عشرات الآلاف فى شوارع المدينة الباسلة يهتفون بإسقاط النظام ورحيل الرئيس
كتب- فاتن حلمى وإبراهيم زكى:
العصيان مستمر لليوم الثالث على التوالى والمسيرات الغاضبة ما زالت تجوب شوارع المدينة الباسلة فى كل أنحاء بورسعيد، فالآلاف من أهالى بورسعيد خرجوا فى مسيرات حاشدة خرجوا للإعلان عن رفضهم تعامل الرئيس محمد مرسى وحكومته مع كل ما يحدث فى بورسعيد المسيرات الحاشدة انطلقت من ميدان الشهداء «المسلة» سابقا أمام ديوان عام محافظة بورسعيد والمسيرات الحاشدة التى شارك فيها كل أبناء المدينة الباسلة من أطفال ونساء وشيوخ ورجال جاءت لتأكيد أنهم ماضون فى العصيان المدنى بكل قوة، وتأكيدا على رفضهم القرار الذى صدر من الرئيس مرسى والمطالبة بتحقيق كل مطالبهم من القصاص للشهداء ومحاكمة وزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين وارتفع سقف المطالب فى المسيرات الحاشدة، حيث هتف المتظاهرون من أهالى بورسعيد وأسر الشهداء بإسقاط النظام وهتف المتظاهرون «يسقط يسقط حكم المرشد» و«الشعب يريد إسقاط النظام» و«ارحل ارحل». المسيرات الحاشدة جابت شوارع كل مناطق بورسعيد، بداية من ميدان المسلة فى بورسعيد مرورا بشارع الثلاثينى ثم إلى شارع محمد على والذى يقع به سجن بورسعيد العمومى، حيث هتف الأهالى ضد وزارة الداخلية وقوات الأمن هتافات «الداخلية زى ما هى الداخلية بلطجية» بينما شكل عدد من شباب وحكماء المدينة الباسلة سلسلة بشرية ضخمة حول سجن بورسعيد العمومى وكل الشوارع والمداخل المؤدية إلى منع الأهالى من اقتحامه والتعرض لقوات الأمن والجيش الموجودة والمكلفة بتأمين السجن.
كما رصدت «الدستور الأصلي» المشاركة الكبيرة والكثيفة من قِبل نساء بورسعيد اللاتى خرجن للتضامن مع أهالى وأسر الشهداء ورفع مطالبهم، فضلا عن رفع صور الشهداء فى المسيرات، بينما شكل المتظاهرون سلسلة بشرية حول النساء لحمايتهن، وقام عدد من شباب وأهالى المدينة الباسلة بحمل أكفانهم خلال المسيرات كنوع من التعبير عن أنهم مستعدون للموت والاستشهاد فى مقابل الحصول على كل حقوقهم والقصاص لدماء الشهداء وسط هتافات «يا نجيب حقهم يا نموت زيهم» «وحياة دمك يا شهيد ثورة تانى من جديد». كما رصدت «الدستور الأصلي» مشاركة أسر مصانع قناة السويس وأنها تتضامن مع أهالى الشهداء وتتمنى الشفاء العاجل للمصابين وسط هتافات «بالروح بالدم نفديكى يا بورسعيد» كما رفع المتظاهرون لافتات سوداء كنوع من الحداد على أوراح الشهداء، كما رفع المتظاهرون أعلام دولة بورسعيد بينما شارك العاملون بالترسانة البحرية بقناة السويس والذين اعتصموا بمقر الترسانة البحرية ببورفؤاد، متضامنين مع العصيان المدنى على مستوى كل الورادى وفى الورش، وهو الأمر الذى أدى إلى توف العمل تماما بالترسانة البحرية، ولم يختلف الأمر كثيرا فى منطقة الاستثمار والتى دخلت لليوم الثالث على التوالى فى العصيان المدنى وخرج المئات من العاملين بهيئة الاستثمار معلنين عن التضامن مع أسر الشهداء والخروج فى مسيرة إلى مبنى ديوان عام محافظة بورسعيد، كما انضم العاملون بشركة الكهرباء بشارع محمد على السيدات والرجال نازلين من مبنى مديرية الكهرباء ويشاركون فى الهتافات للتضامن مع شهداء بورسعيد، وكذلك نزول ساكنى العمارات المجاورة للمنطقة.
