، قلت وقتها، أنا قُلتها قبل منك، رجعت مصر «عشان» أموت فيها، كان هذا حقاً الدافع من رجوعى، فليس من المعقول بعد هذا العمر أن أُدفن فى أرض غريبة، وأولادى كبروا، ولم يعد أىٌّ منهم بحاجة إلىّ، فهم متزوجون ولديهم أولادهم، والدكتور أيضاً فقد أخاه وأخته، وكذلك أمه، وكان لا بد أن يعود، فأخذنا القرار ونزلنا مصر. وعندها كنت قلقة من الأوضاع، وكانت الناس تشكو منها كثيراً، حتى فوجئنا بالثورة، ولم أكن أتصور أن الشعب المصرى يمكن أن يقوم بما حدث فى يناير، ويثور، لأنه «واخد على دماغه» من عشرات السنين، وكنا نرى قبلها الإيرانيين يثورون، واللبنانيين يثورون، أما فى مصر كان السكون، لذلك كنت فى منتهى السعادة، عندما قامت ثورة 25 يناير.
* هل ذهبتِ إلى ميدان التحرير؟
- إخوتى كانوا كل يوم فى الميدان، وكنت «باتحايل عليهم» يأخذونى معهم، لكنهم كانوا يقولون لى: ممكن «تقعى وتداسى» وتموتى فى أيدينا، ورفضوا أن أصحبهم، لكن أحد إخوتى وعد مؤخراً، بأن يصحبنى معه إلى الميدان.
* لماذا تريدين النزول إلى التحرير؟
- لأنه إحساس جميل أن أكون مع الجماهير وأطالب بشىء -صمتت لبرهة- أنا تعبانة جداً هذه الأيام، وقلقة جداً على بلدى، وأشعر أننا فى خطر، فى ظل الصراع الشديد القائم، وكأنه «وحش من دون رأس».
* من تقصدين بالوحش دون رأس؟
- أقصد من لا يفكرون بشكل سليم، ممن يجب عليهم وضعنا على الطريق الصحيح، لبدء تحقيق حلم جميل، هو مصر الحضارة. هل اخترنا صح أم خطأ؟ هل ما يفعله الرئيس، لمصلحة البلد، أم لحزبه وجماعته، لا أعرف، لكنى أشعر بالحيرة والقلق.
* ما ملاحظاتك على أداء «مرسى» حتى الآن؟
- اختفاؤه عن الساحة الإعلامية، وأنا أعلم جيداً أن هذا خطر كبير، خصوصاً أننى كنت فى بلد رئيسه يخرج علينا يوماً بعد آخر، ليقول لنا هذه الغلطة حدثت بسبب كذا وكذا، أو إن هذا الخبر جاء للسبب هذا، وإننا سنتخذ الخطوة «الفلانية» يوم كذا. كان هناك تواصل كامل ودائم بين الشعب ورئيسه الذى اختاره، وأتى به إلى كرسى الحكم، لذلك هو فى خدمتنا، وعلى الخادم أن يقول لنا بين الحين والآخر ما الذى يفعله، وما سيقوم به؟
* أين كنتِ فى الخارج؟
- فى الولايات المتحدة الأمريكية.
* لكن، هل كل ما يحدث فى أمريكا يعلمه الشعب؟
- بالطبع، وإذا حدث شىء ما فى الخفاء واكتشف الشعب «هاج» على الحاكم، ومعه الصحافة والإعلام، وكأنهم «يجرجروه»، كى يخرج عليهم ويخبرهم بما يحدث ولماذا؟
* وما تقييمك للرئيس مرسى؟
- أرى أنه يكرر نفس أخطاء حسنى مبارك، الرئيس السابق، الذى كان «قافل» على نفسه، وأرى أنه ليس مقيماً فى برج عاجى، وإنما فى «زنزانة عاج» لأن اختفاءه عن شعبه، وكأنه لا يرى، ولا يسمع، ولا يتحرك بين الناس، خطأ كبير، ومن الخطر أن يغمض عينيه، ويسد أذنيه عن مطالب الشعب، أرى أنه فى وضع ومكانة سيئة للغاية، خصوصاً أن الشعب يصرخ بأعلى صوته، رافضاً سياساته، ويهتف ضده، وهو «عامل نفسه مش سامع».
* وما نصيحتك له؟
- أنا أقول له لا بد أن تخرج على شعبك، وتشرح له كل ما يحدث فى الشارع، وكيف ستواجهه، وما إجراءاتك فى ذلك؟ كما عليه أن يلتزم بأقواله وينفذ وعوده.
* ألم تفكرى فى ظل الأوضاع الحالية أن تعودى إلى أمريكا؟
- لا لن يحدث أبداً، لن أترك مصر فى هذا التوقيت، وأحرم نفسى من إحساس كل مواطن مصرى، فأنا من هذا الشعب، أريد أن أعيش هذه المرحلة التى نمر بها من تاريخ مصر، لقد سافرت إلى أمريكا فى «الكريسماس»، لأزور أولادى، وعندما عرفوا رغبتى فى العودة إلى مصر، ظلوا يبكون ويلحون علىّ لأبقى معهم، لأنهم خائفون علىّ، لكنى رفضت وبإصرار عُدت إلى بلدى.
