يمثل اعتقال المدعي العام الإيراني السابق سعيد مرتضوي مسمارا آخر في نعش المستقبل السياسي للرئيس محمود أحمدي نجاد، الذي يتعرض في الداخل لضربات من خصمه السياسي المحافظ علي لاريجاني الذي يسعى للفوز في انتخابات الرئاسة هذا العام، واعتقل مرتضوي، أمس الاثنين، لكن المدعين لم يعلنوا إلا اليوم الثلاثاء. وأصبح أحمدي نجاد المكروه من الإصلاحيين منذ حملة القمع العنيفة لمظاهرات الاحتجاج التي أعقبت فوزه بفترة ولاية ثانية، يواجه عزلة متزايدة بعد أن نأى الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بنفسه عن الرئيس الشعبوي الذي بدأت شعبيته في الانحسار. وبينما يستعد أحمدي نجاد للتنحي مع نهاية فترة ولايته الثانية في أغسطس، تناوب خصومه المحافظون على الإجهاز عليه وقد يستهدفون آخرين من حلفائه. وبينما قد يحبط الصراع على السلطة في إيران الآمال الغربية في التوصل إلى اتفاق قريب حول برنامج إيران النووي إلا أن منافسي أحمدي نجاد أكثر ثقة في أن قاعدة سلطتهم قد تكون أكثر براجماتية منه في المجال الدبلوماسي. وفي الوقت الحالي يركز زعماء إيران على ما يبدو على الداخل قبل الانتخابات. والآن جاء دور مرتضوي المتهم بالإشراف على الإساءة للمحتجين وقتلهم بعد انتخابات الرئاسة في عام 2009 والذي وصفته منظمة "هيومن رايتس ووتش" بأنه "منتهك عتيد لحقوق الإنسان" ليشارك المئات الذين أرسلهم إلى سجن إيفين سيء السمعة عندما كان مدعيا عاما في طهران في الفترة بين 2003 و2009 المصير ذاته. وأصدر مكتب المدعي العام الحالي بيانا من سطر واحد قال فيه "أعلن المدعي العام لطهران مساء الاثنين اعتقال سعيد مرتضوي". ولم يذكر سبب تلك الخطوة. وجاء اعتقال مرتضوي بعد أن تعرض أحمدي نجاد يوم الأحد لإهانة على أيدي خصمه السياسي علي لاريجاني رئيس البرلمان، حيث طفا على السطح في مرات قليلة صراع سياسي داخلي في إيران. ونفذ أحمدي نجاد، الذي واجه إقالة وزير العمل الذي عينه لإصداره قرارا بتعيين مرتضوي في وظيفة جديدةن التهديد الذي واجهه منذ فترة طويلة لكشف فساد خصومه السياسيين الذي يمثله إخوة لاريجاني وهم أبناء أثرياء لأحد كبار رجال الدين الذي يحظى باحترام. وفي الكلمة التي ألقاها أحمدي نجاد أمام البرلمان قام بتشغيل شريط تسجيل قال إنه يخص اجتماعا بين فاضل أخي علي لاريجاني ومرتضوي، حاول خلاله فاضل استغلال المكانة السياسية لعائلته في تحقيق مكاسب مالية. لكن البرلمان قال إن الصوت لم يكن مسموعا. ورفض علي لاريجاني السماح لأحمدي نجاد بمواصلة كلمته وغادر قاعة البرلمان. ومضى خصوم أحمدي نجاد في تحقيق المزيد من المكاسب باعتقال مرتضوي قبل فترة قصيرة من مغادرة أحمدي نجاد مطار مهراباد في طهران في زيارة تحظى باهتمام كبير للقاهرة لحضور قمة منظمة التعاون الإسلامي اليوم الثلاثاء. وقال سكوت لوكاس مؤسس موقع "إي إيه وورلد فيو" الإلكتروني الإخباري، الذي يرصد وسائل الإعلام الإيرانية، "عندما ذهب أحمدي نجاد إلى البرلمان وبعد أن استهدف عائلة لاريجاني لم يعد في وسع شخصيات رئيسية في النظام قبول تلك المواجهة". وقال دبلوماسي غربي مقيم في طهران "اعتقال مرتضوي جزء من دفع ثمن ظهور الرئيس في البرلمان". وأبدى أحمدي نجاد في المطار قبل أن يغادر طهران متوجها إلى القاهرة تحديا، وقال إنه سيحقق في القضية لدى عودته ونقلت عنه وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية قوله "القضاء ليس ملكية خاصة لأي عائلة". وصادق لاريجاني أخو علي لاريجاني هو رئيس السلطة القضائية. وقال أحمدي نجاد "لا أعرف كيف يرتكب شخص ما مخالفة ثم يعتقل شخص آخر بدلا من أن يلاحقوا المخالف يلاحقون الشخص الذي كشف المخالفة وهذا شيء قبيح جدا". ويقول محللون إن أحمدي نجاد محاط بأعداء يتطلعون إلى القضاء على أي بقايا لتركته في هياكل السلطة في إيران، في إشارة إلى استهداف المزيد من حلفائه قبل انتخابات الرئاسة في يونيو. لكن الأمر الذي وجهه خامنئي للبرلمان في نوفمبر الماضي بالتراجع عن خطط لاستجواب أحمدي نجاد بسبب سوء الإدارة الاقتصادية وتخفيض العملة إشارة على ضرورة أن يكمل الرئيس فترة ولايته الثانية والأخيرة. ومع تزايد تأثير العقوبات الاقتصادية الغربية بسبب البرنامج النووي الإيراني على الاقتصاد قد يأمل خصوم الرئيس في أن يصبح مانع صواعق مفيدا للاستياء بسبب التضخم المتصاعد والبطالة واسعة النطاق. قال لوكاس "طالما بقي أحمدي نجاد يمكن أن يلقى باللوم على حكومته في الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها إيران. وذلك هو السبب في أنه لم يعزل قط عن منصبه". وأمر خامنئي بتشكيل لجنة من ثلاثة من الموالين له لاختيار مرشح للرئاسة يحظى بإجماع الفصائل القريبة من الزعيم الأعلى. وقد يكون علي لاريجاني هو هذا المرشح وقد تكون له فرصة كبيرة في أن يصبح رئيسا إذا حظي بترشيح الزعيم الأعلى رسميا. ولم يحدد لاريجاني بعد خططه للانتخابات لكن المحللين متفقون على أنه سينضم للسباق.