الأمر لم يختلف كثيرا بالنسبة للمدراس فى المدينة الباسلة، حيث توقفت الدراسة تماما فى أكثر من 95% من المدارس الموجودة ببورسعيد بعد إحجام أهالى الطلاب عن نزول أبنائهم إلى المدارس، خصوصا بعدما انتشرت وترددت أنباء عن التعرض للمدارس التى لا تستجيب للعصيان. ونفس الأمر تكرر مع الموظفين فى ديوان المحافظة والمؤسسات الحكومية ببورسعيد مع تزايد حدة العصيان والاستجابة، وفى محاولة منها لتهدئة الأوضاع والحد من حالة الغضب العارم دفعت القوات المسلحة ببورسعيد بسيارات تحمل مكبرات صوت لتجوب شوارع مدينة بورسعيد لتحث الأهالى على العمل. كما قامت بترديد وإذاعة الأغانى الوطنية كمحاولة لتهدئة الأمور، ولكنها فشلت، بينما قام عدد من الطائرات الهليكوبتر التابعة للجيش التحليق فى سماء بورسعيد لمتابعة الأوضاع والمراقبة من أعلى بشكل دورى ومستمر، خصوصا مع تزايد أعداد المتظاهرين الذى وصل إلى عشرات الآلاف.
أحمد عرابى وكيل أول وزارة التربية والتعليم بمحافظة بورسعيد، أكد ل«التحرير» أن نسبة حضور الطلاب منعدمة فى المدارس وتكاد تقترب من 10%، رغم فتح أبواب المدارس على مصراعيها، موضحا أنه لا نية على الإطلاق لدى المديرية والمحافظة لتأجيل الدراسة أو تعطيلها بأى حال من الأحوال.
رابطة الأولتراس تحذِّر: فات أوان احتواء الأزمة
قنديل من الاستمرار فى هذا التجاهل أو محاولة الالتفاف على مطالب أسر الشهداء، مؤكدين أنهم لن يقبلوا ببيع دماء شهدائهم أو التفريط فيها تحت مسمى مبادرات حل الأزمة أو التعويضات، مشددين على أن الاعتصام المدنى مستمر والاعتصام قائم لحين تحقيق كامل المطالب محذرين من أن القادم أسوأ.
على سبايسى أحد مسؤولى أولتراس بورسعيد، قال ل«الدستور الصلي» إنهم لن يقبلوا بالحلول الوسط وتجزئة المطالب، وأنه يجب أن يتم تنفيذ كل مطالبهم المتمثلة فى اعتذار رسمى من محمد مرسى لأهالى بورسعيد عما صدر فى حقهم وكذلك محاكمة وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم وإقالة اللواء أحمد عبد الله محافظ بورسعيد الحالى واللواء محسن راضى مدير أمن بورسعيد، وكذلك احتساب شهداء أحداث بورسعيد ضمن شهداء ثورة 25 يناير وإقالة المستشار طلعت عبد الله النائب العام وإعادة محاكمة المتهمين فى قضية مجزرة بورسعيد وإجراء تحقيق قانونى عادل فى هذه القضية.
سبايسى أضاف أن أى مبادرات لحل الأزمة مرفوضة وأنه فات أوانها وأنه لا مجال للتفاوض إلا بتحقيق المطالب، مشددا على أن أولتراس مصراوى ماض فى طريقه إلى آخره، وأن العصيان المدنى والاعتصام مستمران بل وسيتم تصعيدهما فى الفترة القادمة فى ظل تجاهل الرئاسة مطالبهم. على عصفور قيادى بأولتراس مصراوى أكد من جانبه، أن دعوات العصيان المدنى وتصعيده بعد الاستجابة الكبيرة التى تمت من قبل أهالى المدينة الباسلة تكشف أنهم مصرون على تحقيق مطالبهم المشروعة، وأنهم لن يقبلوا بالمسكنات التى تطرحها الدولة والنظام ممثلة فى مبادرات لبعض الشخصيات للخروج من الأزمة.
عصفور أضاف أن هناك اجتماعات ولقاءات يعقدها الأولتراس مع أسر الشهداء وعدد من القوى الشبابية والثورية لتحديد الخطوات التصعيدية القادمة بعد الاتفاق عليها والبدء فى تنفيذها.
