نصت المادة 177 من الدستور على أن: «يعرض رئيس الجمهورية أو مجلس النواب مشروعات القوانين المنظمة لمباشرة الحقوق السياسية وللانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية على المحكمة الدستورية العليا قبل إصدارها، لتقرير مدى مطابقتها للدستور.. إلخ». وجاء فى الفقرة الثالثة من هذه المادة أن هذه القوانين لا تخضع للرقابة اللاحقة المنصوص عليها فى المادة 175 من الدستور. كنت أتمنى أن تكون هناك رقابة سابقة ولاحقة للمحكمة الدستورية العليا على دستورية كافة القوانين الصادرة من مجلس الشعب، ولا تستثنى من ذلك القوانين المذكورة آنفا.. لكن شاءت إرادة اللجنة التأسيسية لكتابة مشروع الدستور أن تكون الرقابة سابقة فقط.. ربما كان المبرر هو تحصين هذه القوانين بالذات وعدم تعرضها للطعن عليها أمام المحكمة الدستورية، كما حدث لقانون انتخابات مجلس الشعب السابق.. ولاشك أن عرض هذه القوانين على المحكمة الدستورية لمعرفة رأيها قبل اعتمادها من رئيس الجمهورية، سوف يفيد كثيرا فى الكشف عن الثغرات الموجودة بها، وبالتالى يقلل كثيرا من فرص الطعن عليها، لكن وجود خلل أو ثغرات فى هذه القوانين لن يتم كشفه إلا من خلال التطبيق. وقد استمعت إلى مناقشات عدة دارت بين أساتذة القانون الدستورى حول أحقية عرض قانون انتخابات مجلس الشعب على المحكمة الدستورية مرة ثانية بعد إجراء التعديلات التى ارتأتها المحكمة.. من قائل إنه ليس من حق المحكمة ذلك، على اعتبار أن الدستور حسم هذه المسألة فى أنه لا توجد رقابة لاحقة.. ومن قائل إن هذا حق للمحكمة حتى تتيقن تماماً من أن المجلس التشريعى قام فعلا بإجراء التعديلات التى نصت عليها المحكمة فى قرارها، ولا يستطيع تقدير ذلك إلا المحكمة ذاتها.. وفى رأيى أنه قول صحيح.. لقد فات على أساتذتنا أن هناك فرقا بين إعادة القانون إلى المحكمة الدستورية بعد إجراء التعديلات عليه وقبل اعتماده من رئاسة الجمهورية، وبين إعادته إلى المحكمة بعد اعتماده ونزوله إلى ميدان التطبيق.. فالحالة الأولى لا تعتبر رقابة لاحقة، وهى تمثل فى حقيقة الأمر تتمة للرقابة السابقة.. أما الحالة الثانية فهى فعلا رقابة لاحقة. أعتقد أنه كان من الأوفق إعادة القانون بعد القيام بتعديلاته إلى المحكمة الدستورية، لكن الدكتور مرسى تعجل وقام باعتماده، بل وإصدار قراره بدعوة الناخبين إلى انتخاب مجلس النواب الجديد على أربع مراحل تبدأ من 27 و 28 أبريل.. ونظرا للعجلة لم يتبين الرجل أن هذا التاريخ يواكب أعياد إخواننا الأقباط، فقام فى خطوة لاحقة بتبكير الموعد خمسة أيام. نحن لا نستطيع أن نلغى من ذاكرتنا موقف المجالس النيابية تجاه المحكمة الدستورية العليا، عقب صدور حكم الدستورية بعدم دستورية قانون انتخابات مجلس الشعب المنحل.. ولا نستطيع أيضاً أن نغض الطرف عما حدث من حصار للمحكمة الدستورية أثناء نظرها مدى دستورية قانون انتخابات مجلس الشورى واللجنة التأسيسية لكتابة مشروع الدستور.. كما لا نستطيع كذلك تجاهل الآثار السلبية للخطوة الاستباقية التى قام بها الدكتور مرسى حين أصدر إعلانه الدستورى المعيب الذى سلب المحكمة الدستورية حقها وقام بتحصين القوانين التى تأسس عليها كل من مجلس الشورى واللجنة التأسيسية.