سادت حالة من الانقسام بين قضاة مجلس الدولة، حول استمرار الندب أو إلغائه فى الدستور الجديد، على خلفية إرسال رئيس المجلس، المستشار غبريال عبدالملاك، مذكرة رسمية إلى الجمعية التأسيسية للدستور، يؤكد فيها معارضته لتضمين الدستور الجديد نصا بإلغاء ندب القضاة للجهات الحكومية. فمن جهته، أكد نائب رئيس مجلس الدولة، ورئيس نادى قضاة المجلس بالإسكندرية، المستشار حسنى السلامونى، ضرورة أن «يتم النص دستوريا على إلغاء الندب، دون أى استثناءات، وعدم تركه قائما، ولو لهيئة قضائية واحدة، حتى يتم سد الباب أمام القضاة المستفيدين من الندب، لأن هذه الظاهرة لوثت القضاء الإدارى بجميع سلبيات الوظيفة العامة، بدلا من أن تكسب القاضى الإدارى خبرة من مجال عمله».
وأضاف السلامونى أن «الهيئات القضائية اعتبرت الندب حقا مكتسبا، رغم أنه فى الأصل ليس من العمل القضائى فى شىء، لأن الندب فى الأساس نظام ظهر فى مجلس الدولة الفرنسى، عندما كان هيئة مستقلة، وليس جزءا من السلطة القضائية، كما أن شروطه فى فرنسا مختلفة تماما عنها فى مصر، وأهمها أن يكون الندب لكل الوقت، وليس لبعضه، وأن يتولى مجلس الدولة اختيار القاضى المنتدب، وليس الجهة الحكومية، وأن يتقاضى القاضى نفس راتب زميله غير المنتدب».
وأوضح السلامونى أن «مجلس الدولة لا يختار القاضى المنتدب لجهة معينة، إلا فى أضيق الحدود، وفى الغالب تكون الجهة الحكومية هى التى تطلب انتداب قاضٍ بعينه، بناء على علاقات شخصية أو أسرية، كما أن الندب هو نظام يهدر مبدأ استقلال القضاة عن جميع الهيئات الإدارية، ويهدر النص الدستورى الخاص بأن القضاة مستقلون ولا سلطان عليهم من أحد».
وأشار السلامونى إلى ضرورة أن يضع المشرع نصب عينيه أن الهيئة القضائية الوحيدة التى ألغت الندب، هى المحكمة الدستورية العليا، وفى المقابل خصصت لها الدولة وديعة بنكية كبيرة، تمول درجاتها المميزة، الأمر الذى يؤكد أن إلغاء الندب يستوجب تحسين رواتب القضاة، وتوحيدها بين جميع الهيئات القضائية.
وفى المقابل، أكدت مصادر قضائية رفيعة المستوى، أن «الدستور بطبيعته يضع أصولا ومبادئ وقواعد عامة حاكمة، أما الإغراق فى تفاصيل مثل مسألة الندب، فإنه يجعله مؤلفا قانونيا أو مرجعا فقهيا، لأن تنظيم هذه المسائل الفرعية متروكة للقانون، باعتباره أكثر مرونة، على عكس الدستور، الذى يفترض فيه الجمود».