اثار قرار الرئيس محمد مرسى بإلغاء الإعلان الدستورى المكمل العديد من التساؤلات حول دور اللجنة التأسيسية الثانية لتشكيل الدستور الجديد الحالى وعن وجوب أو بطلان عملها بعد عيد الفطر في ظل تزايد أعداد المنسحبين من "التاسيسية" والتي كانت أخرهم الناشطة النوبية منال الطيبي نتيجة هيمنة الاخوان علي قراراتها. وفي المقابل يؤكد فقهاء القانون الدستوري "للوادي" أن مسالة وجوب أو بطلان اللجنة التأسيسية ينتظر حكما قضائياً من قبل المحكمة الدستورية العليا فى الدعوي المرفوعة لبطلان التأسيسية الحالية والنطق بالحكم فيها خلال الرابع والعشرين من سبتمبر القادم.. ومن ثم فإن الموقف محسوم فى كلتا الحالتين، فبعد النطق بالحكم حول وضع "التاسيسية" سواء بقبول الدعوي المقدمه أو رفضها.. ستكون الكلمة الحاسمة فى الحالتين للرئيس. وهو ما أكده المفكر القبطي كمال زاخر ،الذي قال إن إنسحاب أى عضو من اللجنة التأسيسية أو غيرها من التكليفات فى الوضع القائم للبلاد قرارا شخصىا لا يمكن النقاش فيه، وهناك أشياء لا يراها إلا صاحب القرار السياسي في البلاد . وأفاد أن اللجنة التأسيسية الحالية دورها وضع ديباجة ومسودة للدستور القادم وهى بعيده عن قرار إلغاء الاعلان الدستورى المكمل وهذا القرار يرجع في المقام الأول إلي رؤية الرئيس وتقديره ولا يمكن التعقيب عليها. وأشار "زاخر" إلي أن الأفضل فى تلك الأوضاع هو الإنتظار حتى يتبين لنا الموقف بشكل مكتمل حيث أن الأمور القائمة فى البلاد الأن مختلطة وهناك الكثير من البلبله وحتى لا نتسرع فنخطئ فى الحكم لابد من إنتظار رؤية الرئيس "محمد مرسى" وبالتأكيد أنه يملك قرارا فاصلا صائبا فى أغلب الأحيان أكثر من اي شخص أخر وبعيد عن العواطف أو الرؤية الشخصية لأى شخص عادى. ويري محمد الدماطى، مقرر لجنة الحريات بنقابة المحامين، إن إنسحاب أفراد من "التأسيسية" الحاليه غير مقلق علي الإطلاق، فهناك أكثر من 50 شخصا أخر إحتياطيا لأفراد اللجنة الأصليين وغير معقول أن ينسحب من اللجنة كل هذا العدد ومع ذلك لو افترضنا مثلا إنسحاب كل هؤلاء الأشخاص، فإن الرئيس حينذاك من حقه وضع تأسيسية جديده وهذا الأمر بسيط ومحلول أمره بالنسبة للرئيس، مؤكدا أن الأمر غير خطير كما يتصور بعض المواطنين. كما أشار "الدماطي" إلي أن هناك دعوي قضائية مرفوعه أمام المحكمة الدستورية العليا ببطلان اللجنة التأسيسية الحالية وسوف يتم الحكم فيها يوم 24 سبتمبر وعلى اللجنة التأسيسية إستكمال أعمالها وكأن شيئا لم يكن والإنتهاء من عملها قبل النطق بالحكم سواء إن كان الحكم بقبول الدعوة أو رفضها حتى يتمكن الرئيس من عرض التعديلات الدستورية على الشعب وعمل إستفتاء شعبى عليها. وأضاف أن الإستفتاء الشعبي مطلوب جدا فى قرارات التأسيسية الحاليه أو فى التأسيسية الجديدة أن وجدت فى حالة قبول الدعوي القضائية، وقتها سوف يتم تشكيل لجنه جديده وتكون الرؤية فيها للرئيس وحده، أما فى حاله رفض الدعوي فسيتم إجراء إستفتاءا شعبيا، فإن كانت النتيجة (نعم) حسم الموقف، وإن كانت (لا) تكون الرؤية وقتها للرئيس أما بتشكل لجنه أخرى أو بوضع تعديلات أخرى.. ومن جانبه قال أمين إسكندر، عضو مجلس الشعب السابق عن حزب الكرامة، إن اللجنة التأسيسية الحالية ما هى إلا لجنة تهكمية لتيار دينى وحيد يسعي للسيطرة علي كافة المجالات، وبها الكثير من القضاه المعروفين بعدم النزاهة والمتورطين فى أمور لا تليق بأشخاص تضع دستور الثورة لشعب كامل. وأشار "اسكندر" إلي أن اللجنة الحالية وجب حلها وتشكيل لجنة أخرى تضم جميع طبقات المجتمع وكافة القوي الثورية والسياسية حتى تتمكن من وضع دستور يتناسب مع كل المواطنين. وإستنكر أيضاً سلبية القوي المدنية المشاركة فى تشكيل لجنة تأسيسية فى مواجهة التأسيسية الحاليه حتى لا تنفرد التأسيسية الحالية بوضع دستور مفصل لا يتناسب مع المواطنين ودعى أيضاً كل القوي المدنية