* كيف ترى ابنتاك المقيمتان فى أمريكا الوضع فى مصر؟
- الوضع بالنسبة إليهما مخيف جداً، وترى كل منهما مصر تحولت إلى غابة «الكل فيها يأكل ويضرب بعضه»، دون أن يعلم أحد من ضرب من؛ معقول الشرطة تضرب المواطنين؟!، هل يُعقل أن من يجب عليه حماية الشعب، هو من يضربه، الشرطة فى أمريكا تحمى الشعب، وعندما شاهدتا ما حدث ل«حمادة صابر»، أصيبتا بالصدمة والذهول، والرعب مما يحدث فى مصر، وقالت لى إحداهما بتعجب وحسرة «هل هذه هى الثورة السلمية التى صفّقت لها كل دول العالم».
* هل حقاً كما يقول البعض تستغرق كل الثورات وقتاً لتحقق أهدافها؟
- لا، فهذا كلام إنشاء، خصوصاً أننى رأيت كيف تكون الثورات فى الدول المتحضّرة، ورأيت الحكومات تتوالى واحدة بعد الأخرى، بطريقة فى منتهى الكرامة والاحترام، والنبل، أنا لست مقتنعة بأن الثورة يجب أن تأخذ وقتاً وتمضى سنوات حتى تحقق أهدافها، فنحن كالتائهين، نبحث عن طريق، ولا نجده.
* ما وصفك للوضع الحالى بعد الثورة؟
- أشعر كأن الشباب «طلعوا ولعوا فينا بكبريت» وتركونا والنار مشتعلة، ولا نعرف نحن كيف نخمد تلك النار.
* هل ترين أننا نسير نحو أخونة الدولة؟
- أنا ضد أخونة البلد، وضد التطرُّف، ومع وسطية الدين، التى يمثلها الأزهر ومذاهبه، وأرى أن التديُّن الحقيقى هو الكرم، والطاعة، والإيمان، وحُسن الخلق، وأمور أخرى كثيرة، ليس منها التطرُّف، أو العنف، أو قسوة السلطة، كل تلك الأمور بعيدة عن التديُّن. أنا عندى تسامح مع كل العالم، وفى قلبى مكان لكل ملة، وكل دين، وكل لون، لأننا جميعاً أبناء آدم وحواء، والله هو خالق الجميع من طينة واحدة، وأرادهم مختلفون، ولو شاء لجعلنا جميعاً مسلمين، أو مسيحيين، لذلك أرفض بشدة أن يُضطهد المسيحيون، لأنهم قبل أى شىء، مصريون.
* باعتبارك فنانة، كيف تصفين الوضع الحالى، فى مشهد سينمائى؟
- أقول إننا نبدو كمن يوجد تحته فحم مشتعل، والشعب «عمال يتنطط، وينتفض» بعد أن غطى العنف كل شىء، وسيطر على المشهد، وأكثر ما يؤلمنى، أن هناك أسئلة لا نجد لها جواباً، منها من الذى قتل «محمد الجندى»؟، ولماذا؟، وما دوافعه؟
* هل تخافين على الثورة؟
- أنا أؤمن بأن الثورة لا ترجع إلى الخلف، لا توجد ثورة تؤخر الشعب، وإنما يمكن أن تتقدم ببطء، سواءً كان النظام فاسداً، أو صالحاً، وسواء كان هناك عنف، أو استقرار، 25 يناير ستتقدم، ومهما حدث لن نعود مرة أخرى إلى الخلف.
* إذن نحن نسير فى الاتجاه الصحيح؟
- نأمل هذا.
* وما مصر التى تريدينها بعد الثورة؟
- أريد مصر أن تكون عظيمة كما كانت دائماً، فلسنوات كنت أُلقى محاضرات عنها، وعن عظمتها ومكانتها وحضارتها وتاريخها فى أمريكا، وفى كل مكان كنت أذهب إليه، فى الجامعات، والكنائس، والنوادى، فأنا عاشقة لمصر بتاريخها، وتراثها، ولا أحب أن يزول كل ذلك، بلدنا مسلم، لكن هذا لا يعنى أن نكون مثل أى بلد «مسلم»، لأن لنا تاريخاً وحضارةً خاصةً، لا تمتلكها قطر، ولا الكويت، ولا أى بلد آخر، نحن متميزون ومختلفون.
* يرى البعض أن مصر ذاهبة إما إلى النموذج التركى، وإما الإيرانى، أيهما تفضلين؟
- لا تركيا ولا إيران، نحن نختلف ونتميز، ولا بد أن تكون لنا شخصيتنا المستقلة، صحيح أن إيران لها تاريخ، لكن مصر تمتلك حضارة لا تضاهيها حضارة فى العالم، الحضارة المصرية يزيد عمرها على 7 آلاف سنة، فى كل متحف فى العالم تجد أثراً يخص مصر، وشاهداً على حضارتها، أنا شخصياً لم أذهب إلى أى متحف إلا وجدت فرعاً ضخماً لتاريخ مصر، وبعد كل هذا نسمع الآن أن هناك من يريد أن يمحو تلك الحضارة، أنا أقول لهؤلاء لن تستطيعوا محو تاريخ مصر وحضارتها متنوعة المراحل، بل هم من سيُجرى محوهم.