قناة السويس تستبعد فرض شركات التأمين العالمية رسوما إضافية على السفن
«فاينانشيال تايمز»: «العصيان المدنى» فى بورسعيد تحدٍّ مباشر لحكومة مرسى
الاحتجاجات المستمرة فى مصر منذ فترة، خصوصا فى مدن القناة، وعلى رأسها بورسعيد، هل تؤثر على قناة السويس باعتبارها مجرى ملاحيا لا يمكن للعالم أن يستغنى عنه، خصوصا بعد تبادل معلومات تشير إلى نية شركات التأمين الدولية فى رفع قيمة التأمين على السفن المارة فى القناة باعتبارها منطقة خطرة.
إدارة قناة السويس استبعدت قيام شركات التأمين العالمية بفرض رسوم إضافية على السفن المارة بالقناة، بسبب الاحتجاجات عند المدخل الشمالى لقناة السويس فى محافظة بورسعيد، وذلك لأنها لا تعتبر من المناطق الخطرة.
الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، قال إن العمل منتظم بجميع مواقع الهيئة بمدينة بورسعيد، جاء ذلك فى بيان مقتضب صدر أول من أمس (الإثنين)، مضيفا أن الملاحة تسير بصورة منتظمة، ولم تتأثر بأى أحداث.
الدكتور عبد التواب حجاج، المستشار الاقتصادى لرئيس هيئة قناة السويس، قال إن الاضطرابات الحالية ببورسعيد عند المدخل الشمالى لقناة السويس لم تؤثر على حركة مرور السفن بالقناة، وإن حركة المرور منتظمة وآمنة بشكل كبير، مضيفا أنه لم تسجل أى حوادث ضد السفن ولم تتعرض لأى مشكلات فى أثناء مرورها فى المجرى الملاحى طوال العامين الماضيين.
حجاج استبعد أن تقوم شركات التأمين العالمية بزيادة قيمة التأمين على السفن المارة بالقناة، بسبب الاحتجاجات الموجودة فى منطقة قناة السويس، خصوصا المحافظات الثلاث، الإسماعيليةوالسويس وبورسعيد، مضيفا أن الملاحة بقناة السويس لم تتوقف يوما واحدا، وهناك تأكيد دولى أنها آمنة، وبالتالى من الصعب جدا أن تعتبرها شركات التأمين من المناطق الخطرة، وأن تزيد من قيمة التأمين على السفن المارة بها.
حجاج أضاف أن هناك زيادة فى تكلفة التأمين بالنسبة إلى السفن المارة بقناة السويس، التى تتجه نحو السواحل الإفريقية بسبب عمليات القرصنة، وأن هذه الزيادة ليست لها علاقة بقناة السويس أو بالاحتجاجات التى تتم فى المنطقة، وأن قناة السويس ليس لديها علم بقيمة هذه الزيادات المطبقة من جانب شركات التأمين.
علقت صحيفة «فاينانشيال تايمز» على استمرار الاحتجاجات فى بورسعيد، ومنع الآلاف من سكان المدينة العمال من الوصول إلى المصانع بالقول إن هذا «العصيان المدنى» يمثل تحديا مباشرا لحكومة الرئيس محمد مرسى.
وأشارت إلى أن الاضطرابات فى ميناء بورسعيد، إحدى المحافظات الثلاث التى تطل على قناة السويس الاستراتيجية، لم تؤثر فى حركة المرور فى الممر المائى، رغم انضمام عمال الأحواض الجافة إلى الاحتجاجات.
ورأت أن العصيان المدنى يؤكد الصعوبات التى تواجه الرئيس مرسى، الذى يقود بلدا مضطربا على نحو متزايد مع نوبات متكررة من العنف بين المتظاهرين والشرطة، على حد قولها.
وأشارت إلى أن الغضب يشتعل ضد مرسى بسبب تدهور حالة الاقتصاد والتصورات أنه وجماعته التى ينتمى إليها يسعون إلى احتكار السلطة وترسيخ أنفسهم فى الحكومة.
واختتمت تقريرها معتبرة أن قرار المحكمة الدستورية العليا التى قضت بأن أجزاء عديدة من قانون انتخابات الجديد غير دستورية، يمثل انتكاسة جديدة لمرسى، لافتة إلى أن النتيجة المحتملة للقرار هو تأخير الانتخابات البرلمانية المتوقعة فى أبريل.