للمشاركة في تشكيل تأسيسية فى أسرع وقت ممكن لوضع دستور يعبر عن مصر بأكملها وعرض هذا الدستور علي الرأى العام حتى يتم المقارنه بينه وبين الدستور الذى سيطبق على مصر. وأفاد أيضاَ أن حل أو إستكمال اللجنة التاسيسية شيئا يتحكم فيه الرئيس ولا جدال فى هذا وخصوصاً بعد إمتلاكه السلطة التشريعية نتيجة إلغاءه الإعلان الدستوري المكمل، لكن الرئيس الحالى ينتمى لحزب معين حتى لو تم إنفصاله عن هذا الحزب لكن إنتمائه لهذا الحزب شئ مفروغ منه، إلا إذا قام الرئيس بالتواصل مع القوي السياسية وتشاور معهم بتكوين لجنه تشمل فئات المجتمع. وأشار "اسكندر" إلي أن الدستور الجديد سيكون كارثة حقيقية لن يشعر بها الشعب إلا بعد فترة من الزمن ولابد من الإعتماد على العلماء والفلاحيين والثوريين حتى يمثل الدستور كافة أطياف المصريين، مستنكرا وجود إسلاميين فى التاسيسية وقد سبق إتهامهم فى مواقف طائفية ولهم أكثر من إعتقاد طائفى. وأكد مراراً وتكراراً أن الدستور لابد أن يعتمد على توافق إجتماعى وطبقى وطائفى حتى لا تشتعل نيران الفتنة وهذا الأخطر على مستقبل مصر فى ظل حكم إسلامى بميول إخوانية. وكانت الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور قد وافقت أمس على إعداد باب جديد للمواد الانتقالية يتضمن مادة استثنائية تنص على استكمال رئيس الجمهورية للفترة الرئاسية الحالية، بعد تعديل شروط الترشح للرئاسة والتعديلات الأخرى، وبما يمنع الطعن على بقائه، ومادة أخرى تحدد سلطة التشريع حتى انتخاب مجلس الشعب الجديد. كما اقر أعضائها أيضا استمرار مجلس الشورى لفترة انتقالية من 6 شهور لسنة أو حتى انتخاب مجلس جديد، مع تغير مسماه واختصاصاته ومضمونه وتحويله لمجلس الشيوخ. في هذا السياق اشار المستشار زكريا عبدالعزيز، رئيس نادي القضاة الاسبق إلي أنه يستبعد وجود استثناءات في اختيارات الجمعية التأسيسية بشأن الرئيس محمد مرسي الذي لابد ن يستمر في منصبه وممارسة صلاحياته طوال المدة الدستورية التي انصرفت إليها إرادة الجماهير ، فضلا عن الأموال الباهظة التي ستنفق علي إعادة إجراء الإنتخابات الرئاسية مجددا بميزانية قد تتجاوز المليار ومائتي مليونا هي فاتورة الانتخابات . وفوق كل ماسبق حالة الإحتقان وعدم الإستقرار الجارية في البلاد قائلاً "ما صدقنا البلد استقرت شهر" ومن ثم فإن حسم الجدل الدائر وما إذا كانت ستجري انتخابات رئاسية بعد وضع الدستور أم يتم الاستفتاء علي مواد الدستور مادة مادة وهذا هو الأصح ولكن في ظل تزايد نسبة الأمية في مصر والتي بلغت نحو 50% من اجمالي عدد السكان. وهي مسألة شاقة علي البلاد خلال تلك الفترة الإنتقالية، مشيرا إلي أن القانون هو عقد وعلاقة بين طرفين في ظل اعلان دستوري عبرت عنه إرادة المواطنين وبالتالي لا يصح أن تسطوا او تحجر علي تلك الإرادة الشعبية أو تغيرها . واضاف "عبدالعزيز أن هذا النص جاء قاطعا لكل الجدل والسفسطة السياسية والقانونية الجارية في ضوء مراعاة المصلحة العليا للبلاد ولكن في حالة ما صدر قرارا بحل تلك الجمعية التأسيسية فإن الرئيس الشخص الوحيد الذي يمتلك الحق في تشكيلها من جديد ويكون أمامه خيارين لا ثالث لهما: أن يتم اجراء انتخابات لإختيار الجمعية وهذا هو الاصوب والخيار الثاني يكون في اصدار قرارا جمهوريا بالمائة عضو من أعضاء "التأسيسية" . وأشار رئيس نادي القضاة الاسبق إلي ان هذا القرار تصحبه محاذير كثيرة لأنه سوف يجر البلاد إلي عدم الإستقرار بعد أن سئم المواطن المصري من الاوضاع الجارية، مشيرا إلي ضرورة عرض المشروع العام والنتائج النهائية التي توصلت إليها الجمعية التاسيسية للحوار المجتمعي خلال شهر علي الأقل في وجود ممثلي كافة النقابات والحركات والإتجاهات الدينية والفكرية والسياسية التي ينبغي أن تؤخذ اقتراحاتها بعين الإعتبار حتي لا أهدر طاقة وجهد مبذول والا فإننا بدون ذلك نعبث بالوطن وأمنه.