فول وعصائر ومخللات وجبن ومشروع للنقل أول الباعة الذين التقيناهم يتعامل مع الأكلة الشعبية المصرية الأولى: الفول، وعلى عربية من التى تحتل أغلب أحيائنا الشعبية. غادر سوريا بعد مغامرة قدر له فيها أن ينجو من الموت أكثر من مرة وحفظته العناية الإلهية حتى ترك بلدته فى ريف دمشق ليجد نفسه فى أقصى شمال النيل، يبحث عن مشروع صغير يوفر له قوت يومه ليقى نفسه مر السؤال، فاستقر على مشروعه الصغير «عربية فول» ويقول: بعد أن تعرضت للموت أكثر من مرة فى سوريا ما كان أمامى إلا الهجرة، ليس خوفا على حياتى بل محافظة على حياة أبنائى وزوجتى فلا يوجد عائل لهم غيرى، بعد معاناة كبيرة فى اللجوء إلى مصر استقر بى الوضع هنا داخل مدينة دمياط، فكرت فى العمل بأى مشروع يوفر لى سبل المعيشة، خاصة أنه كان لدى مطعم شعبى كبير فى سوريا، ولكن الظروف المادية بعد الرحلة الطويلة لم تمكننى من افتتاح مطعم هنا فما كان أمامى إلا أن أقتدى بالمصريين، فقمت بشراء عربية فول ولكننى أبيع عليها فول سورى وبعض المأكولات الشعبية السورية أيضا، والحمد لله كما توقعت هناك إقبال كبير على الأكل الشعبى السورى، وهذا أفضل بكثير من أن أنتظر مساعدات مكاتب الإغاثة، خاصة أن السوريين فى ريف دمشق عمليون لا يمكنهم الجلوس بدون عمل، ولهذا فإن عددا كبيرا ممن يقيمون المشاريع هنا من ريف دمشق . تاكسى الإخوة الثلاثة خارج حدود الوطن، التأقلم مع شعب آخر يبدو عملية صعبة وتحتاج إلى وقت، لكن التشابه بين الشعب السورى والمصرى يجعل منها مسألة سهلة، فكلاهما يحاول أن يمتهن بمهنته ويعيش الواقع كأنه فى بلده بالفعل، من غير المتوقع أن تجد سائقا سوريا يخوض شوارع مصر، لكن هذا ما فعله ثلاثة من الاخوة بعد وصولهم إلى مصر قرروا أن يعملوا فى نفس مهنتهم السابقة بسوريا، حيث كانوا يملكون مجموعة من السيارات يعملون عليها فى المدينة، وكان الأنسب إلى خبرتهم هو العمل بنفس المهنة، وقد اشتروا ثلاث سيارات ليعملوا عليها، فلا تتعجب إذا وجدت سائق سيارة يتحدث معك باللهجة السورية ويتأكد من الاتجاهات أكثر من مرة لأنه لم يحفظ طرق مصر جيدا بعد، فهو على الأغلب قد يكون أحد الإخوة الثلاث، الذين أكدوا أنهم استطاعوا الاعتماد على أنفسهم فى مشروعهم بالإضافة إلى أن خبرتهم ساعدتهم على عدم احتياجهم لأحد فهم يقومون بصيانة السيارات بأنفسهم بالإضافة إلى شهرتهم فى المدينة لخلقهم الطيب فى التعامل مع الزبائن، بالإضافة إلى المواقف الطريفة التى قد تحدث للسائق حيث أكد الإخوة على أن أهالى دمياطالجديدة يشجعونهم على مشروعهم، وأن المصريين أثبتوا أن المصرى والسورى إيد واحدة، فهم لا يشعرون أنهم غرباء فى المدينة، فقبل الخروج لسوق العمل درسوا كيفية التعامل دون أخطاء لأن مهنة القيادة ليست مهنة عادية فهى أكثر المهن التى تتطلب ذوقا وفنا فى التعامل مع الناس . خضار دمشق فى شوارع دمياط البحث عن الرزق لا يتقيد بنوع الوظيفية، هذا ما قام به «ج. ر.» السورى الذى لم يتجاوز عمرة الثلاثين عاما، كى لا يحتاج أبناؤه وأسرته إلى المساعدات، قرر أن يفترش أحد الأرصفة بالخضار والفاكهة على إحدى نواصى الشارع فى المجاورة 27 فى المدينة، تجده يعرض بضاعته ويعرف جميع الزبائن ويقول إن مكسبه جيد والحمد لله، لأن أهالى المدينة يعرفون أنه سورى، وأكثر زبائنه مصريون وليسوا سوريين، مشروعه كان أقل المشاريع التى تحتاج إلى المال والأكثر إقبالا أيضا، كما أن أبناءه يساعدونه