تشهد الساحة القضائية داخل مجلس الدولة حالة من الصراع والجدل حول عدم تضمن الدستور الجديد نص بخصوص إنتداب القضاة حيث أن الدستور يضع الإطار العام للقانون وليس التفاصيل، معتبرا أن الانتداب من اختصاص السلطة القضائية وليس القانون العام وأنه يحدث مفارقة في الرواتب وممكن أن يؤثر على قرارات القضاة لمصلحة تلك المؤسسة المنتدب إليها ويشعره بالحرج ولذلك لابد إستبعاد القضاة عن الندب ولأنه ليس من اختصاصات إلا القضاة فقط ولذلك يؤثر على سير العملية القضائية وأيضا من الممكن أن تؤثر على مصلحة الهيئة أو المصلحة الحكومية بالسلب. يقول المستشار أحمد الفقي نائب رئيس مجلس الدولة لقسم الفتوى والتشريع أنه لا يجوز وضع تلك التفاصيل في مواد الدستور الجديد لأن القانون ينظم الشكل أو الإطار العام للأمور متسائلاً لماذا نفرض في المواد الدستورية تفاصيل الخاصة بالسلطة القضائية ومن الممكن أن تضع السلطة القضائية جميع الأمور الخاصة بتنظيم القضاء دون تدخل الدستور ولأن الدستور يضع الإطار العام والسلطة القضائية هي المنظمة لتفاصيل الجزئية وإذا تدخلنا في الدستور لا يصبح دستوراً أصلا فندب أو غيره من الأمور المتعلقة بالقضاة من اختصاص السلطة القضائية، وتقره على حبس الظروف المتغيرة في البلاد في ظل الدستور القائم للبلاد وبالتالي لا يجب تدخل القائمين على وضع الدستور الجديد في القانون الذي ينظم إستطلاع الرأي من الدستور، وخصوصا أنهم أفراد عددهم قليل وأن من الوارد ألا يوجد فيها عضو يمثل القضاة أو تلك الهيئة أو الجهة التي تتطلب التفاصيل أن تكون على علم بالقانون ولذلك يعطى قرارات ليس لصالحها لأنها بعيدة عن إختصاصه أو مجاله. وأكد المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق أن الندب في العمل القضائي شاق جدا ويجب على القضاة عدم الإنشغال بأي شأن دون القضاء، حتى في أموره الخاصة ولا يجب ندبه لأي مؤسسة بالجمهورية ولابد من تعيين مستشارين خاصين بها وإذا حدث ندب للقضاة إلى أي هيئة يؤثر على قراراته وأيضا يعمل على ألا يتعرض لقرار يؤثر على مصلحة الهيئة وبالتالي يؤثر على صدق قراراته فكرسي القضاة له أهميته وإختصاصاته ولابد أن توفر الدولة جميع إحتياجات القضاة والهيئة أيضا من الخدمات الضرورية اللازمة من المكتب والسيارة لكي يساعد القضاء على تنظيم الأمور من حوله لكي لا يتأثر بقرارات أخرى والتنظيم القضائي أمر في أهمية الخطورة وأن المنتدب لا يحدث أي نوع من الرقابة عليه ولا يتخذ إجراءات أمنية معه وبالتالي أن يكون أمام الهيئة هو الذي يلغي القرارات ويضيف وينفرد بقراراته مما تتعارض ضد المصلحة العامة من أجل إفادة الجهة المنتدب إليها رجال القضاء وإليها مما يعكس جوهر العمل بالقضاء فلابد من الدراسة والتحليل قبل القرار وتحكم الضمير وهذا ما إشتهر به رجال القضاء المصري. وأضاف الجمل أن من الأفضل أن نأخذ بالنظام الفرنسي لأنه يقوم بعملية الندب عن طريقة مجلس الدولة فيتم إختيار القضاة المنتدبين بعيدا عن طرق إختيار الرئيس الدولة أو أحد الوزراء، وأن اختيار عملية النقل تتم من خلال مجلس الدولة فالنظام الفرنسي يعمل من حيث تقدير الكفاءة وأن الدستور هو الذي يعمل على تنظيم تلك العملية إلا عن طريق السلطة القضائية فلا يجوز ندب أو إعارة القضاة سواء في القضاء العادي أو قضاة مجلس الدولة أو أي هيئات قضائية