السلفيون مروا من هنا.. تعرفهم من رسوماتهم فوق قطع الأحجار على كورنيش الإسكندرية، إحداها لشاب يضع ذراعه حول كتف فتاة وتحتهما الآية القرآنية: «ألم يعلم بأن الله يرى»، رسمة ثانية تعلو مقولة الرسول الكريم: «أترضاه لأختك»، وثالثة مذيلة بعبارة: «الله مطلع عليك، ناظر إليك».. على الشواطئ نفسها ينتشرون بلحاهم الطويلة، وجلابيبهم البيضاء القصيرة يرددون نفس العبارات فى صورة أسئلة يستجوبون بها الجالسين على البحر.. فى المساجد يتجمعون للصلاة والاستماع إلى مشايخهم يتحدثون فى «الرقائق»، و«المواعظ»، و«الدرر».. بين السياسيين يبحثون لأنفسهم عن مكان من خلال «أحزاب وليدة»، و«ساسة» لا تشغلهم النظريات السياسية بقدر ما يشغلهم كيفية تطبيق الشريعة الإسلامية.. وسط الانتخابات يتجمعون ويتحالفون ويكسبون أصواتاً قبل أن يخسروا أخرى، ينجحون ويفشلون، يدخلون البرلمان ويخرجون دون أن يضيفوا للعمل البرلمانى جديد باستثناء أداء القسم بما لا يخالف شرع الله. وفى الوقت الذى يفور فيه الشارع السكندرى ويغلى كاشفاً عن حركات وأحزاب وتنظيمات سياسية جديدة، يتوقع نشطاء أن تنحسر الدعوة السلفية بالتدريج عن مدينة الإسكندرية، مستعينين فى ذلك بما يفقده السلفيون يوماً بعد يوم داخل المحافظة، بدءاً من ارتفاع نسبة الرافضين للدستور مقارنة باستفتاء مارس، وكذلك التصويت فى الانتخابات الرئاسية لصالح حمدين، وليس انتهاء بحادث الاعتداء على مسجد القائد إبراهيم على خلفية اشتباكات وقعت بين السلفيين وبين أهالى المدينة. هل يعنى كل ذلك أن السلفيين ربما يفقدون واحدة من أهم المدن التى احتضنت الدعوة السلفية؟ تحاول «الوطن» الإجابة عن السؤال، بين الأصوات السكندرية المناهضة لسطوة التيار السلفى، وعبر رؤى وتحليل لأماكن تجمع السلفيين، ومن خلال تحليل لأرقام ودراسة ووقائع ومشاهدات على أرض عروس البحر المتوسط.