بعد سماع الحكم هرع المواطنون إلى الشوارع معتصمين، ثائرين، رافضين للأحكام.. ثم تحول الأمر من مظاهرة عادية إلى غضب شعبى ثم عصيان مدنى على نطاق واسع. محمود السيد عربى- حداد- لم يهتم يوما بالسياسة ولم يشغله مطلقا سوى البحث عن «لقمة العيش»، أثناء جنازة تشييع الجثث بالقرب من قسم «العرب» لقى حتفه برصاصة مجهولة أطلقها مجهول.. والدته تحدثت لنا قائلة: محمود يمتلك «عصفورا» صغيرا اشتراه منذ شهور وكان يهتم به لأقصى درجة، وقبل وفاته بساعات تحدث إلى «عصفوره» مودعا إياه وكأنه لن يعود ثانية، سمعنا صوت دوى طلقات الرصاص ونحن بالمنزل وشعرت وقتها بالقلق عليه فطمأننى قبل أن يذهب إلى عمله وأوصانى «بالعصفور»، وقتها انتابنى إحساس بأنه لن يعود ما دفعنى للنزول ورائه جريا، وصباح اليوم التالى سمعت صوت سيارة الإسعاف تقترب منى وشعرت ببأن من بداخلها هو محمود وبالفعل وجدته غارقا فى دماء أخفت ملامح وجهه، لهذا قررت أن أنضم إلى العصيان المدنى مع باقى الأهالى رغم أننى لا أنتمى إلى أى حزب أو تيار أو جماعة، ولم أنشغل بالسياسة تماما كأبنى، والآن قررت ألا أرحل من الشارع قبل أن يأتى لنا الرئيس بحقوق من قتلوا وأحمله المسئولية عن دمائهم الحرة وأتهمه بالضلوع فى تهريب المجرمين فى واقعة اقتحام سجن بورسعيد ليقتلوا أبناءنا، وأطالب أيضا بمحاكمة مأمور سجن بورسعيد ومأمور سجن قسم العرب ومحافظ بورسعيد لأنهم جميعا متورطون فيما حدث وسنستمر فى العصيان حتى القصاص. الرصاص المجهول الهوية لم يفرق بين شاب أو مسن أو امرأة أو طفل ف «محمد السيد»- خمسينى- كان فى طريقه إلى عمله حيث يملك «محل باله»، كما صرح لنا ابنه سيد، الذى قال: «كنت من ضمن المعتصمين أمام السجن وصباح يوم المجزرة جاء والدى لمقر الاعتصام ليطمئن على قبل الذهاب إلى عمله، فأطلق أحدهم رصاصة غادرة اخترقت جسده العجوز، و ما يحزننى أن الإعلام لم ينقل الحقيقة إلى الجمهور وصور جميع المقتولين غدرا كمتهمين وسوابق، ولم يذكر أن جميع الجثث سقطت من النعوش أثناء الجنازة ولم نعرف ملامح الموتى إلا بعد أن كشفنا الأكفان عن وجوههم فى جو خانق ملىء بالقنابل المسيلة للدموع .. وكنا نهرول مفزوعين يمينا ويسارا إلى الشوارع المحيطة أملا فى إكرام هؤلاء الشهداء بدفنهم. حقائق كثيرة تم إخفاؤها والصورة التى تم نقلها عن شعب بورسعيد صورة سلبية للغاية، ولهذا نحن مستمرون فى العصيان المدنى حتى تتحقق مطالبنا، وقمنا بجمع توقيعات من أسر الشهداء والمصابين لمقاضاة مرسى، وإذا لم يحسم القضاء الأمر سوف نلجأ للتحكيم الدولى. سيد يختتم كلماته الثائرة الغاضبة قائلا: «المحافظ فر هاربا ولم نره سوى لحظات ثم اختفى وبعدها أرسل لنا وفدا من أتباعه حاولوا مساومتنا على حقوقنا وطلب منا أن نتنازل عن مطالبنا وعن الدعاوى القضائية المرفوعة ضدهم، مقابل شقق ووظائف ورحلات حج أو عمرة، لكننا رفضنا ونصر على مطالبنا وأهمها القصاص للشهداء الذين ماتوا غدرا و بلا ذنب اقترفوه». موضوعات متعلقة:
البورسعيدية يرفغون شعار : عصيان حتى «القصاص» أهالى بورسعيد: نرفض وساطة «الإخوان» فى الحصول على حقوقنا..و حجازى والشاعر متورطان فى المجزرة أهالى المحكوم عليهم بالإعدام فى مجزرة بورسعيد: أبناؤنا أبرياء.. والجناة خارج السجن