منذ شهرين كاملين أطلق د. محمد بديع -المرشد العام لتنظيم الإخوان- قذيفة موجهة إلى رجال القوات المسلحة.. مردودها هزّ العواطف.. أيقظ الثوابت وزاد المحظورات حصانة؛ «إن جنود مصر طيعون لكنهم يحتاجون إلى قيادة رشيدة توعّيهم، بعد أن تولى أمرهم قيادات فاسدة»، هجمة مفاجئة «صهل» بها صوت «المرشد الأعلى» فى أرجاء المكان بمناسبة إلقائه الرسالة الأسبوعية، لينال تصفيق أتباعه المتراصين كالبنيان فوق الكراسى. هاجت الدنيا وماجت.. فاعترضت قيادات الجيش على تنصيب «بديع» نفسه حكما على درع الوطن ونشر غسيلها بما يجهله من كثير من الأمور. أُخمدت نيران الأزمة بين الجيش والمرشد.. فالقيادات وصّفوا الأزمة وأدرجوها تحت بند زلات اللسان، لكن «بديع» الذى يمثل العقل المحرك للجماعة ورجالها وشئونها التقط مضمون رسالة «تكبير دماغ» المؤسسة العسكرية.. فأدرك اللحظة الفارقة ودخل جحر السكوت والصمت ولسان حاله يردد: «مليش دعوة، مكانش قصدى أخبط فى الكبار يا بيه»، ناله اللوم من حيث لا يحتسب.. علم بقصوره الإدراكى وقلة قدرته التحكمية على مخارجه.. فعاد بشكل طبيعى وعين «واسعة» واستجابة متأخرة مثنياً على الجيش.. مندداً بالإساءة إليه.. ومتساءلاً عن صاحب المصلحة، ألم يقرأ مرشد الجماعة قول الله تعالى: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ}؟ المرشد الذى يقود الجماعة.. يصور لهم أنه الزعيم الملهم الأحق بالطاعة والولاء المطلقيْن، يُعبّر عن رأيه ويعود ليَعبر عليه إلى رأى آخر مختلف تماما فى الشأن ذاته، يفتقر إلى التركيز والتذكير {فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ}.. لا سيما عند اللعب بالنار، لأن نار الجيش «سخنة» لا يحتملها أحد. «بديع» بمثابة عقل الجماعة القائد لجسدها متعدد الأعضاء والمهام والأدوار.. ولأن هذا الهيكل تجانبه السلامة سياسيا وفكريا ووطنيا، فقطعاً سيلحق بمركز إدارته.. ومنها جانب اتزان المرشد أى الصواب والاتساق فى الحكم، رب دافع قوى جعل الدكتور بديع يخلع نظارته التى تجسد وتكشف له سوءات القيادات العسكرية ليستبدل نظارة ذات أبعاد «وردية» بها، على مرمى البصر فى ذات المؤسسة. إنه الخوف على الرئيس محمد مرسى (ذراعهم لتحريك مؤسسة الرئاسة) من نفاد صبر حماة الوطن، فالشهادة الحق مسعاها وجه الله.. الدكتور بديع -موتور الإخوان- برغم مصاباته النابعة من الجسد الإخوانى المفتون والمعجب بنفسه، استطاع استدراك سقطته منتهزا الفرصة لتبييض وجهه بمدح الجيش.. مرتمياً فى أحضانه طامعاً فى سعة صدرة يقول: «عفا الله عما سلف».. حتى ولو كان على حساب كلمة «كبيرهم» الذى يطيعون ويتبعون، فالموقف المتناقض للمرشد الإخوانى تجاه الجيش بين الانتقاد والدفاع يزيح الستار عن فلسفة جديدة للعمل والفكر الإخوانى جاءت على لسان وتصرفات المرشد بديع، هى «اللى تكسب به إلعب به».