الترجمة المباشرة لتصريحات مرشد الإخوان محمد بديع التى ذهب فيها إلى أن الله ينتقم من مصر كلما تعرض الإخوان للاعتقالات.. وقبلها تصريحات أحد قيادات الجماعة صبحى صالح بأن الإخوانى يجب أن يتزوج إخوانية مثله.. هذه التصريحات ترجمتها أن لدى قيادات الإخوان اعتقادا بأنهم خلقوا من معدن آخر دونا عن كل المصريين، وكأنهم من عرق آخر أكثر نقاء وطهرا، بما يجعلهم وكأنهم مجموعة من الأخيار، فيما الآخرون أشرار أو أقل خيرا منهم. بديع قال إنه بعد كل تنكيل بالإخوان يأتى انتقام إلهى، فبعد اعتقالات الإخوان عام 1954 جاءت ما اعتبرها «هزيمة 56» وعقب اعتقالات 65 حلت الهزيمة الساحقة فى حرب يونيو 1967، وأخيرا كان سقوط نظام مبارك ثمرة مباشرة لتعرض الإخوان للاعتقال والسجن والمحاكمات العسكرية». ولاحظ أن المرشد لا يرى فى صمود مصر الشعب أمام مجازر العدوان الثلاثى الغاشم عام 1956 إلا هزيمة، رغم أن تلك كانت واحدة من الملاحم البطولية المذهلة التى خاضها الشعب المصرى، وسطرت قصة بطولة وتضحية نادرة لبورسعيد المدينة الباسلة التى علمت العالم معنى الصمود والانتصار ومواجهة جيوش ثلاث دول معتدية. لكن المرشد هنا يمارس أقسى أنواع الاستهتار والاستخفاف بدماء الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن بوابة الوطن فى بورسعيد، والجرحى والمصابين الذين انتزعت عيونهم ومن بينهم من لا يزال حيا يرزق بيننا حتى الآن. واللافت أن مضمون هذا الكلام لا يختلف كثيرا عن فحوى تصريحات صبحى صالح المحامى الإخوانى المعروف فيما عرف بحديث «الفلوطة» فالخلاصة أن الإخوان من طينة أو عنصر نقى، بينما المصريون من طينة أخرى، بما يضعنا أمام حالة «انفلاط» فى الخطاب الإخوانى، تأتى متزامنة مع حالة «انفلات» عامة بعد ثورة 25 يناير، التى كان نجاحها من وجهة نظر المرشد نتيجة لما جرى مع الإخوان المسلمين فى عصر مبارك. ولعل مثل هذا النوع من التصريحات، يسىء إلى جماعة الإخوان بالقدر ذاته الذى يستفز المشاعر الوطنية للمصريين بمختلف أطيافهم ومعتقداتهم، إذ لا يخلو الكلام من شماتة ملحوظة، أو ابتهاج بما حل بمصر من نكسات، حيث ينسب الإخوان لأنفسهم لحظات السعادة والإحساس بالنصر، ويلقون بالبؤس وفترات الانكسار على كاهل باقى المصريين. ولو أن أحدا اجتهد للبحث عن مداخل لنقد ونقض فكر الإخوان فلن يجد أفضل من كلمات صبحى صالح ومحمد بديع لاستخدامها ضد الجماعة، على طريقة من أقوالهم سلط عليهم، ذلك أن مثل هذه الآراء توسع الفجوة أكثر بين الإخوان وبقية الكتل السياسية، فضلا عن أنها تنم عن نوع من الاستعلاء والإحساس بالتميز والأفضلية عن باقى خلق الله من عباده المصريين. وأظن أنه لن يمضى وقت طويل حتى تعلن الجماعة أن التصريحات أسىء فهمها وتفسيرها، أو أنها محض ذلة لسان، فيما يتم تسليط الأضواء على اعتراض ما يسمى «شباب الإخوان» على تصريحات الحرس القديم فى الجماعة، فى تكرار لسيناريو كاد أن .يصبح محفوظا من كثرة استخدامه.