(1) «أنا بصراحة مش هكدّب عينى.. أهالى الشهداء بيزغردوا ويقولوا: يحيا العدل والله أكبر.. ع الأقل اللى شفتهم فى التليفزيون.. مش هاقبل حد يتكلم باسمهم» هكذا كتبت بعد الحكم مباشرة فى قضية مجزرة بورسعيد. أخيراً رأيت أم شهيد تضحك من قلبها وتبكى فى الوقت ذاته وهى تزغرد، وأبوشهيد يهتف: يحيا العدل.. الله أكبر، ولذلك لم أفهم ردود الأفعال التى استنكرت الحكم بشدة. صحيح أننى كتبت نصاً أيضاً على (تويتر): الحكم لن يرضى أحداً.. أياً كان؛ لكن أليس فى الموضوع (أفورة)؟؟!! - فلو كان الحكم بإعدام الجميع كانت الردود ستكون (ده حكم سياسى لتهدئة الشارع/ هيطلعوا براءة فى النقض/ حرام.. أكيد فيه بينهم أبرياء/ حكم فاسد لأن مفيش حد فيهم اتشاف وهو بيقتل/ منظمات حقوق الإنسان تستنكر عقوبة الإعدام/ اعتراضات دولية.. .. .. .. . إلخ) - ولو كان الحكم (كما حدث) بإعدام البعض، فالردود التى رأيناها وسمعناها من قبيل (الحكم مسيّس / الحكم لم يشمل قيادات الشرطة «رغم أنهم ما زالوا متهمين بالمناسبة»/ مش هما دول المجرمين / عايزين اللى حرضهم.. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .إلخ) - أما لو كان الحكم بالسجن المؤبد فكانت الردود ستتراوح بين (يستحقون الإعدام/ كيف تساهلتم مع القتلة/ هيطلعوا براءة زى مبارك وتتعاد المحاكمة/.. .. .. .. .. .. .. .. إلخ) - فى حين لو كان الحكم بالبراءة كنا سنجد ردوداً غريبة من الجميع على منوال: (مرسى خربها / القضاء تآمر على مرسى/ الدنيا هتولع منكم لله/ القضاء فاسد.. .. .. . إلخ). ليكون السؤال هو: إحنا عايزين إيه؟؟.. أى حكم يرضيكم، ولا تعترضوا عليه؟؟.. ثم إذا كانت الأحكام جائرة ألا يستدعى ذلك إعادة تحقيق ستعترضون عليه هو الآخر؟؟، ولن تجد إجابة أبداً.. أبداً (2) عندى مشكلة كبيرة مع حالة الاستقطاب التى نحياها والتى دمرت ثقة الجميع فى الجميع، وألبست الحق ثوب الباطل والباطل ثوب الحق، فضاع الحق والباطل معاً واختلطت الأمور، سأعطيك مثالاً على طريقة الكتب الخارجية: جماعة القناع الأسود أو البلاك بلوك التى ظهرت فجأة فى اليومين السابقين وكأنها نبتت من العدم لتقدم درساً فى التخريب والعنف والاشتباك والصدام، ويعتبرهم كثيرون ثواراً يجب أن نلتمس لهم الأعذار، وألا نلفظهم، وفى حين قرأت تحليلات تتهمهم (بعد تخريبهم واشتباكاتهم) بأنهم مدسوسون من الإخوان المسلمين (لعن الله الفُجر فى الخصومة) كانت السيدة العظيمة جميلة إسماعيل تناشدهم عبر تغريدة لها الحفاظ على سلمية الثورة، فلما اتضح أنهم فى صف الثورة بدأت التبريرات تظهر رغم أنهم كانوا (مفيش كام سطر) من الإخوان، ومدسوسين، لكن أما وإنهم من الثوار فهم معذورون، وهم (لم يقتلوا أحداً) وهم (يقفون فى جانب الحق)، وهى التبريرات التى ستنقلب للعكس تماماً إذا خرج أحدهم من المعسكر الآخر ليقوم بنفس الأفعال وبنفس المنطق مع مسميات مختلفة حيث ستتحول الثورة إلى جهاد!! (3) بالطبع تلاحقت الأحداث حتى إنك لا تستطيع أن تعلق على كل ما حدث فى ذكرى الثورة الثانية من صدامات واشتباكات و«خيابة» جديدة للداخلية، ولمرسى، ونظامه، حيث لا نعرف يقيناً: هل كان نائماً أم كان فى الحمام مع كل هذه الاشتباكات فى السويس والمحلة والإسكندرية والتحرير وكفر الشيخ وغيرها من الأراضى المصرية الشقيقة، لكننا نعلم يقيناً أنه خرج بعد منتصف الليل ليكتب (تغريدة) يعزى بها سقوط شهيد فى السويس!!! ثم أكمل نومه على ما يبدو، الفشل - للأسف - يحكم. (4) ليست هناك فرصة كذلك للحديث عن كذب وتشويه وتصفية حسابات سياسية حدث مع شخص مثل عبدالمنعم أبوالفتوح، حين ردد كثيرون أنه لم يوافق على الهتاف ضد المرشد، رغم أنه أول من دعا لمحاكمة هذا المرشد بعد أحداث الاتحادية، لكن لا بأس، الحكم على أبوالفتوح ومن هم على شاكلته صدر عند كثيرين، وهو غير قابل للنقض، ولذلك لن يسمعوا هتافات حزب مصر القوية (أحلف بسماها وبترابها.. المرشد هو اللى خربها)، فبالنسبة لهم أبوالفتوح إخوانى بشرطة/ ماسك العصاية من النص/ حزبه هو حزب مصر الطرية، وكل ذلك لمجرد أن الرجل له وجهة نظر مختلفة عن الإخوان وعن جبهة الإنقاذ، وكأن الأمر يجب أن يحصر داخل هذين المعسكرين وإلا فأنت منبوذ منبوذ منبوذ يا (تتح).