* هل وصول الإخوان إلى الحكم أقلق لُبنى عبدالعزيز؟
- لا، ما دام الحكم عادلاً، فلا مخاوف منه، ووصول حزب بعينه إلى الحكم لا يقلقنى، ما دام هذا مهتم بمصلحة الوطن، ويلبى احتياجات الشعب، ويحافظ على سلامة الأرض والمجتمع، ويحرص على التوافق بين الأديان، دون تمييز، أو اضطهاد، كما لا يشغلنى إن كان «تتره» مسلماً أو مسيحياً، لكن المهم أن يحكم بحكمة وعدل، لذلك أنا لست منزعجةً من وجود «الحرية والعدالة» فى الحكم، وإنما من طريقته فى الحكم.
* إذن فما مآخذك على طريقته فى الحكم؟
- أولاً ليست لديهم خبرة، ولا يمتلكون مشروعاً للنهضة، ولا برنامجاً أو أهدافاً واضحة، هؤلاء «مش عارفين يعملوا إيه»، و«لا عارفين يختاروا تكنوقراط» لإدارة البلد، لذلك البلد «انطفت». هكذا أراها الآن، مصر «مطفية»، فى كل مكان، فنادقها ومطاعمها وشوارعها، عندما عدت من الخارج كان البلد «منور»، ونسبة الإشغالات فى الفنادق 100%، وكان السائحون موجودين فى كل مكان، أما الآن فمصر «فضيت»، هل هذا ما كنا نريده؟ أن تصبح مصر «مطفأة».
* ما تعليقك على مشاهد العنف والدماء فى الشارع؟
- المشهد الآن، رماد ودم -بنبرة حزينة- والدماء منظرها يؤلمنى كثيراً، ولا أعرف، ما الذى فعله هؤلاء الشباب كى يموتوا، هل لأنهم حاولوا النهوض ببلادهم، وتجرأوا وحلموا ببلد حر، متقدم، تُعلى فيه الكرامة والإنسانية، وقيم العدالة، هل هذا ذنبهم، حتى يُلاقوا القتل -تدمع عيناها- لست مطمئنة على مصر.
* هل يمكن أن يؤثر حكم الإسلاميين على صناعة السينما؟
- بالعكس، فأنا تفاءلت مع صعودهم، وقلت بإمكاننا الآن أن نصنع أفلاماً توضح الإسلام الحقيقى، لتخرج للعالم كله، وتكشف وسطيته للجميع، حتى نعرِّفهم ماذا يعنى الإسلام، بعد أن أساء الكثيرون إلى صورته وسمعته فى الخارج، وكنت أتألم حزناً عندما يقولون لى فى الخارج، الإسلام إرهاب، فأرد عليهم «لا، الإسلام مش كده» وأشرح لهم حقيقته.
* وكيف ننهض بالسينما المصرية فى ظل وجود الإسلاميين؟
- ننهض أولاً بالسينما النائمة، عن طريق عمل أفلام ضخمة جداً، نروِّج لها عالمياً وتصرف عليها كل الدول العربية، لا مصر فقط، وعلينا أن نكتب روايات شيّقة عن الإسلام والمسلمين، وثانياً، علينا أن نكشف الصورة الحقيقية للإسلام، وكنت أقول بالتأكيد بعد 30 سنة من «واإسلاماه» سنتقدم، ونقدم ما هو أفضل وأقوى، وعندما عُدت إلى مصر فوجئت بأنهم يريدون قتل كل شىء، وهنا تحضرنى تجربة «روسيا» عندما حاولت توجيه الفن، ثم القضاء عليه، ولم تنجح، حيث كانوا يهرّبون الكتب والأشعار والأغانى إلى الخارج، وكان الشعب يتغنى بها من تحت الأرض ضد الحكم الظالم.
* هل يمكن أن نصل إلى هذه المرحلة؟
- الأمر متوقف على درجة الكبت التى يعيشها الشعب، فإذا كان زائداً، فسيحدث عندنا ما حدث لروسيا. كنت أرى أن هناك نهضةً أدبيةً فى بلادى ستزداد، لكن حدث نوم فى كل شىء، وأصبحت كل من «لبنان وسوريا» تصنع مسلسلات وتتميز بها، وأخيراً جاءت المسلسلات «التركية»، فأين مصر؟ وأين نهضتها؟ كيف يقطعون رقبة طه حسين؟ «ده كلام!»، هل لكونها «برونز» قطعوها ليبيعوها مثلا، أم أنه يوجد معنى وغرض آخر من هذا، أنا «مش قادرة أصدق» ما يحدث فى بلدنا، بعد أن حلمنا بنهضة أدبية، يتبعها استقرار سياسى ونهضة اقتصادية، وصلنا إلى ما نحن فيه الآن.
* إذن، فكنتِ متفائلة بوصول الإسلاميين إلى الحكم؟
- بالطبع كنت متفائلة جداً.
* ولكن انتخبتِ «شفيق»، وليس «مرسى»؟
- صحيح أنا انتخبت شفيق «عرفتِ إزاى؟» -تضحك- فى الحقيقة أنا فى المرحلة الأولى من الانتخابات اخترت عمرو موسى، لكنى صُدمت عندما حصل على تلك النسبة، كنت أعتقد أنه سيكتسح!، ولا أفهم ما حدث، كأنه «سحابة وطارت».
