من بين الأطراف السياسية المتعددة التي تقف على ثغور مهمة في الحرب التي تخوضها مصر ضد التخلف والجهل والفقر والظلم والاستبداد، يحمّل البعض جماعة "الإخوان المسلمين" الجزء الأكبر من مسؤولية التخبط الذي تشهده البلاد منذ اندلاع الثورة في 25 يناير 2011 وعلى مدار المرحلة الانتقالية التي يديرها المجلس العسكري من مقعد السلطة التنفيذية ويديرها الإخوان من مقعد السلطة التشريعية من خلال الأغلبية البرلمانية لذراعهم السياسية حزب "الحرية والعدالة". المتحدث السابق باسم جماعة "الاخوان المسلمين" والعضو المنشق الدكتور كمال الهلباوى حمّل الجماعة مسؤولية التخبط في المرحلة وقال إنها ارتكبت أخطاء كثيرة منذ اندلاع الثورة، وإنها "أفرطت فى ادعاء قيادة الثورة"، على الرغم من وجود عناصر تستطيع قيادتها. وأكد الهلباوى أن "الإخوان شريك أساسي فى أغلب المشاكل التى نعانى منها الان ونبحث عن حلول لها سواء الانتخابات وما آلت إليه أو الدستور وتأسيسيته واحتمالية حل مجلسى الشعب والشورى وكذلك الاعلان الدستورى الذى لايقبله عقل بشرى والذي لا أعرف لماذا قبل به الإخوان وبخاصة المادة 28 منه التى تحظر أى طعن على اللجنة العليا للانتخابات، وهى مادة لايمكن ان تصدر فى اى دستور او قانون فى اى دولة فى العالم". وأوضح الهلباوى أن أخطاء الجماعة تتمثل بالأساس في عدم متابعة أهداف الثورة وهو ما كان متوقعًا بعد أن غادر أعضاؤها الميدان فى وقت مبكر على الرغم من التأخر فى الانضمام إليه ثلاثة أيام، إضافة الى المشاورات والمفاوضات مع النظام البائد وخصوصًا مع عمر سليمان نائب الرئيس الجمهورية وقتها بهدف إنهاء المد الثوري. وأشار الهلباوى إلى أن إعلان الإخوان عدم تقدمهم بمرشح لرئاسة الجمهورية ثم دفعهم بخيرت الشاطر ثم محمد مرسي إلى السباق أفقد الكثيرين الثقة بهم، على الرغم من موقفها من العضو السابق الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عندما أراد الترشح ليسد الفراغ الشاسع والواضح لعدم وجود مرشحين حقيقيين، حيث قامت بفصله. ولفت الهلباوي في هذا السياق إلى أن جماعة الاخوان المسلمين لم تشهد انشقاقات كثيرة كما يزعم البعض، ولكن هناك قيادات فصلت لائحيًا لمخالفتها بقرارات مجلس شورى الجماعة وقيادات أخرى استقالت لأنها وجدت سياسات القيادة الحالية، بزعامة محمد بديع ومن قبله مهدي عاكف، تخالف الأهداف والأفكار والمبادئ والسلوكيات التي من أجلها تأسست "الإخوان المسلمين". من ناحيته، رأى عبد الغفار شكر وكيل مؤسسي حزب "التحالف الشعبى" أن جماعة "الاخوان المسلمين" أحد أهم مفردات الأزمة السياسية الحاصلة على مدار المرحلة الانتقالية، مشيرًا إلى أنها وعلى الرغم من كونها قوة منظمة ومتماسكة، لم تقد الثوار كما كان من المفترض لأن بين أعضائها قيادات حكيمة ولديهم خبرات واسعة إداريًا ودينيًا وسياسيًا، مستدركًا: ولكنهم بدلاَ من ذلك تركوا ميدان الثورة وركزوا على العمل السياسى أكثر من العمل الثورى. ورجح شكر أن تؤدي كثرة الخلافات والاستقالات داخل الجماعة إلى تفككها، منوهًا بأن المشروع الإسلامي الذي كانت تحمل لواءه سوف يبقى سواء استمر التنظيم أو تفكك؛ ذلك أن ثمة قوى إسلامية سياسية قديمة كالجماعة الإسلامية وجديدة كالسلفية تتقاطع معها وتنافسها وأصبح وجودها في مركز اتخاذ القرار مهمًا للغاية وبخاصة فى ظل وجود الفلول. بدوره، ألمح عضو الهئية العليا بالحزب "الناصري" مصطفى عبد النبي إلى أن من أخطاء "لإخوان المسلمين" إصرارهم على الدفع بمرشحهم للرئاسة الدكتور محمد مرسى، دون التنسيق مع المرشحين المنتمين إلى الثورة، مضيفًا أن الجماعة وحتى بعد وصول مرشح ينتمي إلى النظام السابق لجولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية وزيادة فرصه للفوز على حساب مرشحهم، يرفضون إعطاء ضمانات حقيقية وواضحة للثوار من أجل دعمه كمرشح ثوري، ويسعون بدلاً من ذلك إلى المفاوضات. واستنكر عبد النبي رفض الجماعة فكرة المجلس الرئاسي المدني التي دعا إليها المرشحون الثوريون للرئاسة عبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحى وخالد علي؛ لإنقاذ مايمكن إنقاذه والحفاظ على الثورة، على الرغم من أن هذا المجلس لم يكن من شروطه إلغاء الانتخابات الرئاسية التي تأمل جماعة الإخوان بحسمها لصالح مرشحها مرسي، وإنما يهدف فقط إلى التصدي للثورة المضادة وإلى أن يكون الحكم مشتركًا بين التيارات والقوى السياسية جميعها وضمان عدم استئثار تيار معي به. وفي المقابل، أكد سمير الوسيمى القيادى بجماعة الإخوان المسلمين أن كل ما ينسب إلى الجماعة من اتهامات هو كذب وافتراء، متهمًا السلطات الأمنية والإعلام بتعمد إطلاق شائعات عن الجماعة لتشويه صورتها. وأضاف الوسيمى أن لدى الإخوان ثقة فى الله وفى الشعب لاجتياز هذه المرحلة المهمة وتحسين صورة البلد أمام العالم، رافضًا الخوض في تفاصيل المرحلة الانتقالية واتهام طرف بعينه بالتسبب بالأزمة السياسية الحالية.