فى حمل الخضار ورصه بشكل منسق على الناصية وتتردد عليه الكثير من السيدات، ويعد هو الوحيد الذى قرر أن يخرج من بين السوريين فى دمياط لبيع الخضار والفاكهة، ويذكر أنه كان لديه وكالة للفاكهة فى مدينة ريف دمشق الأشهر بنفس السلعة كما أنه وجد أن المهنة لا تحتاج إلى شروط سوى المعاملة الحسنة للزبون، وقد استطاع بالفعل أن ينجح، كما أنه يتواجد فى الصباح الباكر لأنه يعلم أنه الوقت الملائم للتسوق «والبركة فى البكور»، فبعد أن يذهب إلى الوكالة كل يوم من أجل جلب الخضار يسرع إلى مكانه المرتب ليبدأ عمله . عصائر بالطعم الشامى «بلال السورى» الأشهر فى شارع الصعيدى بالعصائر بالمكسرات والفواكه بالقشطة، مذاق منتجاته اختلف عن أى محل عصائر فى المدينة فإذا قررت زيارة دمياط فسوف يرشدك إليه العديد من أهالى المدينة، افتتح محل الآيس كريم والفاكهة بالمسكرات، يقول بلال: حضرت إلى مصر منذ خمسة شهور فقط، ومعى أسرتى هربا من الإبادة التى يمارسها النظام وتجاوزت فكرة الغربة لأننى لن أترك مصر ولن أعود إلى سوريا، فقد نجحت فى مشروعى، وهناك إقبال كبيرا على المحل من أهالى دمياط لأننى أضع على الفواكه والعصائر الخلطة السرية للمسكرات، وأيضا الشكولاتة فلا أبخل على كوب العصائر فى المحل للزبون وأقوم بصناعته بيدى من الفواكه الطازجة كما يساعدنى فى ذلك أخوتى و أقدم الآيس كريم بنفس الخلطة السرية والمذاق الجيد. ومن أكثر أسباب نجاحى أيضا تدعيم المصريين لى فى المكان وقمت بدعاية للمحل حتى يعرفنى أكبر عدد من السكان ومن المواقف الثابتة معى أن أى سورى يحضر إلى المدينة كساكن جديد يحضر إلى ويروى لى قصته فأقترح عليه أن يقوم بمشروع صغير حتى ولو كان فى الشارع بدون مضايقة أحد حسب ظروفه. الجبن الحلوم والتركمانى والمسبحة هواية أبو أحمد بالرغم من أن سنه تجاوزت الخمسين وأصبح بحاجة إلى الراحة والرعاية إلا أن ظروف الغربة قد أجبرته على العمل حتى لا ينتظر العطف والمن من أحد . أبوأحمد الذى يعمل بصناعة المخللات السورية، استغل هوايته فى أن تكون مشروعه فى مدينة دمياط وقام بالاشتراك مع أحد أصدقائه بالمال، لكن هو الذى يقوم بالصنع بيده، يقول أبوأحمد: حضرت إلى دمياط منذ سبعة شهور فقط بعد أن وصلت القذائف إلى دارى، هربت من سوريا بنفسى، وكنت أعمل فى منصب جيد فى سوريا لأنى حاصل على مؤهل عال، وبرغم هذا حين قدمت إلى مصر بعد العنف فى سوريا، وسوء الأحوال، فكرت فى المشروع الذى أهواه فأقوم بتصنيع كل شىء بيدى وجميعها سورية المذاق ومن أهم المنتجات التى أعرضها جميع أنواع الجبن السورية منها جبن «الشلل» وهى تأخذ شكل الطوابع، و«الحلوم» وهى أيضا تأخذ شكل القطع المربعة، والجبنة التركمانى أيضا، وجبنة اللبنة واللبنة المكورة وهى عبارة عن قطع من الجبن الصافى الذى يأخذ شكلا دائريا، وأقوم بوضعها فى زيت الزيتون وأقوم بعمل «المقدوس» وهى نوع آخر من الجبن والزبادى وهو اللبن «الرائب» لديكم فى مصر والزيتون الأخضر والزيتون الأسود، والمسبحة الشامية وهى الباذنجان المطعم بالخلطة السرية من المخللات السورية بإضافة زيت الزيتون علية و«الحمص الشامى» كما أعرض «الفلافل» السورية التى تتميز بإضافة «الكزبرة» والثوم وكل هذه المنتجات ليس لها زبائن مصريون بشكل كبير بل السوريون الأكثر إقبالا لأنهم يعلمونها جيدا، كما أننى أحرص على عرض المنتجات بشكل نظيف، وجيد ويشرف علينا مندوبو الصحة بشكل دائم قد يكون يوميا .