يعانى الكثير من المصريين جراء أزمة مياه الشرب والري خاصةً في المناطق الصحراوية البعيدة عن وادي النيل، ولكن أن يحدث ذلك في قلب الوادي حيث تمر المياه أمام أعين الناس ولا يستطيعون لها سبيلا فهو أمر مثير للدهشة على كل حال. تقع قرية الريست بمركز صان الحجر التابع لمحافظة الشرقية، وهي القرية التي لم تعرف خدمة المياه منذ نشأتها قبل 70 عاماً، تاريخ طويل من الإهمال الحكومي لأهالي هذه البلدة المنسية البالغ عددهم 25 ألف نسمة بلا صنبور واحد في منازلهم، فالمصدر الوحيد للمياه هو شراءها من عربات مزودة بخزانات تأتيهم من قرى أخرى، حيث يبلغ سعر "الجركن" جنيه واحد، في حين يبلغ ثمن المتر المكعب 25 جنيه، وتصل التكلفة الإجمالية للمياه التي تستخدمها الأسرة الواحدة على مدار الأسبوع إلى ما بين 150 و200 جنيه. "لم نعرف المياه.. ولكننا عرفنا الفشل الكلوي والسرطان".. هكذا قالت أم أحمد من سكان القرية حيث كانت تغسل الأطباق وأدوات الطبخ على أحد المصارف، فالمياه التي يبتاعها الأهالي تكفي بالكاد لأغراض الشرب والاستحمام، مما يضطرهم لاستخدام مياه الصرف الناتجة عن الأراضي الزراعية في غسل الملابس والأطباق، وهو ما يسبب العديد من الأمراض المميتة بل وأدى إلى إصابة أحد الأطفال بمرض الفشل الكلوي، بحسب اعتقاد السكان. وقال أحمد الهادي، أحد أهالي القرية ل "الوادي" إن الخزانات التي تُنقل بها المياه إلى الريست صدئة أيضاً وغير صالحة للاستعمال الآدمي، مما قد يرتب خطورة كبيرة على الصحة، وربما يكون له دور في انتشار الأمراض بين الأهالي وهو ما أدى إلى وفاة الكثير منهم. يؤكد سكان القرية أنهم يواصلون الاستغاثة بالمسؤولين منذ 7 سنوات بلا جدوى، فلا يجدون منهم سوى كل ازدراء وتجاهل، على حد تعبيرهم، ويقول أحمد الهادي أن الأهالي قد عرضوا القيام بإصلاح مواسير المياه على نفقتهم الخاصة رغم التكلفة الباهظة لعملية الإصلاح والتي قد تصل إلى 20 ألف جنيه، مقابل أن يأتي مسؤول واحد لمتابعة عمليات الحفر كي لا يتم اتهامهم بأية مخالفة، ورغم ذلك لم يأت أحد، حسبما قال الهادي.