* لماذا لم تنتخبى «مرسى» فى الإعادة ما دمتِ متفائلة بالإسلاميين؟
- لم أنتخبه بسبب ما يحدث الآن، فكنت أخشى أن يصير «مرسى» والياً للإخوان، لا رئيساً للمصريين، فما كنت خائفة من حدوثه، أصبح واقعاً الآن، بسرعة شديدة، ولو حدث بهدوء وتدرُّج كما فعل «اليهود» الذين كسبوا أمريكا فى فترة من «50 إلى 60» سنة بالصبر، بعد أن كانوا مضطهدين لاختلف الأمر، اليهود الآن متحكمون فى اقتصاد أمريكا، وفى إعلام كاليفورنيا، وتجارة نيويورك، متحكمون فى كل شىء، حتى إنك تجدين الآن من بين 3 أمريكان يعملون يهودياً.
* ماذا تقولين لمن يردد «أنتم لم تعطوا (مرسى) فرصة؟
- المؤشرات واضحة، فحين نرى اختيار «قنديل» رئيساً للحكومة، ثم وزرائها، ثم نرى الأحداث التى ليس لها معنى، نتأكد أن هناك بدائية فى الحكم، مما يجعل من الصعب بمكان حدوث نهضة ونمو فيما بعد، ثم هناك اتجاه قطرى شيعى إيرانى يستهدف مصر بوضوح.
* ما تقييمك لعلاقتنا مع أمريكا؟
- أرى أن الولاء لأمريكا قوى جداً، وأكتب هذا فى مقالاتى ب«الأهرام ويكلى»، ولا شك أن أمريكا، «واقفة بقوة جداً مع الإخوان»، أكيد لأنهم وعدوهم بأشياء «أُمال ليه» يعنى!، فهذا ليس من أجل عيون «مرسى»، والإخوان قالوا لهم، إننا سنُبعد «حماس» عن «إسرائيل». فعندما ننشغل ب«الخناق مع بعض»، السنى مع الشيعى، والنور مع الحرية والعدالة، ومع المسيحيين، فلن يفكر أحد فى «إسرائيل»، ولا فى «فلسطين»، وعندما يتكرر الأمر فى «ليبيا، والعراق، والجزائر» تصبح مكونات كل دولة مشغولة بمحاربة بعضها، فستكون إسرائيل هى الرابح الوحيد، لذلك فإن سياسة «أمريكا» تصب فى مصلحة إسرائيل، على طول الخط، ضعى «بوش، أو أوباما»، أو أى رئيس آخر، لن تتغير السياسة الخارجية الأمريكية تجاه إسرائيل، ومن يروِّج أنهم يشكون من «مرسى» أو «الإخوان» أقول له: كله كلام سياسة، لأن «الشاطر» والإخوان «مريحينهم»، لذلك أمريكا مرحبة بهم، وعندما يعزم «الشاطر»، «كارتر»، وبعده «كلينتون»، فهذا مؤشر على طيب العلاقة، وللعلم، «الشاطر» يعرف كيف يتحدث أكثر من «مرسى»، وهو ذكى ولبق، ولا بد أنه وعد أمريكا بشىء جعلها تدعم الإخوان.
* لكن ما موقف الكونجرس من حكم الإخوان؟
- يوجد بالكونجرس بعض الأعضاء يفكرون باستقلال، هؤلاء «هايجين» ضد «الإخوان، ومرسى»، أما الحزب الديمقراطى فيتبع «أوباما وكلينتون»، وكنت مطلعة إلى حد كبير، على السياسة الأمريكية، وعلى علم ببواطن أمور الجمهوريين والديمقراطيين.
* وماذا عن أوباما؟
«أوباما» لم أشعر تجاهه بارتياح، وعندما قال خطابه فى جامعة القاهرة لم أصدق ولا كلمة منه، إلا أن الجميع هلل له، وقلت لهم لا تصدقوا كلامه، وهذا موقفى من الرئيس الأمريكى منذ كنت مقيمة فى أمريكا، وكثيرون كانوا «يخانقونى» عندما أقول هذا عنه، ثم أثبتت الأيام صحة موقفى، وبعد أن هاجمونى فى الماضى، قالوا لى الآن: كان معك حق، «أوباما» يكذب، ويقول ما يريدونه، فإن قالوا أخضر قال «أخضر»، وإن أسود فأسود، «أوباما» شيوعى، له كتابان أكد فيهما ذلك.
* من الذين انتخبوا «أوباما» إذن؟
- من انتخبوا أوباما فى أمريكا، هم الأقلية السود، واللاتينيون، والكوريون، والفيتناميون، وهم كثيرون جداً، وكلهم يشكلون نحو 51%، أما ال49% الباقية فهى الشعب الأمريكى الذى سيختفى يوماً ما، لتصبح أمريكا لاتينيين، على كوريين، على فيتناميين.
* إذن الصندوق ساوى الرئيس المصرى بالأمريكى؟
- نعم الرئيس الأمريكى لم يحصل على الأغلبية، ولم يكتسح، والأمريكان ليسوا مثقفين، وأتكلم هنا عن المواطن الأمريكى العادى، الذى كنت أتعامل معه يومياً، فمثلا اللاتينى يتمثل فى المرأة التى كانت تنظف المنزل، والأسود مَن يراعى حديقته، وهؤلاء مستواهم الاقتصادى متدنٍ.
* لا تقولى لى إنهم كانوا يعطونهم «زيت وسكر» فى الانتخابات؟
- ضاحكة: إذا كانوا فى مصر يعطون الناخبين «زيت ودقيق»، ففى أمريكا يعطونهم علب سجائر كبيرة، وعلباً مليئة بالساندويتشات، والمشروبات، ويوفرون لهم الأتوبيسات التى توصلهم إلى مقار الاقتراع وتعيدهم إلى بيوتهم.
