تعدّدت النظم الانتخابية فى مصر ما بين النظام الفردى ونظام القائمة المطلقة ونظام القائمة النسبية المغلقة أو المفتوحة، وغالباً ما كان نظام الحكم يلجأ إلى تغيير النظام الانتخابى بما يحقق الفوز لأكبر عدد من أعضائه وليس للصالح العام أو حرصاً على الديمقراطية. وقد أجمعت قوى سياسية عديدة على أن نظام القائمة النسبية أفضل بكثير من النظم الأخرى. وينطلق تأييدها لهذا النظام من رؤية محددة ترى أن النظام الفردى الذى يقوم فيه الناخب باختيار مرشح واحد من عدة مرشحين لا يُحقق العدالة فى تمثيل الشعب بالبرلمان، وأنه نظام ينحاز إلى الأغنياء، ولا يُعطى الفرصة للعمال والفلاحين للفوز فى الانتخابات، فعلى مدار سنوات طويلة ومنذ 1924، تاريخ أول انتخابات نيابية فى مصر، تفوز العائلات الكبيرة وأغنياء الريف فى الانتخابات بالنظام الفردى، ويفوز كبار رجال الأعمال فى المدينة، لأن المعركة الانتخابية تكلِّف المرشح أموالاً طائلة لا يستطيع تدبيرها إلا القادرون مالياً وذوو المصاهرة والنسب مع العائلات الكبيرة فى الريف. كما أن هذا النظام يكرّس ظاهرة نائب الخدمات الذى يفضّله الناخب ويتحول دور النائب من تمثيل الأمة فى البرلمان إلى ممارسة دوره الرقابى على السلطة التنفيذية ودوره التشريعى فى إصدار القوانين التى تنظم الحياة فى البلاد، بما يحقق مصالح المواطنين، إلى تقديم خدمات شخصية للناخبين، مثل المساعدة فى تعيين أقاربهم أو نقل أحد الموظفين إلى مكان آخر أو الإفراج عن مواطن من قسم الشرطة. ويُهدر النائب وقتاً ثميناً فى هذه الخدمات على حساب دوره الرقابى والتشريعى داخل البرلمان. كما أن النظام الفردى لا يعطى الفرصة للأقباط أو النساء أو الشباب للفوز فى الانتخابات، لاعتبارات متعلقة بالقيم السائدة فى المجتمع، مما يحرم المجتمع من كفاءات يتعين وجودها فى البرلمان وضماناً لتمثيل فئات مهمة فى المجتمع. كما أن النظام الفردى يُهدر أصوات الناخبين، لأن المرشح الذى يفوز فى الانتخابات هو الذى يحصل على نصف أصوات الناخبين زائد واحد، أما الذى يحصل على أقل من نصف الأصوات، فإنه يخسر الانتخابات وتُهدر بذلك نسبة كبيرة من أصوات الناخبين. وعلى العكس من هذا فإن نظام القائمة النسبية يُحقق العدالة فى تمثيل كل فئات الشعب لأنه يوفّر الفرصة للأحزاب السياسية لترشيح الأقباط والنساء والشباب فى مقدمة القائمة، مما يضمن فوز نسبة معقولة منهم. كما أنه يقوم على تجميع الأصوات للقائمة، فتُحسب كل الأصوات التى حصلت عليها القائمة، وتفوز بعدد من المقاعد تساوى عدد الأصوات التى حصلت عليها القائمة، وبذلك يكون لكل صوت انتخابى تأثيره على نتيجة الانتخابات. ولما كانت قائمة المرشحين تضم عدداً يتراوح بين أربعة واثنى عشر فى كل قائمة، فإن التكلفة المالية للدعاية الانتخابية توزّع بينهم ويتحمل أصحاب المواقع الأولى النسبة الأكبر من التكلفة، فلا تكون الانتخابات بالقائمة عائقاً يحول دون ترشُّح غير القادرين مالياً، لأن الحزب السياسى الذى يرشحهم سيتولى تدبير جانب من التكلفة المالية للدعاية الانتخابية وبذلك نضمن تمثيل العمال والفلاحين الحقيقيين فى البرلمان. وهناك جانب آخر من المسألة يتمثل فى الطابع السياسى للانتخابات، لأن النظام الفردى يقوم على اختيار شخصية المرشح بصرف النظر عن مواقفه السياسية، وربما يكون العامل المرجِّح لاختياره هو وضعه العائلى أو مكانته الاجتماعية أو قدرته المالية، بينما تقوم الانتخابات بالقائمة على اختيار القائمة حسب برنامجها الانتخابى، وتتم المفاضلة بين المواقف السياسية للأحزاب صاحبة القوائم، مما يعزز التعددية السياسية ويقوى الحياة الحزبية، التى تعتبر ركناً أساسياً فى عملية التطور الديمقراطى. وهكذا فإن نظام الانتخاب بالقائمة النسبية يسهم فى دفع عملية التطوُّر الديمقراطى ويحقق العدالة فى تمثيل فئات المجتمع المختلفة، ويضمن فوز عدد مناسب من الأقباط والنساء والشباب التى تمثل قطاعات مهمة فى المجتمع، لا يمكن بدون تمثيلها فى البرلمان تحقيق الاستقرار فى المجتمع وتحقيق العدالة أيضاً. وعلاوة على هذا كله فإن الانتخابات بالقائمة النسبية لا تهدر صوتاً انتخابياً واحداً، بل يكون لكل صوت تأثيره فى النتيجة مما يشجع المواطنين على الإقبال على المشاركة فى الانتخابات.