في الأول من يناير 2014 يكون قد مر على ميلاد الصحفي والروائي والكاتب السياسي إحسان عبد القدوس 95 عامًا، عاش منها 71 عاما شهدت العديد من المفترقات على المستوى السياسي. في عام 1944 قرر عبد القدوس الشاب البالغ من العمر 25 عامًا أن يثور على مهنة "المحاماة" وأن يخرج بموهبته عن جمود القوانين والتشريعات الصلبة، فوهب نفسه للصحافة والأدب، فقد شعر أن الأدب والصحافة بالنسبة له كانا من ضروريات الحياة التي لا غني عنها، وأصبح خلال بضعة سنوات صحفي مُتميز ومشهور، وراوئي، وكاتب سياسي، وبعد أن عمل في روزاليوسف انتقل للعمل في جريدة الأخبار لمدة 8 سنوات، ثم عمل بجريدة الأهرام وعُين رئيسًا لتحريرها. وفي عام 1945 كتب الشاب حديث العهد بالصحافة مقالًا ناريًا بمجلة «روزاليوسف»ضد السفير البريطاني بعنوان «هذا الرجل يجب أن يذهب»، فصادر رئيس الوزراء، وكان محمود فهمي النقراشي، المجلة وقبض عليه وأودع سجن الأجانب، وشهدت التحقيقات مناقشة حامية بين الأم السيدة فاطمة اليوسف والابن إحسان؛ كل منهما يريد أن يتحمل مسئولية المقال، وبعد الإفراج عنه عينته رئيسًا للتحرير. فى عام 1950 أطلق "عبد القدوس" في مجلة " روز اليوسف" وبالتحديد بتاريخ 20 يونيو، فى عددها الصادر رقم 149 بتاريخ 20 يونيو ، حملته الصحفية الشهيرة تحت عنوان "الأسلحة الفاسدة" عن صفقات الاسلحة الفاسدة فى حرب فلسطين، و نجحت "روزاليوسف" في تكوين ضغط شعبي كبير اضطر معه وزير الحربية مصطفي نصرت في ذلك الوقت أن يقدم بلاغ للنائب العام لفتح تحقيق فيما نشر بالمجلة. فى عام 1954 أعتقل جمال عبد الناصر أحسان عبد القدوس مرتين الاولى يوم 29 مارس سجن الرئيس عبد الناصر أحسان عبد القدوس عندما ثار بعُنف على ضرب الدكتور المستشار عبد الرازق السنهوري في مكتبه بمجلس الدولة وذهب لزيارته في بيته، والمرة الثانية بتهمة التآمر على الثورة حين كتب مقالاً بعنوان «الجمعية السرية التي تحكم مصر» وطالب فيه بعودة الضباط الأحرار إلى ثكناتهم العسكرية فهم قاموا بدور كبير ولابد من أن يحكم البلد مدنيون.. ، وفوجئ بأن دق جرس التليفون، وإذا بجمال عبد الناصر يحدثه قائلا: "أعمل إيه يا إحسان.. اعذرني"، وفي طريق عودته إلى البيت حدث نفسه: "إننا في العام الثاني للثورة، ماذا يكون عليه الحال بعد عشرة أعوام؟". "5 محاولات أغتيالات " : تعرض أحسان عبد القدوس لخمس محاولات أغتيال ؛ حيث واجه الموت لخمس مرات، المحاولة الأولى بسبب مقالة سياسية اتهمت الأمير عباس حلمي الثاني بالفساد، والثانية حين تجمع حوله حراس الملك فاروق الألبان لقتله واتهموه أنه يخطط لقتل الملك وذلك ردًا على مقالة الأسلحة الفاسدة، أما المحاولة الثالثة حين كان هناك اعتداء على منزل الزعيم الوفدي مصطفى النحاس باشا فذهب لتغطية الحدث والتف حوله شباب الوفد يريدون قتله لكنه اختفى في منزل أحد الجيران، والمحاولة الرابعة عندما طلب العقيد الليبي معمر القذافي من أحد رجال المخابرات الليبية التخلص منه بسبب سلسلة مقالاته ضد سياسته. أما المحاولة الأخيرة والأخطر، بحسب ما رواه نجله الصحفي محمد عبدالقدوس، فكانت على يد طالب ألماني الأصل حاول قتله بالسيارة أمام منزله بالزمالك، وكان الحادث الأكثر ألمًا فقد تسبب له بكسور عديدة وارتجاج في المخ. الرواية السياسية عند احسان عبد القدوس" : إني أعيش الصحافة وأنا أكتب الرواية" جملة كان يرددها دائما أحسان عبد القدوس، أنغمس كصحفي يمتلك أوسع علاقات مع أصحاب القرار السياسي وأقطاب السياسة والمال والمجتمع , كونت لديه وفرة من دخائل طبقات المجتمع العليا أو النخب السياسية والاقتصادية والثقافية أستطاع من خلالها ان يكشف عن خبايا وأسرار مجتمع السادة وأصحاب النفوذ السياسي والاقتصادي قبل وبعد ثورة 1952 العسكرية . غير أن ما جعلنا نعني بالرواية السياسية عند إحسان عبد القدوس أن عددا لا بأس به من رواياته تقدم معطي في الدلالة سياسيا واضحا ، صورها في قصصه العديدة التي تشكل خطا رئيسيا في كلية أعماله في تتابعاتها منذ الخمسينات في " النظارة السوداء ", و "شيء في صدري " حيث يقدم تحليلا موسعا لنمو وسلوكيات أحد كبار الرأسماليين ورجال الأعمال قبل الثورة , ولعل إحسان مازال يتابع ويدرس هذه الأنماط في الأشكال الجديدة التي أخذتها بعد الثورة , ولعل مجموعة "النساء لهن أسنان بيضاء " حيث نماذج " سميرة هانم " وعلاقتها بشريف عبد العزيز , وميرفت هانم واحتقارها للمستفيدين من التبرعات التي تجمع باسمهم , و"على مقهى فى الشارع السياسى" وهى عبارة عن مجموعة مقالات سياسية كتبها تعليقاً على أحداث وقعت مابين عامى " 1976 و1978"، والمجموعة القصصية " الراقصة والسياسى" والتى تم أخد ابرز قصصها وتم تحويلها لفليم سياسى، " لا أنام " حتي التسعينيات في قصص روز اليوسف والأهرام تحت باب "أمس واليوم وغدا ", كذلك روايات " يا عزيزي كلنا لصوص". يذكر أن، ولد أحسان عبد القدوس في 1 يناير 1919 ، وأصدر إحسان طوال عمره الأدبي انتاجًا غزيرًا يشكل أيا كان تقييمنا له , نوعية متميزة من القصص القصيرة والرواية جديرة بالاهتمام , بلغ مجموع ما أصدره إحسان من إبداع قصصي وروائي يبلغ 57 كتابا , هذا وقد حولت له السينما هذا العدد من الروايات (49 رواية ) ومازالت تعد عن رواياته حتى الآن وبعد وفاته وهي أفلام ناجحة تجاريا وتلعب أدوار أعماله كل الأجيال التي تتوافد علي السينما من نجوم ونجمات .. كذلك حولت 5 روايات له إلي المسرح , ولكنها لم تحقق نجاحا مسرحيا . وأعدت له للإذاعة 9 روايات , وأعدت له في التليفزيون 14 رواية ناجحة كمسلسل تليفزيوني، وفى12 يناير 1990 ترك المناضل الصحفي والكاتب السياسى قلمه ووفاته المنية.