البورسعيدية: قرارات مرسى رشوة سياسية مرفوضة
عضو ب«6 أبريل»: سقف المطالب ارتفع.. وأمين عام ائتلاف التجار: زى قلّتها
«بلوه واشربوا ميته» هكذا علق أهالى شهداء بورسعيد وأولتراس مصراوى على القرار الذى أصدره محمد مرسى مساء أول من أمس الإثنين بتخصيص 400 مليون جنيه سنويا من إيرادات قناة السويس لتنمية مدن القناة الثلاث بورسعيد والسويسوالإسماعيلية، وانتداب قاض للتحقيق فى الأحداث الأخيرة التى شهدتها المدينة الباسلة وعرض مشروع قانون على مجلس الشورى لإصدار نص تشريعى لإعادة فتح المنطقة الحرة ببورسعيد، مؤكدين رفضهم تلك «الرشاوى السياسية» والتنازلات الرخيصة مقابل دماء الشهداء، مؤكدين أنهم ماضون فى العصيان المدنى والاعتصام حتى تحقيق القصاص العادل.
«الدستور الأصلي» فى جولة ميدانية لها بالمدينة الباسلة، رصدت تعليقات أهالى بورسعيد على القرارات، حيث علق بعضهم على القرار بأنه مجرد «تهدئة للشارع فى بورسعيد وضحك على الدقون»، مشددين على أنهم لن ينخدعوا مرة أخرى من هذا النظام بينما علق آخرون على القرار بأنه «تأخر كثيرا ولم يعد يرتقى إلى الوضع فى بورسعيد وأن تعامل مرسى مع ما يحدث فى المدينة الباسلة هو نفس سيناريو تعامل المخلوع مع الثورة فى بدايتها، مؤكدين أن مرسى «متأخر وبطىء فى اتخاذ القرارات الهامة».
محمود نجيب، عضو حركة 6 أبريل ببورسعيد، قال إن هذه القرارات بمثابة رشوة سياسية من النظام لأهالى بورسعيد لكى ينصرفوا عن العصيان المدنى والاعتصام خصوصا بعد نجاح العصيان بشكل أفزع مرسى وجماعته، حيث إنهم كانوا يراهنون على عامل الوقت.
عضو حركة 6 أبريل أضاف أن تأخر هذه القرارات أفقدها تأثيرها كما أن سقف مطالب الأهالى وأسر الشهداء فى بورسعيد كلها ارتفع، معتبرا أن مثل تلك القرارات لن تثنى أهالى الشهداء عن ترك القصاص لأبنائهم لأن دماءهم «ليست رخيصة لتباع بحفنة من الجنيهات». أحمد خير الله عضو تكتل شباب بورسعيد، قال من جانبه إن العصيان المدنى مستمر وقائم حتى بعد صدور هذا القرار، مشددا على أن دماء الشهداء «ليست رخيصة لكى نتحدث عن دفع تعويضات أو الموافقة على تنمية مدن القناة، فالأمور والوضع فى بورسعيد أكبر بكثير مما يتخيله محمد مرسى وجماعته كما أنهم تجاهلوا ما حدث فى المدينة الباسلة على مدار الأسابيع الماضية، بل إنهم تحدوا أهلها بعد تعامل الشرطة باستخدام القوة المفرطة وقتل المتظاهرين والتحذير والوعيد وفرض حالة الطوارئ وإعلان حظر التجوال، كل هذه الأمور أفقدت أهالى بورسعيد الثقة فى النظام».
خير الله أوضح أن سقف المطالب فى بورسعيد ارتفع من تحقيق القصاص وإعادة محاكمة المتهمين فى قضية بورسعيد وإقالة وزير الداخلية ومدير الأمن إلى المطالبة بإسقاط مرسى لأن «سقوط شهداء بورسعيد سقطت معه شرعية مرسى فى مدينتنا».
خير الله أشار إلى أن هذا القرار الرخيص جاء بعد ما تأكدت الحكومة والرئاسة من أن العصيان المدنى قد نجح فى بورسعيد وأن هناك محافظات أخرى بالجمهورية بدأت هى الأخرى تعلن تضامنها مع أهالى بورسعيد، وبدأت بالفعل تدخل فى العصيان المدنى وهو الأمر الذى هدد عرش مرسى وجماعته وأدى إلى إصداره هذا القرار. إسماعيل المناوى الناشط السياسى والحقوقى بمركز مساواة لحقوق الإنسان ببورسعيد، قال إن هذا القرار على الرغم من حالة الرفض الكبير له فإنه فى النهاية يخدم مدن القناة، مشددا على أنه «مع وجود الدم لا حديث يعلو فوق الحديث عن القصاص من قتلة الشهداء»، مؤكدا أنه على مرسى الاعتذار رسميا لأهالى بورسعيد عن ما صدر منه فى حقهم حتى الآن.
