من لا يصدق أن النظام الحاكم تجاوز صفة «الفشل» إلى سمة «العجز» فعليه أن يختار أزمة مرت بها البلاد، ويدرس كيف تفاعل معها النظام، ولتكن أزمة مذبحة بورسعيد، هل اتخذ النظام إجراءات وقائية لتفادى الانفجار سواء فى القاهرة أو بورسعيد؟ كما أن رد الفعل جاء بطيئاً وغير موفق.. الأداء نفسه تكرر مع كل المظاهرات، حيث خرج الناس بأعداد كبيرة أحياناً وضعفت فى أحيان أخرى يطالبون بتغيير حكومة هشام قنديل، وإقالة النائب العام وتعديل الدستور، فيقوم الإخوان بانتقاد مبدأ المليونيات ويهاجمون جبهة الإنقاذ ويهرولون إلى الجيش والشرطة لحمايتهم، بالإضافة إلى تعلية أسوار الاتحادية وتشكيل جبهة «اللا ضمير» وإصدار بيانات لمخاطبة الخارج وتبرير ما يحدث فى الداخل.. وبالمناسبة هو المنهج ذاته الذى يتم تطبيقه فى الاقتصاد، حين تزداد المشاكل يقوم بزيادة الضرائب وطلب القروض والمنح والمعونات من الدول العربية، بدلاً من أن يتخذ إجراءات لزيادة الاستثمار أو يفتح آفاقاً جديدة للعمل.. من المعروف أن كل الدول التى قامت بثورات قد تغير نظامها السياسى الأول، وهذا أمر منطقى لعدة أسباب منها أن طموحات الناس تكون كبيرة، والثانى أن المشكلات معقدة والأوضاع متردية بدليل قيام الشعب بثورة، والثالث أن الخبرات تكاد تكون معدومة لدى قوى المعارضة فى إدارة الدول.. وقد أدرك الإخوان ذلك وبدلاً من أن يشاركوا المعارضة معهم فى الحكم بدأوا اتخاذ إجراءات تضمن استمرارهم فى السلطة فركزوا كل جهودهم فى تأميم الجيش والشرطة والقضاء وحاربوا الإعلام وأعادوا ترتيب الدولة المصرية بما يضمن تمكن الإخوان منها، فزاد سخط الناس عليهم وانتقلت موجة الاحتجاجات من المدن إلى المراكز واتسعت رقعة المعارضة من القاهرة والإسكندرية إلى بورسعيد والسويس والإسماعيلية ثم الغربية وكفر الشيخ ودمياط والقليوبية والمنوفية والبحيرة والجيزة، حتى الفيوم، التى بايعت مرسى رئيساً ودستوراً، دبت فيها المسيرات ضد الإخوان ورئيسهم، ومع ذلك فالجماعة تسير فى مشروع التمكين بدعم أمريكى تركى قطرى حمساوى دون أى اعتبار للرأى العام المصرى. طرح الكاتب الصحفى عماد الدين أديب فى برنامجه «بهدوووء» مبادرة للخروج من الأزمة تتمثل فى أن يحتكم الرئيس مرسى إلى الشعب بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية ويقدم استقالته بدلاً من أن تضحى جماعة الإخوان المسلمين ب«الجنين»، يقصد مرسى، وفى هذه الحالة ستدفع بالمهندس خيرت الشاطر مرشحاً لها على الرئاسة.. وبالطبع فإن مبادرة أديب ستلقى معارضة وهجوماً من جماعة الإخوان بالطريقة نفسها التى لاقت بها مبادرته السابقة «الخروج الآمن»؛ لأن الجماعة تسير على نهج النظام السابق فى كل شىء.. رغم أن مبادرة أديب، التى يمكن أن أسميها «الخروج الشريف»، ستضمن للجماعة أن تعود مرة أخرى لحكم مصر، ليس بالطبع فى الدورة المقبلة، أما العناد والاستعلاء فسيؤدى بالجماعة إلى «النهاية السياسية»!!