* إذن فالغش، واستغلال الحاجة ليس مقصوراً على المصريين؟
- بالطبع، الغش موجود، وما يحدث عندنا يحدث فى كل العالم، هل تتذكرين عندما تنَافَس كل من «كيندى ونيكسون» فى انتخابات الرئاسة، كان الفرق بينهما فى الأصوات نحو 5 آلاف، فحاول عمدة شيكاغو تغيير الأصوات، إلا أن أمره انكشف، وكانت فضيحة كبرى، أدت إلى فوز «كيندى»، وخسارة «نيكسون»، فهم أيضاً لهم وسائلهم، مما يؤكد أنه لا يوجد ما يُسمى بالديمقراطية النقية فى العالم.
* هل هناك تعارُض بين الديمقراطية والليبرالية؟
- الديمقراطية حاجة والليبرالية حاجة تانية، فالليبرالية تطرُّف فى التفكير، يميل إلى الشيوعية؛ فالبواب والغفير والجناينى لا بد أن توفر لهم الدولة المسكن والرعاية الصحية، والتعليم، والمأكل، وفرصة العمل، ووالدى ربّانا على أنه إذا كانت هناك «تورتة»، فلا بد أن يحصل كل واحد على قطعة، بغض النظر عن طبيعة عمله، أو مستواه الاجتماعى، هذا هو اعتقادى وقناعتى، أن من حق كل واحد، أن يكفل له بلده الأكل والعمل، ويرعاه صحياً وفكرياً. أما الديمقراطيون فى أمريكا، فهم يغالون فى سلوكياتهم، ولا يوجد شىء اسمه «ديمقراسى» يعنى كل واحد له صوت، هذا غير صحيح على الإطلاق، فالديمقراطية نسبية، ونحن فى مصر لم نصل إلى أى نسبة بعد، ربما تكون «السويد» هى البلد الوحيد الذى به ديمقراطية حقيقية، لما فيه من عدالة اجتماعية، فكل المواطنين متوسطون فى كل شىء، ولا توجد فجوة كبيرة بين المواطنين.
* هل ترين تغيير الحكومة الحالية حلاً لما نحن فيه؟
- لازم «قنديل» يعود إلى «الرى»، ولازم نأتى بشخص مثل «الجنزورى» مثلاً، أو أى شخص آخر «بيفهم» لتولى رئاسة الحكومة، وليس «اتباعنا وبس»، أرى أن المسئولية كبيرة قوى على الإخوان، وأكبر من أن نأتى بالأقارب و«المحاسيب».
* كيف قرأتِ خبر استقالة وزير الثقافة؟
- أشعر أنه إنسان مثقف، ومفكر، وقطعاً خرج لاعتراضه على أشياء معينة رآها ولم يقبلها، على عكس «خالد علم الدين» الذى يشكو اليوم من «الحرية والعدالة»، بعد أن عمل مستشاراً ل«الرئاسة»، على مدار 7 أو 8 شهور، ولم يتكلم سوى اليوم، شاكياً من ظلمهم له، الآن فقط، علم أنهم «وحشين»، أين الضمير هنا؟ ألا يوجد شخص واحد لديه ضمير يقف فى وجه من يقتلون الأبرياء، ويقول لهم لا تفعلوا. الضمير منعدم، رغم أنه أهم شىء، وما دام ضمير الإنسان حياً، تكون لديه مبادئ، وإنسانية، وأرى أنها تعنى «العطف: أى عطفك علىّ وعطفى عليك.
* هل اختلفت نظرتك إلى المجتمع المصرى الآن، عنها فى الماضى؟
- كنت أنظر إلى الأمريكان فأراهم سطحيين، وكنت أفتقد المصريين وأقول «مافيش زيهم»، لكنى فوجئت عند عودتى بتغيير كبير فى روحهم، المصرى فقد إنسانيته -يتحشرج صوتها- أشعر بالحزن لما وصل إليه حالهم.
* هل الثورة أخرجت أسوأ ما فى الشعب؟
- هذا صحيح، لكن أقول هل هذا هو الشعب كله، أم أن بعض «البلطجية» ظهروا على السطح، هل ال150 ألف بلطجى المسيئين إلى سمعة الثورة وسمعة المصريين هم الشعب، ونموذج لحزب الكنبة، لا أحد يعلم الحقيقة، نحن أصبحنا فى حالة «توهان»، ولا ندرى ماذا يجرى فى مصر. لكن أعتقد أن من يمكثون فى بيوتهم حزانى، كثيرون جداً، أما من يظهرون على شاشات التليفزيون، فلا يعبّرون عنهم، ولا عن مشاعرهم، كما أن من يتحدثون فى الفضائيات على مدار 24 ساعة، ليسوا من يذهبون إلى التحرير، ولنا أن نعلم أن من يمكثون فى بيوتهم من الشعب لم تخرج أصواتهم بعد.
* ما تقييمك للإعلام المصرى؟
- حسب نوع الإعلام، فهناك إعلام حكومى وآخر مستقل، وأنا توجعت بشدة، عندما رأيت وسمعت أسماءً كبيرة، وأقلاماً عظيمة كنا نحترمها، ونستمع إليها، تخرج لتسبّ الثورة، وشبابها، ثم بعد أن سقط النظام، رأيتهم يرفعون لهم «القبعات»، هذا «قلة ضمير»، فيمن نثق الآن؟. الإعلام إلى حد ما متأثر بالسلطة، والسلطة شىء جامد جداً، والمصريين طوال تاريخهم يخافون منها، منذ أيام فرعون، حتى وقتنا هذا، فما زالت عقدة فرعون «مؤثرة فينا»، وأى شخص يمكث على الكرسى لازم «نطاطيله»، لكن بعد 25 يناير، انكسر حاجز الخوف، وصارت لدينا جرأة.