بينما قال محمود فؤاد أمين عام ائتلاف التجار ببورسعيد، إن قرار مرسى حول عودة المنطقة الحرة جاء متأخرا، و«زى قلته»، كاشفا عن قيام حزب الوسط منذ أكثر من شهر بتقديم طلب إلى اللجنة التشريعية بمجلس الشورى والموافقة عليه، متسائلا «هل ورد إلى ذهن مرسى فى تلك الآونة أن يفكر فى شهداء بورسعيد؟»، مضيفا أن بورسعيد على كف عفريت وتغلى ضد الرئيس وحكومته.
بينما عبر عدد من أهالى بورسعيد عن عدم اعترافهم بشرعية مرسى وقراراته، بقيامهم بعمل لجان شعبية مستقلة عن التى تم تشكيلها، لتقديم الأدلة إلى لجان التحقيق تزامنا مع حالة العصيان المدنى التى فرضوها فى بورسعيد ورغبة فى استقلالهم عن الدولة.
أسر شهداء بورسعيد لمرسى: الدم تمنه دم
«دم ولادنا مش رخيص ولا للبيع يا مرسى» هكذا جاء رد أهالى الشهداء ببورسعيد، ردا على المبادرات التى تخرج بين الحين والآخر لاحتواء الأزمة فى المدينة الباسلة وتعويض الأهالى بمبالغ مالية، «الدستور الأصلي» التقت عديدا من أسر شهداء المدينة الباسلة، ورصدت ردود أفعالهم حول هذه المبادرات والحديث عن التعويضات، فأجمع كل الأهالى على رد واحد هو «استمرار العصيان والتصعيد.. لأن دم ولادنا مش للبيع ومهوش رخيص».
الشهيد محمود محمد النحاس، آخر الضحايا الذين سقطوا فى الأحداث الدامية التى شهدتها المدينة عقب صدور حكم المحكمة بإعدام 21 من المتهمين فى قضية مجزرة الاستاد، حيث توفى النحاس منذ ثلاثة أيام فقط، يقول شقيقه عصام «أخى قتل برصاص القناصة من فوق قسم العرب يوم 27 يناير.. ولم يكن له دخل بأى شىء وليس له علاقة بالمظاهرات أو السياسة».
عصام أوضح أن أخاه كان قد خرج من محل الحلاقة الخاص به لشراء علبة مناديل وبمجرد أن خرج إلى شارع القليوبية تم إطلاق الرصاص عليه من فوق قسم العرب، واستقرت الرصاصة فى رأسه على الرغم من بعد المسافة بينه وبين قسم الشرطة إلى ما يقرب من 700 متر. عصام قال إن أسرته حتى الآن لم تحصل على تقرير من الطب الشرعى الخاص بالشهيد أو إصابته، وكذلك لم يتمكنوا من تحرير محاضر أو بلاغات بوقائع القتل التى سقط فيها عشرات الشهداء فى محيط قسم العرب، رافضا ما تم الإعلان عنه من مؤسسة الرئاسة عن تعويض أسر الشهداء بمبلغ 35 ألف جنيه لكل شهيد قائلا «إحنا شبابنا مش بالجنيه.. ولن نقبل بأى فلوس إحنا عاوزين اللى ضرب ولادنا بالنار»، مؤكدا أن شقيقه لم يكن له أى سابقة جنائية كما يردد البعض أن كل الذين استشهدوا فى الأحداث كانوا بلطجية، مشددا على أن مسؤولية القصاص لأخيه تقع على عاتق محمد مرسى وحكومة هشام قنديل. إحسان السيد، شقيقة الشهيد أحمد السيد الذى توفى فى عامه ال51، قالت وهى تبكى ودموعها منهمرة على وجهها إن الشهيد، كان متزوجا ولديه 3 بنات و3 أولاد، حيث لقى مصرعه فى أثناء ذهابه إلى سوق السمك -الذى يبعد عن سجن بورسعيد العمومى مسافة 500 متر- لشراء بعض المتطلبات، وفى أثناء وجوده أصيب بعيار نارى فى الرقبة والظهر، قائلة «حق الشهيد فى رقبة مرسى ووزير الداخلية والمحافظ وأكرم الشاعر والبلتاجى والمرشد وغيرهم من الإخوان لأنهم قتلة شهداء بورسعيد الأبرياء»، مضيفة أن شهداء بورسعيد ليسوا بلطجية ولا مجرمين إنما أصيبوا غدرا على أيدى رجال الداخلية وقوات الأمن وفرق القناصة، مشيرة إلى أن الإخوان تآمروا على بورسعيد وقاموا بتهميشها، متسائلة «كيف يموت أكثر من 40 شهيدا فى بورسعيد ولا يخرج مسؤول بالدولة حتى الآن ليعتذر لأهالى الشهداء ويطالب بالقصاص من القتلة؟». لم يكن الشهيد وليد فاروق عبده ذو ال37 عاما ووالد الطفلين، له أى علاقة بالسياسة أو التظاهرات والاحتجاجات، بل لم تكن له علاقة بمباريات كرة القدم، وكان كل اهتمامه منصبا على عمله فى أحد محلات الأسماك بسوق السمك، ورغم ذلك لم ترحمه رصاصات الغدر.
