واكب الفن التشكيلى على مر التاريخ نضال الشعوب الثائرة السلمية نحو الحرية، فعبرت اللوحات عن تطلعات الجماهير نحو أفق مفتوح من العدل والمساواة. وعادة ما تجئ الثورات بفنونها الخاصة، وفي الوطن العربى واكب الفن التشكيلى المعاصر حالة الحراك السياسى والإجتماعى، وفى مصر إنحاز عدد كبير من الفنانين إلى قضية الإنسان الذى صار محوراً لأعمالهم الفنية ومن هؤلاء الفنانين حامد عويس وعبدالهادى الجزار وسعد العدوى وإنجى أفلاطون ومحمود مختار وجمال السجينى وعز الدين نجيب ومحمد عبلة وعادل السيوى وجورج بهجورى وغيرهم. ومع ثورة 25 يناير ظهرت مجموعة من الأعمال الفنية وكان آخرها معرض الفنان فريد فاضل والذى حمل عنوان "هنا القاهرة" وضم خمسين عملاً بالألوان الزيتية والمائية تستلهم روح القاهرة منذ إنشائها وحتى الآن بكل جمالياتها وضوضاءها ومتناقضاتها، وتسترسل اللوحات فى وصف العاصمة التى تجمع فى شوارعها وحواريها حكايات لا نهاية لها ألهمت المبدعين عبر العصور ليصيغوا شخصيتها فى منظومتها شيقه، لم تنقطع منذ تأسيس مدينة منف ثم الفسطاط والقطائع والعسكر ثم قاهرة المعز حتى ثورة ميدان التحرير، التى أكدت أن القاهرة أستحقت عن جدارة لقب مدينة المدائن ومركز العالم. وتنقسم لوحات معرض "فاضل" إلى أربعة أجزاء أولها: القاهرة زمان بحواريها وجوامعها وكنائسها القديمة، ومظاهر الحياة فى القرن التاسع عشر، وثانيها: القاهرة مدينة العبادة والابتهال وتعانق الأديان والحب والسلام، وثالثها: القاهرة التى لا نراها دائماً بوضوح على الرغم من وجودها الدائم على مرمى البصر، وذلك من خلال مجموعة من اللوحات التى تبرز جماليات الحياة اليومية، وأخيراً: القاهرة وثورة شباب التحرير الذين يرسمون خطوطها الجديدة بشجاعة الفرسان والإصرار على رفض أنصاف الحلول حتى لا تضيع دماء شهداء الثورة هباءً. ومن لوحات "الثورة" لوحة تمثل مصر الأم وهى تراقب القوات المسلحة التى تحمى الثورة والوليدة، ولوحة أخرى بشاب من شباب التحرير يلوح مبتهجاً بعلم مصر وهو يحتفل بنجاح الثورة، وتشاركة حمامات بيضاء تعلنها "سلمية سلمية". الميدان أولاً ومن الأعمال التى ظهرت أثناء الثورة مجموعة من اللوحات التى رسمها الفنان محمد عبلة وتصور الحياة اليومية فى ميدان التحرير، معتمداً على فكرة "الكولاج" والقصاصات من الجرائد التى كانت تحمل منشيتات تعلن تطور الأحداث أثنا الثورة. أما الفنان طه قرنى فقد رسم جدارية للثورة وصل حجمها إلى 40 متراً، وقد بدأ الرسم فيها على حد تعبيرة فى الأسبوع الأول للثورة لأنه أراد أن يسجل الأحداث ويوثقها مقترنة باللحظة التى حدثت فيها، ولكى يكون بها قدر كبير من المصداقية المعبرة عن مشاعر الثائرين. وقد ضمت الجدارية مشاهد متنوعة من "ميدان التحرير" خاصة مشاهد ل"جمعة الغضب" و"ليلة تنحى الرئيس" و"اللجان الشعبية" و"موقعة الجمل" و"الأفراح بنجاح الثورة". ويرى القرنى أن الفن لابد وأن يكون مرتبطاً بالإنسان وبهمومة الخاصة والعامة وقضاياه الإجتماعية، فجاءت الجدارية معبرة عن الإنسان المصرى بأنفعالاته ومختلف طوائقة وتياراته السياسية والاجتماعية. كما أقيم بقصر ثقافة الجيزة معرضا تحت عنوان "ثوار النهاردة " شارك فيه مجموعة من شباب الفنانين ومنهم مجد تراس وخلود رشاد وكريمة الديب ورحاب العمرى.