* كيف ترين حال شباب مصر الآن؟
- الشاب المصرى طموح وذكى ومثقف، ويريد الوصول إلى هدفه، فعندما انفتح على العالم من حوله لم يقبل وضعه، فهو شاب عاجز عن الزواج، لأنه عاطل لا يعمل، رغم أنه يمتلك القوة والإرادة، فثار ثورة داخلية حقيقية، لا رجعة عنها، وإن احتاج تحقيق أهدافها «سنين وسنين»، فأنا مؤمنة بهؤلاء الشباب، وسيصلون إلى هدفهم عاجلاً أو آجلاً، كما أننى مؤمنة أن ثورتهم لا رجعة عنها، وأنهم سيتمسكون بأهدافها ومطالبها، ربما لن أعيش حتى أراها تتحقق، لكن هذا اليوم سيأتى.
* ما تقييمك لدور المعارضة؟
- فاترة، تحتاج قائداً قوياً، كما أن على المعارضة أن تُطلع الشعب على برامجها وأفكارها، لأن ما نعرفه عن قياداتها حتى الآن، فقط أنهم معارضون، دون أن نعرف ما لديهم، وما بدائلهم وحلولهم، هذا ليس كافياً، نريد أن نعرف لهم قائداً كى نسير خلفه، كما كان جمال عبدالناصر، نريد أن يقولوا لنا ما برامجهم، وأهدافهم وأساليبهم وخططهم، وكيف ستكون مصر بعد 10 سنين، وفق خطوات حقيقية، وجادة.
* وإلى أى مدى، المعارضة مسئولة عن أزمات المشهد الحالى؟
- هناك مسئولية مشتركة، بين النظام أولاً والمعارضة، فأراهم يشاهدون ما يحدث بسلبية، مما يجعلهم مشاركين فى الجريمة، وصمتهم يُمثل خطأ فادحاً، وأنا أقصد بالصمت، عدم التحرُّك بالإيجابية التى تساعد المواطنين، وتحد من القتل وتدهور الأوضاع، فى هذه المرحلة الثائرة «المنعكشة».
* ماذا تقصدين ب«المعنكشة»؟
- أى الفوضى المضروبة فى عدة «أصفار»، وكان ناتجها افتقاد الأمن والأمان، والاستقرار لدرجة جعلتنى أشعر أننى «عارية» لا أجد غطاءً، فى حين أن الشبابيك والأبواب مفتوحة -سامحينى أفكر بشكل سينمائى شوية- أشعر أننى معرّضة لكل خطر، وأن مصر تعانى غموض الرؤية.
* ما الذى تحتاجه مصر الآن؟
- تحتاج غطاءً، محتاجة تتلملم، وتتوحد على مبدأ، وحول شخص يتكاتف الجميع ويساندونه للخروج من المشهد الراهن، نحتاج إلى أن نداوى جراحنا، نحن جميعاً مجروحون، وبيننا من مات، فيما ننزف جميعاً، أنا أنزف، وأشعر أن قلبى ينزف، وضرورى أنت ووالدتك تنزفان، كلنا جرحى، وحزانى، يجب أن نلتف حول شخص يداوى جراحنا.
* كيف ترين دور رجال الأعمال المصريين حالياً ومستقبلاً؟
- رجال أعمال مين -ضاحكة- غير «حسن مالك» و«الشاطر»، فالباقون فى السجن، ومن يُفترض أن اقتصاد مصر فى أيديهم؛ أين هم؟ وأين الصفقات التى عقدوها؟ وما المشروعات التى لديهم؟ فالمصانع الآن مغلقة، ونحن نستورد «البونبون» من الخارج، علمت هذا عندما كنت أشترى «بونبون» لبرنامج «ركن الأطفال»، وفوجئت أنه مكتوب عليه مصنوع فى «الكويت»، حتى «البونبون»، ولا أعلم لماذا تراجعت الأيدى العاملة المصرية.
* وهل لديك تفسير لتراجع الأيدى العاملة؟
- الفقر طبعاً، أكبر مذنب، فلا يوجد شخص فقير إلا «داست» عليه الحكومات، يلى ذلك هجرتنا جميعاً إلى البلاد العربية، للبحث عن «القرش»، وعلى المعونة، واليوم البلاد العربية التى كانت بالأمس تنظر إلينا من تحت، أصبحنا خداماً وعمالاً وسائقين لها، فبعد أن كنا أغنى بلد بعد الحرب العالمية الثانية، حتى إن الإنجليز كانوا يأتون ليأكلوا عندنا، فنعطيهم المعونات، ونحمل الكسوة إلى الكعبة، أصبحنا مدانين، وفقراء، وكنا فى الماضى نعتمد على الزراعة فقط، لم تكن لدينا الصناعات الحالية، والإمكانيات المتاحة الآن يمكن أن تضعنا ضمن أغنى بلدان العالم، لكن لا يوجد عقل سليم ليحكم البلد، ويُحسن توجيهه. أنا أرى أن رجال الأعمال انقرضوا، واليوم لا أحد لديه الشجاعة ليجازف بالاستثمار، فهم متراجعون وخائفون ومعذورون فى ظل فقدان الاستقرار وانتشار العنف.