شقيق الشهيد قال إنهم لن يتقبلوا العزاء فى أخيه وكل شهداء بورسعيد حتى يتم القصاص للدماء، ويعتذر محمد مرسى وحكومته عما اقترفه فى حق أهالى المدينة الباسلة بداية من قتل الشباب وفرض حظر التجول والحصار الاقتصادى الذى فرضه عليها، مشيرا إلى أن التصعيد فى العصيان المدنى مستمر حتى تتحقق مطالبهم.
رمضان أبو الحمد تمام، شقيق الشهيد العربى أبو الحمد تمام، أوضح أن شقيقه الشهيد يبلغ من العمر 32 عاما وكان متزوجا ولديه طفلة تبلغ من العمر سنتين، وأخرى تبلغ من العمر 4 سنوات وكان يعمل فى إحدى ورش السيارات، وأضاف «أخويا اتقتل وهو مالوش فى الكورة ولا السياسة وذنبه إنه كان رايح شغله فى أمان واتضرب برصاص حى فى الرقبة والفخذ اليسرى بجوار سجن بورسعيد العمومى فى تمام الساعة الثالثة عصرا فى 26 يناير الماضى».
«الدستور الصلي» تقضى الليلة الثالثة فى اعتصام المدينة الباسلة
المئات يهتفون ضد الإخوان طوال الليل.. ومسيرات الأولتراس بالطبول.. ودموع أمهات الشهداء لا تتوقف
هتافات ضد مرسى وجماعته طوال ساعات الليل.. مسيرات ليلية تجوب أحياء المدينة بالطبول.. صور للشهداء ولافتات منددة بقتل الأبرياء.. أغانى للأولتراس تهتف بالقصاص.. دموع وبكاء وصراخ من أسر الشهداء والمصابين، هكذا يمكن أن نصف مشهد اعتصام أهالى بورسعيد وأولتراس مصراوى وأسر الشهداء والمصابين وطلبة الجامعات، خلال يومهم الثالث فى ميدان المسلة أمام ديوان عام محافظة بورسعيد، فى محاولة للضغط على محمد مرسى وحكومة هشام قنديل لتنفيذ مطالبهم المتمثلة فى تقديم اعتذار رسمى لأسر شهداء بورسعيد ومحاكمة وزير الداخلية ومدير أمن بورسعيد وإعادة محاكمة المتهمين دون تسييس للقضية وتحقيق قانونى عادل مع المتهمين واحتساب شهداء بورسعيد ضمن شهداء ثورة يناير، «الدستور الصلي» قضت ليلة كاملة مع المعتصمين أمام المحافظة لرصد الأجواء ومعرفة مطالب المعتصمين وآلامهم وأحزانهم.
