أكد الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء، أن الأوضاع الاقتصادية في مصر ليست على السوء الذي يتصوره البعض، مشددًا على أهمية إنفاق السيولة من أجل دفع الاقتصاد إلى الأمام، وتحدث قنديل في حوار معه نشرته صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية في عددها الصادر اليوم عن تطلعاته للبلاد في هذه المرحلة الانتقالية ودور المعارضة فيها. وعن تقييمه لما تحقق في مصر خلال العامين الماضيين قال "أحب أن أهنئ الشعوب العربية بذكرى هذه الثورة، لقد تحقق الكثير على الأرض، ولكن الذي تبقى أكثر؛ لأن طموح الشعب المصري في ثورته طموح عظيم، الثورة كانت لها شعارات «عيش.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية»، تحقق الكثير على الأرض، ولكن طموحات الشعب المصري لثورته وفي تحقيق الاستقرار والرفاهية والنمو الاقتصادي تتطلب الكثير والكثير من الجهد والعرق، وهذا ما نعمل عليه". وأضاف "من الناحية السياسية، بفضل الله تعالى لدينا رئيس منتخب مدني لأول مرة في تاريخ مصر الحديثة، وهذا أمر نفخر به جميعا، خلال شهر ديسمبر كان هناك الاستفتاء على الدستور، وهو أول دستور بعد الثورة. وخلال شهر فبراير المقبل سيبدأ الإعلان عن الانتخابات البرلمانية التي من المتوقع أن تنتهي في شهر مايو، وتكتمل معها المؤسسات الدستورية الديمقراطية، ويكتمل البناء الأساسي للديمقراطية، وأحب أن أؤكد أن هذا بناء أساسي، لأن الديمقراطية لها أكثر من ذلك؛ لأنها تتعلق بالشفافية والمحاسبة وحرية التعبير والمسئولية.. فحرية التعبير لا تأتي من دون مسئولية.. فكل هذه الأمور والممارسات تأخذ وقتا والتعود عليها أيضا يأخذ وقتا. وهذا شيء -إن شاء الله- مع الوقت سيتحسن. وتابع قنديل: نحن ندرك أن هذه مرحلة انتقالية، وطبيعة المرحلة الانتقالية، وميلاد بلد جديد عظيم له إرهاصات، وهذه الإرهاصات إن شاء الله تكون ميلادا لشيء عظيم. من الناحية الاقتصادية هناك تحديات كبيرة تواجه الاقتصاد المصري، سواء في عجز الموازنة، أو في ارتفاع نسبة الفقر ونسبة البطالة، لكن أيضا هناك فرصا كبيرة جدا للاقتصاد المصري". وعن كيفية تحقيق ذلك مع التحديات الكثيرة التي تشهدها مصر، قال: "هذه الفرص تتمثل في الموقع الإستراتيجي لمصر في التجارة العالمية، وتتوافر في السوق التي ليست فقط 85 مليون مصري، ولكن هناك الاتفاقات الثنائية والإقليمية التي تتيح للمستثمر في مصر سوقا تبلغ نحو ملياري نسمة في المنطقة العربية والآسيوية وأوروبا. الطاقة والضرائب والعمالة مقارنة بأوروبا تعتبر من 30 - 40 %، كل هذه الأمور تعمل على جذب المستثمرين، نحتاج في القريب العاجل الآن إن شاء الله أن ندخل السيولة على الاقتصاد من أجل معالجة عجز الموازنة". وأوضح قنديل أن "مصر بلد كبير، تحتاج إلى استثمارات وسيولة كبيرة؛ لأن عجز الموازنة كبير، فنحن -إن شاء الله- سنوقع اتفاقا مع صندوق النقد الدولي، ونتوقع وصول وفد الصندوق خلال الأسبوعين المقبلين، وبعثة الصندوق ستقدم 4.8 مليار دولار، ويكون معها نحو 10.5 مليار دولار من جهات دولية أخرى مثل البنك الدولي، والبنك الإفريقي، والاتحاد الأوروبي. وهذا الموضوع مرتبط ببرنامج الإصلاح المالي والنقدي الذي نعمل عليه في الوقت الحاضر، وهو برنامج وطني، وكل هذه الأمور ستساعد بلا شك على دفع الاستثمار، ولكن هذا يكون جنبا إلى جنب مع الاستقرار السياسي، ولا غنى عن الاثنين معا". وعن الأوضاع الاقتصادية، قال قنديل "ما يحدث في مصر ليس غريبا، وأي بلد تحدث فيه ثورة، تأخذ فترة التغيير والاستقرار سنوات طويلة، ولكن ما حدث في مصر والإنجازات السياسية إنجاز كبير، مع الأخذ في الاعتبار الفترة الزمنية، وحجم هذا البلد وموقعه، حيث التأثير السياسي والإستراتيجي كبير، إذن كانت هناك مخاطر، لكن هناك فرصا أيضا، فعلى سبيل المثال من يستثمر الآن في مصر هو بالتأكيد سيحصل على أسعار للأعمال والاستثمارات أقل بكثير مما سيكون عليه عندما يتحقق الاستقرار بالكامل. وأيضا هناك مناطق في مصر «غير متأثرة»، وما ترونه في الصور هو لمناطق محددة في أوقات بسيطة، وبأعداد محدودة. ولكي أكون واضحا، لا أقلل من قيمة واحد أو اثنين، كل واحد له قيمته، ولكن تأثيره على الاستثمار مختلف، وأعتقد أن الإعلام يضخم الأمور، ويصورها على أنها أكبر مما يوجد في أرض الواقع.. وإن شاء الله تتحسن الأمور مع الوقت، ونتعود جميعا على الممارسات الديمقراطية التي تحترم حق الاختلاف في الرأي، ونلتزم بسلمية المظاهرات ليتحقق الاستقرار الكامل بعد وقت قليل بإذن الله". وعن المظاهرات وصدامات في شوارع مصر قال قنديل "أكبر اختبارات الديمقراطية هي كيف ستعامل الأغلبية الأقلية؛ لأنهم جزء من الشعب المصري ولديهم آراؤهم، وقد تتحول الآراء من اتجاه إلى الآخر، ومن معه الأغلبية اليوم قد تتغير الأغلبية بعد ذلك، نحن مع سلمية المظاهرات، وإذا كانوا لا يرضون عن شيء فهذا حقهم، وهذه هي الديمقراطية وطبيعة الاختلاف، ولكن بالتأكيد نشجب العنف والتخريب ونتعامل معه بكل حزم؛ لأن الأمور لا تستقيم مع قطع الطرق، والحرق وغير ذلك.. الرسالة التي بعثتها وأنا هنا في دافوس، طلبت فيها من جميع القوى السياسية والأحزاب أن تعلن صراحة أنها ضد الشغب وضد العنف، لأن هذا أمر مرفوض. وأحيانا يقال: المتظاهرون اشتبكوا أمام مقر وزارة الداخلية، ولكن في الأساس لماذا ذهبوا إلى الداخلية؟! فإذا قام المتظاهرون برمي الطوب، فذلك يعني أنه ليس تظاهرا سلميا.. المتظاهر السلمي نحن نحميه ونؤيده، ولكن من يهاجم المنشآت ويحرقها يجب أن نتعامل معه بالقانون وبكل حزم".