* ما تعليقك على حال الاقتصاد، ووضع الجنيه المصرى الآن؟
- الجنيه «عينى عليه»، كان اسمه «جِينى» بالإنجليزية، وعندما زاد الجنيه الإنجليزى الإسترلينى «شلن» فبقى اسمه كالمصرى «جِينى»، أما الآن، «شوفى الإنجليزى يعمل كام مصرى»، أنا لا أعرف ما الذى حدث لمصر، كل الدول عمالة تطلع، وتنمو وتتطور إلا مصر عمالة ترجع!، «ماليزيا»، إيه ماليزيا دى جنب مصر، وتراثها وإمكانياتها، وجوها، حتى تصبح من الدول المتفوّقة عنا، وهى بلد إسلامى، أذكر أن أحداً قال لى مرة «إشمعنى» البلاد الإسلامية كلها قذرة؟، فنظرت إليه نظرة شرسة رافضة ما قاله، ورددت عليه: كيف تتكلم عنا بهذا الشكل السيئ، فظل يبرر «كل ما نرى شيئاً فيها نجده قذراً»، وقلت له ألم ترَ ماليزيا فهى دولة متقدمة، ونظيفة جداً، ورغم ذلك شعبها متدين، وهى فى منتهى الرُّقى والتحضر، وتمنيت وقتها لو أن كلامى هذا كان عن مصر.
* كيف تريدين قيادات المعارضة الآن، ولنتحدث مثلا عن البرادعى؟
- فى البداية، كنت مترددة جداً بشأنه، لأنى شعرت أنه قادم من الخارج، خصيصاً ليصبح رئيساً، وفاكر إنه «عشان واخد نوبل و(أى أى إيه أتش) يبقى خلاص رئيس»، لذلك كنت متأذية منه بعض الشىء، كما أنه كان دائماً مسافراً ذهاباً وإياباً، ومرة مع الإخوان، ومرة ضدهم، لم أستطع تحديد لون له، لذلك كنت أؤيد عمرو موسى، رئيساً، لكن اليوم مع مشاركته فى جبهة الإنقاذ أرى أن «البرادعى» هو الوحيد «اللى طالع» فى الصورة، ولا أعلم هل هذا مقصوداً أم لا، لكنى لم أسمع منه ما يشجعنى على اختياره ومساندته. والجميع مكرَّرون ومتشابهون، لم يأتِ أىٌّ منهم بجديد يميزه. وأرى أن عمرو موسى، كان بإمكانه محاورة ومنافسة أى رئيس دولة، فبالإضافة إلى أنه سياسى محنك يحترمه الجميع، حتى فى أمريكا، فإنه أيضاً صاحب مبدأ، «مش بيطاطى»، وهذا الأمر استعدى مبارك عليه، فقرر إزاحته، لكنى لا أعلم ماذا حدث له الآن، هل ضعف، أم كبر؟! لا أعلم غير أنى كنت أتوقع منه أن يكون رئيساً.
* إذا افترضنا أن «مرسى» استجاب للمطالبين برحيله، من ترين الأصلح للرئاسة؟
- للأسف، هذا ما يعتمد عليه الإخوان ويرددونه، أنه لا يوجد لدينا بديل، العظيم فى «عبدالناصر» أنه عندما كان يتحدث، فكأنما يلهمنا جميعاً، ويشعل قلوبنا، لكن «مرسى» حينما يتكلم لا أشعر بما كنت أشعر به مع «ناصر»، فعندما يتكلم «مرسى» أشعر بهبوط.
* ما أبرز سمة فى الرئيس «أوباما»؟
- أحسن حاجة فى «أوباما» أنه يعرف كيف يتحدث، على الرغم من أنه لا كلمة مما يقول صحيحة، فقط يجيد الكلام، ولغة الخطاب، ولن أكون مبالغة إن قلت إنه تفوق على كل منافسيه فى انتخابات الرئاسة لهذا السبب، ولأنهم لا يعرفون كيف يتحدثون.
* لكن، هل نحن نحتاج شخصاً مثل «أوباما» يعرف كيف يتحدث وإن كان «كاذبا»؟
- لا.. نحن نحتاج قائداً، لديه عقل، وقلب ولسان، نلتف حوله.
* هل فقد «مرسى» شرعيته؟
- لا أستطيع أن أجزم بهذا، لأننا قبلنا بالصندوق، لكن علينا أن نعرف كيف حدث ذلك؛ هل بالدقيق والزيت والسكر؟ أم بالحشد وتوفير السيارات وغيرها؟ أم ماذا؟، فالفكرة ليست «الصندوق»، فى حد ذاته، وإنما فى نزاهة أصواته. وهى أكبر من أن يأتى «كارتر»، «يتمعظم ويدخل يزور البلد يومين» خلال الانتخابات، ويقول: كله نزيه ويمشى، وأنا لا أعلم «يعنى إيه ييجى يومين، ونحتفل به ونهيص (كارتر، كارتر)، ليقول بعدها كله تمام»، ويغادر، دون أن يزور القُرى ويرى ما تفعله الأحزاب والقوى السياسية، هل هذا هو الإشراف على الانتخابات؟!
* ماذا تقولين للشعب وللرئيس وللقوى السياسية؟
- لا أعتقد أننى لدى المؤهلات لتوجيه رسائل إليهم، أنا عندى أحلام فقط.