أحد أهالى بورسعيد المعتصمين بالميدان ويدعى أحمد عبده، قال ل«الدستور الصلي» إن الاعتصام وسيلة للضغط على مرسى للاستجابة لمطالبنا المشروعة، وهى القصاص للشهداء والأبرياء الذين سقطوا فى أحداث الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين من القتلة، مؤكدا أن الاعتصام سلمى ومفتوح وليس الهدف منه التخريب أو التدمير إنما لإرسال رسالة إنذار قوية للدولة بأن بورسعيد تشعر بالظلم والاضطهاد وضاقت ذرعا بما يحدث ولا تريد الصمت أكثر من ذلك على حق أبنائها، مضيفا أن الجميع فى بورسعيد متمسكون بتلك المطالب والأهداف ولن يتهاونوا فى الاستمرار فى المطالبة بها، مضيفا «صبر البورسعيدية نفد من مرسى وحكومة قنديل ولن نصمت على حقنا بعد الآن». عبده تابع «لن ننجر إلى أى أعمال عنف، ولكن فى المقابل يجب على الدولة أن تصغى لأصواتنا وأن تعلم أن غضب البورسعيدية قادم لا محالة وأن شهداء بورسعيد ليسوا أقل من شهداء الأهلى ولهم حقوق مشروعة، مضيفا أن بورسعيد اتفقت على التصعيد ما دام مرسى لا يزال يتعامل معنا بمنطق القطعة ولا يريد تنفيذ مطالبنا دفعة واحدة، مؤكدا أن مرسى بات أسوأ من مبارك وعاجز عن حل المشكلات وإدارة البلاد، قائلا «استقلال بورسعيد ورفض دفع أى التزامات للدولة من الغاز والضرائب وفواتير المياه والكهرباء سيكون خطوة قادمة للتصعيد ضد مرسى وإرسال رسالة إنذار أن بورسعيد صامدة ولن تتهاون فى حقوقها».
«حسبى الله ونعم الوكيل، مبارك خربها ومرسى قتل أولادنا».. هكذا تحدث أحمد أبو المجد أحد طلاب جامعة بورسعيد المتضامنين مع مطالب أهالى الشهداء، مشيرا إلى أن كل طلبة الجامعات متضامنون مع مطالب الأهالى وأسر الشهداء، مشددا أن هناك عديدا من طلبة الجامعات أعلن العصيان ورفض أداء الامتحانات تضامنا مع المطالب، مشددا أن بورسعيد قادرة على الحصول على حقها ولن تصمت أكثر من ذلك، مضيفا أن القضية لم تعد مع الداخلية وقوات الأمن إنما أصبحت مع مرسى ونظام الدولة بأكمله، قائلا «نرفض التعليم قبل القصاص لشهدائنا ونريد أن يكون لشهداء بورسعيد جزء أساسى فى مناهج التعليم لأنهم ليسوا أقل من أى شهداء وأفضل من إنجازات مبارك وأكاذيب الإخوان فى مناهج التعليم».
هناء عزت إحدى السيدات اللاتى شاركن فى الاعتصام داخل خيمة يوجد بها أسرة مكونة من 5 أفراد، أن مشاركتها فى الاعتصام كانت من أجل التأكيد أن مطالب بورسعيد لا ينادى بها فئة واحدة من أبناء الشعب ولا تقتصر على الرجال «إنما جئنا لكى نؤكد أن سيدات وفتيات بورسعيد يرفضن ممارسات الرئيس مرسى وجماعته، موضحه أن شهداء بورسعيد فى رقبة مرسى وقنديل وإبراهيم وكل مسؤول فى النظام»، قائلة «كيف ينام المسؤولون بالدولة ودم أولادنا وإخواتنا لسه مابردش؟»، متسائلة «هل رد الجميل بانتخابنا الإخوان للتخلص من مبارك هو القضاء علينا؟».
«الدستور الأصلي»، رصدت كذلك فى أثناء حضورها الاعتصام، وجودا مكثفا من قبل قوات الجيش أمام مبنى ديوان عام المحافظة لتأمين المبنى خشية حدوث أى اشتباكات أو مناوشات بين الأهالى، كما رصدت قيام أحد الأهالى بخلع أرقام إحدى سيارات الشرطة فى تعبير يعبر عن مدى كراهية الشعب البورسعيدى لهم، بينما وجد عدد كبير من الأطفال والنساء وكبار السن للمشاركة فى الاعتصام. رئيس هيئة موانى بورسعيد: الصمت والتجاهل الرئاسى سيؤديان إلى الفوضى
مطالب الأولتراس والأهالى ليست «كيمياء» ويسهل علاجها.. ومرسى ورث عداء مدن القناة من النظام السابق
«الدستور الأصلي» التقت اللواء أحمد نجيب شرف رئيس هيئة موانى بورسعيد، الذى خرج عن صمته فى أثناء حواره الساخن معنا حول آخر المستجدات التى تعانى منها موانى بورسعيد وتأثير الاضطرابات والعصيان المدنى عليها وكيفية تعامل عمال الموانى مع تلك الأزمة.