أخرى وأن السلطة القضائية هي المسئولة عن تحديد المنطقة وخضوع القضاة للرقابة ولا تزيد مدة الإعارة عن 4 سنوات وإذا خالف مدة الإعارة يحرم من الترقية في المنصب الذي يليه. وفي نفس السياق يرى محمود السقا أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة والفقيه الدستوري أن القضاء هو القضاء وله وضعه الخاص وله أحكام وقانون ينظم تلك العملية القضائية عن طريق السلطة القضائية ومن المفروض ألا يندب القضاة لأنه له إختصاص معين ومن المؤكد ألا يليق بكرامة القضاة وأن يفرض عليه قرار من جهة ليس لها مصلحة تضعه في حرج وبالتالي يؤثر عليه، فكيف نقوم بتشتيت فكر وعقل القاضي وأنا أرى أن المشرع عليه عبء كبير ولابد أن يكون ذو كفاءة وقادر على إتخاذ القرار دون تأثير عليه فلابد أن يستقيل القضاة من القضاء فوره إنضمامه لأي هيئة أو جهة ويجب أن يكون بمعزل عن جميع الأمور التي تسيطر عليه وأنا عشت في فرنسا وإيطاليا وشاهد أن القضاء مستقل تماما وإذا حدث إنضمام القاضي يستقيل من القضاة فورا لأنها مهنة لها طابع خاص وذاتية منفردة ولا يجب وضعها فيما يعرضها لمساس بمهنة موقرة ولا يجب على المشرع لدستور الجديد أن يضع المادة في الدستور الجديد الخاصة بإنتداب القضاة. وقال المستشار فؤاد حسين نائب رئيس محكمة النقض السابق أن انتداب المستشارين أمر غير مقبول لدى القضاة ونحن نطالب بإلغاءه رافضين له بشدة لأنه يعوق العمل القضائي وأنني لا أعلم أننا نحمل كل الأمور للجمعية التأسيسية والدستور أمور رغم أن هذا من إختصاص السلطة القضائية ولا أي جهة أخرى والدستور يضع القواعد العامة من الأعراف بخصوص القضاة والمدة الزمنية لعملهم وسن المعاش والرواتب وكل ما يتعلق بالقضاة من إختصاص السلطة القضائية وأن القضاء الموحد شيء مرفوض تماما لأننا رافضين أشياء أخرى عامة بعيدة عن الدستور وأن الإنتداب يضع القاضي في وزارة بعيدة عن إختصاصاته فمثلا إذا نقل المستشار إلى وزارة الزراعة فكيف يشرع قانون مثلا خاص بإحدى القضايا الإصلاح الزراعي مثلا فهذا بعيدا عن السلطة التنفيذية ونحن نطالب بإلغاء الندب وألا يقع الدستور الجديد في هذا الخطأ لأنه يعوق تيسير العمل القضائي بشكل صحيح. كما يرى المستشار حسني السلاموني رئيس نادي القضاة بالأسكندرية أنه رافض تماما ألا يضع الدستور الجديد ندب القضاة في مواده حيث تقدم المستشار حسني السلاموني رئيس نادي قضاة إسكندرية طلب موضحا إعتراضه على الدستور الجديد على تضمنه نصا بإلغاء ندب القضاة للجهات الحكومية حيث سادت حالة الإنقسام بين قضاة مجلس الدولة الدخول في إستمرار الندب أو إلغاءه في الدستور الجديد. كما قام المستشار غبريال عبد الملاك تقديم رئيس مجلس الدولة بالأسكندرية مذكرة رسمية للجمعية التأسيسية للدستور يؤكد فيها معارضته قيام الدستور الجديد بإلغاء ندب القضاة للجهات والهيئات الحكومية كما وصف الندب بأنه ليس من العمل القضائي في شيء لأن الندب في الأساس نظام ظهر في المجلس الفرنسي عندما كان هيئة مستقلة وليس جزء من السلطة القضائية كما أن الوضع في فرنسا يختلف عن مصر وأن يتولى مجلس الدولة إختياره وأن يكون الندب لكل الوقت. كما أكد السلاموني أن الهيئة القضائية الوحيدة في مصر التي ألغت الندب هي المحكمة الدستورية العليا، موضحا أن الدولة خصصت لذلك وديعة بنكية كبيرة لتمويل الرواتب وتوحيدها.