* إذن فما أحلامك؟
- ككل المصريين، كلها لمصر، أريد أن أراها عظيمة مزدهرة كما كانت، وأرى نظرة العالم إليها إيجابية، كلها انبهار، هذا هام جداً بالنسبة لى، لأنى عشت فى الخارج، وكثيراً ما كنت أدافع عنها، وأبذل كل ما فى وسعى لتحسين صورتها، أريد أن أراها بهذا البريق.
* لكن ماذا تطلبين من المصريين، وحتى من المتزاحمين على المشهد السياسى الحالى ليتحقق هذا البريق؟
- بدايةً لا بد أن يحلموا مثلى، ويحددوا الكيفية التى يريدون لمصر أن تكون عليها، والخطوات لذلك، والوسائل التى نحتاج إليها ليصبح الأمل والحلم أمراً واقعياً.
* وما هذه الخطوات؟
- الخطوات تبدأ بالاهتمام بكل من الاقتصاد والزراعة، وبالتعليم قبلهما، مع توفير فرص عمل للشباب، وتنشيط السياحة، كل تلك الأمور فى متناول اليد، يمكن تحقيقها، لو أردنا من «بكرة»، أتدرين ماذا يفعل «أوباما» لتوفير فرص عمل للأمريكيين، ينشئ كبارى، ليس لها ضرورة ملحة، لتشغيل الناس. وفى مصر، لو أن كل شاب، حصل على عمل شريف، وتقاضى راتباً مناسباً، فسيعيش حياة مستقرة كريمة، تحفظ كرامته، وعندها يبدأ فى العمل لمصلحة البلد، ويشغل باله بتنميته، كما أن ذلك سيشجع المستثمرين الأجانب على الاستثمار فى مصر. أما على المدى البعيد، فالتعليم مهم جداً، وبدونه لا يمكن أن يكون لمصر مستقبل، فالحلول المستقبلية تختزل جميعها فى التعليم، ورفع أجور المدرسين، فلا تقل عن 5 آلاف جنيه، لمنع الدروس الخصوصية. وكان لدىّ حلم خاص، هو أن «نعزم» كل رؤساء العالم فى مصر، ونستقبلهم فى المطار بالورود، وننظم لهم برنامجاً لكل الأماكن الجميلة فى مصر، وأن نطعمهم من أكلنا، ويبيتوا فى فنادقنا، ليشجعوا شعوبهم عندما يعودون إليهم على زيارة مصر.
* كيف ترين الفرق بين كل من «عبدالناصر»، و«السادات»، و«مبارك»، و«مرسى»؟
- أنا ناصرية مع الاعتراف بأن «ناصر» أخطأ فى أشياء كثيرة، ورغم ذلك كان رجلاً قومياً، وقائداً، له سحر وجمال، ويحب مصر، فلا أشك فى حبى ل«ناصر». أما «السادات» فكان ذكياً وسياسياً أكثر من «عبدالناصر»، وكان صادماً ومتحدياً، وسياسته أذهلت العالم كله، وأتذكر عندما أقاموا له حفل عشاء فى البيت الأبيض، ودُعينا إليه، كانت واشنطن «طايرة» من الفرح، لأن «السادات» فى أمريكا، وظلوا يسألوننى هل ستقابلين «السادات»؟ «هتقابلى السادات؟»، كان «السادات» ساحراً للعالم كله حتى نجوم السينما، فعندما نسألهم، مع من تتمنون التقاط الصور، كانوا يردون دون تردد مع «السادات»، فقد كانت لديه كاريزما ولباقة. أما «مبارك» فلم أعاصره، لأنى كنت خارج مصر، ولم أقابله، لكن التقيت «سوزان» -صمتت لبرهة- سأخبرك بشىء ليس لدىّ مانع من ذكره، رغم أنى سآخذ فوق دماغى، وهو أن «مبارك» صعبان علىّ، فنحن شعب «متربى»، متدين فهو فى الأول والآخر رئيس دولة، ومهما كانت أخطاؤه، أو كان طاغياً، فلا يجوز أن يأتوا به على سرير، لينظر من خلف القضبان فى محاكمته، هذا المنظر «قطّع قلبى». أعلم أن الناس «كارهاه»، لأنه فعل أشياء كثيرة أزعجتهم، وكدّرت حياتهم، وأنا شخصياً لم أحبه، ولم أكرهه، لكن هذا السلوك لا يليق بالشعب المصرى، وعطفه، نحن «شعب طيب»، وحتى لا يسىء أحد فهم كلامى، أؤكد أنى لا أطلب العفو عنه، فلا بد أن يُحاكم على كل ما فعله فى حق شعبه، لكن دون تشهير أو إذلال.
* هل أنتِ مع التصالح؟
- أنا ضد التصالح مع السياسيين، وإلا فإن أى شخص سيخطئ، أو يرتكب جريمة، لن يُحاسب.
* هل أنتِ راضية عن وضع المرأة فى مصر؟
- بالطبع لا، لست راضية على الإطلاق، لأن المرأة المصرية مظلومة، خصوصاً الآن، أكثر من أى وقت مضى، نحن فى تراجع بالنسبة للمرأة المصرية، ولا أعلم «همّا ليه مركزين معاها» بهذا الشكل المخيف!، فى حين أن المرأة «بتعافر» لتقف على قدميها، وهم يحاولون إيقاعها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.