«رامز جلال يلعب بالنار»، هو فى حقيقة الأمر يلعب بعقول الناس ويستخف بها، فى كل عام يطل علينا رامز جلال ببرنامج مقالب يتوقع من مشاهديه الانبهار بابتكاراته وآخر إبداعاته، ظناً منه أنه يضفى البهجة على المشاهدين الذين يختمون نهار يومهم الشاق بالقرب من التليفزيون لمشاهدة البرامج الترفيهية، والحقيقة أن برنامج رامز هو برنامج استفزازى بامتياز ويتزايد الجدل حوله عاماً بعد عام ما الجديد الذى يقدمه؟ وما القيمة التى تضاف إلى رصيد هذا الفنان؟ ولا أفهم مغزى إصرار قناة «إم بى سى» على تسخير موارد مالية وإنتاجية ضخمة من أجل إنجاح هذا العمل عبر استضافة نجوم الصف الأول، واختيار أماكن باهظة التكاليف لتنفيذ المقالب وبذخ لا يخفى على أحد، أغلب الظن برنامج المقالب لم يحقق الهدف المنشود من ورائه فى نسبة مشاهدة عالية يعوّل عليها الرعاة والمعلنون، بل كان مثاراً لسخط وغضب المشاهدين، فحجم البذخ الذى ظهر فيه البرنامج لا تخطئه عين، وحجم الأجور التى تلقاها الضيوف تثير الدهشة والتساؤل فى وقت تشهد فيه شبكة قنوات «إم بى سى» تعثراً مالياً قاد إلى التخلى عن وجوه بارزة فى قناة العربية الإخبارية التى تتبع القناة، وإغلاق مكاتبها فى بيروت وغزة! استضافة رامز فى برنامجه لنجوم عالميين كبار مثل «ستيفن سيجال» و«أنطونيو بانديرس» وفى العام الماضى «باريس هيلتون» وما تردد عن الأجور التى تقاضونها مقابل الظهور فى حلقات البرنامج يعطى مؤشراً عن حجم الإنفاق الخيالى على البرنامج، تحاول من خلالهم القناة رفع نسبة المشاهدة والإثارة كى تضمن نجاحه، ناهيك عن حجم الإعلانات التى أثارت ضجر المشاهدين، الممثل العالمى ستيفن سيجال مثلاً حصل على مبلغ 150 ألف دولار رغم أنه فقد أعصابه وقام بضرب جلال ما استدعى نقله إلى المستشفى، فيما حصل المخرج العالمى أنطونيو بانديرس على 100 ألف دولار لقاء ظهوره فى الحلقة والترويج للقناة والبرنامج، فضلاً عن أجور الضيوف من كبار الفنانين العرب التى تبدو معقولة مقارنة بأجور الفنانين العالميين، فى وقت تشهد فيه المنطقة العربية بأسرها حالة من الركود الاقتصادى وتعانى فقراً غير مسبوق وحروباً شتتت شعوباً وفرقت قبائل هم أحوج ما يكونون لإنفاق هذه الأموال لسد احتياجاتهم الإنسانية البسيطة، بعد أن جار عليهم حكامهم وزمانهم وهُجْروا من أوطانهم وبيوتهم إلى مخيمات اللجوء والعوز. سنوات ورامز جلال يبتكر الفكرة تلو الأخرى ليجيد حبكة المقلب على ضيوفه، من مقبرة فرعونية إلى عملية قرصنة واختطاف فى الصحراء إلى هجوم أسماك القرش فى عرض البحر الأحمر، إلى الإيحاء بسقوط الطائرة التى تقل الضيف فى رحلة جوية، إلى حدوث انفجار ضخم وحريق داخل البرج العملاق المفترض أن يكرم فيه الضيف واشتعال النيران فيه ومن ثم محاولة إنقاذه، لم يسلم رامز طوال هذه السنوات من الضرب على أيدى الضيوف وتلقى الشتائم والإهانة دون أن يغضب لكرامته ولو قليلاً، ربما لتأكيده أنه برنامج مقالب ساخر يخضع لعنصر المفاجأة! تبدو حلقات البرنامج واندماج ضيوفها فى الدور المطلوب منهم حقيقية، لكن كثيراً من السقطات التى اكتشفها رواد السوشيال ميديا تؤكد معرفة الضيوف المسبقة بالمقلب المعد لهم سلفاً وأداء الأدوار التمثيلية فى العمل، فلماذا الاستخفاف بعقول المشاهدين والإيحاء بأن الضيف لا يعلم عن المقلب المجهز له شيئاً؟! لم تكن ردود فعل المشاهدين حسب المتوقع فقد فاض الكيل وطفح ولم يعد المشاهد يحتمل هذا الإسفاف المكرر كل عام بأشكال مختلفة. صحيح أن البرنامج يعتمد على الخدع السينمائية والمؤثرات الصوتية التى تبدو على درجة عالية من الحرفية والخبرة، جعلت أبطال البرنامج الحقيقيين هم فريق العمل نفسه وليس الضيف أو مقدم البرنامج، لكن رامز لم يسلم من هجوم رواد التواصل الاجتماعى العنيف فاتهموه بالسفه والتفاهة، فلم يعد برنامجه يلقى القبول لأنه لا يقدم جديداً هى نفس الأفكار ولا دور يذكر له أو يضيف لرصيده الفنى، اتهام البرنامج بأنه إسفاف بتكلفة عالية لا يستحق المشاهدة تضع البرنامج على المحك، وتضع علامات استفهام عديدة أمام القناة المنتجة، فلماذا هذا الإصرار على برنامج يكلف ملايين الدولارات دون عائد معنوى أو قيمة إعلامية حقيقية تذكر، سوى الفشل الفنى لرامز جلال لكنه بالتأكيد ليس الفشل المادى؟!