■ فى البداية.. نريد أن نتعرف على طبيعة العمل فى ميناء بورسعيد فى ظل العصيان المدنى الحالى؟
- أود أن أؤكد، أن حركة الشحن والتفريغ والواردات فى الميناء تسير بشكل طبيعى للغاية ومستمرة طوال اليوم ولا توجد أى شحنات متعطلة فى الميناء، ولكن تأثرنا بإغلاق أبواب الميناء وحركة البضائع من داخل وخارج الميناء بعد أن تلقينا تهديدات من الأولتراس بحصارهم الميناء، فظل عمال الورديات فى أماكنهم ولكن الموظفين والإداريين خرجوا فى دفعات حتى لا تحدث أزمة، وأود أن أقول الحمد لله أن الأحوال فى الميناء مرت بسلام حتى اللحظة الراهنة بعد تظاهرات أولتراس مصراوى أمام الميناء ولكن أخشى مما سيحدث فى الآونة القادمة، فهناك صعوبات فى حركة نقل البضائع والتريلات إلى داخل وخارج الميناء.
■ وهل ترى أن استمرار العصيان والاعتصام سيؤدى إلى تزايد خسائر الميناء؟
- بلا شك، فتكرار تلك العمليات التى أصبحت شبه يومية من قبل أولتراس بورسعيد والأهالى، سيؤثر على الميناء بشكل ملحوظ وسيؤدى إلى حدوث خسائر فعلية إذا استمر العصيان فى ظل امتلاء الساحات وهو ما سينجم عنه ضغط شديد ولكن معدلات التجارة فى الشحن والتفريغ تسير بمعدلات معقولة قياسا بالفترة الماضية ولا خسائر فى الموانى حتى الآن، فهناك شغب فى أغلب شوارع بورسعيد ولكننا نتعامل بنوع من التوازن والحكمة مع المتظاهرين، ونعتمد بشكل رئيسى على أعمال الورديات وحركة السفن وشركات النقل والتفريغ حتى تقليل حجم الأضرار التى تنجم عن تلك التظاهرات، وأود أن أؤكد أنه ليس هناك تأثر ملحوظ فى العمالة لا سيما الورديات التى تقوم بتشغيل أعمال الميناء، ونحن نتطلع إلى عودة الأمن والأمان إلى بورسعيد من جديد، فليس هناك عمال مضربون بالميناء بالشكل الملحوظ ولكنهم متضامنون مع مطالب البورسعيدية وحقوقهم التى ينادون بها منذ سقوط الشهداء فى الأحداث.
■ هل ترى أن تفاعل محمد مرسى وحكومته مع أزمة بورسعيد كان على المستوى المطلوب؟
- أعتقد أنه لو كان رد الفعل من قبل الدكتور محمد مرسى والدكتور هشام قنديل، على مستوى الأزمة لما تفاقمت الأمور ووصلت إلى ذلك الحد، وأود أن أقول إن استمرار الصمت والتجاهل الرئاسى والحكومى سيؤديان إلى الفوض، وما يحدث يسهل احتواؤه من قبل مؤسسة الرئاسة ولكن ترك الأمور على حالتها سيؤدى إلى أضرار خطيرة لا يحمد عقباها، فهى ليست «كيمياء» ويمكن إيجاد حلول سريعة وعاجلة لها، ولكن هناك تباطؤا واضحا من قبل المسؤولين وولى الأمر فى التفاعل مع تلك الأزمة.
■ هل تعتقد أن علاج القضية سهل رغم وجود دماء بين أهالى بورسعيد ومرسى وحكومته؟
- أعتقد أن تلك الأمور من الممكن حلها بسهولة إذا قامت الدولة بتنفيذ مطالب أهالى بورسعيد، وأرى من وجهة نظرى أنه منذ 25 يناير 2011 حتى الآن، تتخذ الدولة القرار بعد فوات الأوان، وأخشى من اتساع بؤرة التصعيد ومداه داخل بورسعيد، لا سيما مع اقتراب يوم النطق بالحكم على باقى المتهمين فى 9 مارس المقبل، فيجب امتصاص ما يحدث فى بورسعيد سريعا وإلا ستفور الدنيا فى المدينة الباسلة وسنبكى وقتها على اللبن المسكوب وسيحدث ما لا تحمد عقباه.